الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مونتجمري: محمد.. حكيم بارع وأعظم أبناء آدم

مونتجمري: محمد.. حكيم بارع وأعظم أبناء آدم
6 يوليو 2015 20:00
أحمد مراد (القاهرة) مونتجمري وات، مستشرق بريطاني، ولد في 14 مارس 1909، عمل أستاذاً للغة العربية والدراسات الإسلامية والتاريخ الإسلامي بجامعة ادنبرة في أسكتلندا، ومن أشهر كتبه كتاب «محمد في مكة»، وكتاب «محمد في المدينة»، وفيهما دوّن عشرات الشهادات المنصفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. أسباب وجيهة يؤكد مونتجمري في إحدى شهاداته أن هناك أسبابا وجيهة للاقتناع بصدق محمد صلى الله عليه وسلم، إذ إن عزيمته في تحمل الاضطهاد من أجل عقيدته، والخلق السامي للرجال الذين آمنوا به، وكان لهم بمثابة القائد، وأخيراً عظمة عمله في منجزاته الأخيرة، كل ذلك يشهد باستقامته التي لا تتزعزع، ومن ثم فإن اتهام الغرب لمحمد بأنه دجال يثير من المشاكل أكثر مما يحل، ورغم ذلك فإنه لا توجد شخصيةٌ كبيرة في التاريخ حط من قدرها في الغرب كمحمد فقد أظهر الكتاب الغربيون ميلهم لتصديق أسوأ الأمور عن محمد ولا يكفي في ذكر فضائل محمد صلى الله عليه وسلم أن نكتفي بأمانته وعزيمته إذا أردنا أن نفهم كل شيء عنه، وإذا أردنا أن نصحح الأغلاط المكتسبة من الماضي بصدده، فيجب علينا في كل حالة- لا يقوم الدليل القاطع على ضدها- أن نتمسك بصلابة بصدقه، ويجب علينا ألا ننسى عندئذ أيضاً أن الدليل القاطع يتطلب لقبوله أكثر من كونه ممكنا، وأنه في مثل هذا الموضوع يصعب الحصول عليه، وهناك- على العكس- أسباب قوية تؤكد صدق محمد صلى الله عليه وسلم، ونستطيع في مثل هذه الحالة الخاصة أن نبلغ درجة عالية من اليقين، لأن النقاش حول هذه المسألة، يعتمد على وقائع ولا يمكن أن يتضمن خلافا في التقدير حول الأخلاقية. الأخلاق السامية ويقول مونتجمري في كتابه «محمد في مكة»: إن استعداد هذا الرجل- يقصد النبي- لتحمل الاضطهاد من أجل معتقداته، والطبيعة الأخلاقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه، واعتبروه سيداً وقائداً لهم، إلى جانب عظمة إنجازاته المطلقة، كل ذلك يدل على العدالة والنزاهة المتأصلة في شخصه، فافتراض أن محمداً مدعٍ افتراض كاذب، بل إنه لا توجد شخصية من عظماء التاريخ الغربيين لم تنل التقدير اللائق بها مثل ما فُعل بمحمد كلما فكرنا في تاريخه أوائل الإسلام، تملَّكنا الذهول أمام عظمة هذا العمل، ولا شك أن الظروف كانت مواتية لمحمد فأتاحت له فرصاً للنجاح لم تتحها إلا لقليل من الرجال، غير أن الرجل كان على مستوى الظروف تماماً، فلو لم يكن نبيا ورجل دولة وإدارة، ولو لم يضع ثقته بالله، ويقتنع بشكل ثابت أن الله أرسله، لما كتب فصلا مهما في تاريخ الإنسانية، ولي أمل أن هذه الدراسة عن حياة محمد يمكنها أن تساعد على إثارة الاهتمام من جديد برجل هو أعظم رجال أبناء آدم. توسع العرب وفي نفس الكتاب يقول: توسع العرب ليس شيئا محتوماً أو آلياً، وكذلك إنشاء الأمة الإسلامية، ولولا هذا المزيج الرائع من الصفات المختلفة الذي نجده عند محمد صلى الله عليه وسلم لكان من غير الممكن أن يتم هذا التوسع، ولاستنفذت تلك القوى الجبارة في غارات محدودة دون أن تؤدي لنتائج دائمة. ونستطيع أن نميز ثلاث هبات مهمة أُوتيها محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت كل واحدة منها ضرورية لإتمام عمله بأكمله، لقد أوتي موهبة خاصة على رؤية المستقبل، فكان للعالم العربي بفضله، أو بفضل الوحي الذي ينزل عليه حسب رأي المسلمين، أساس فكري أيديولوجي حلت به الصعوبات الاجتماعية، وكان تكوين هذا الأساس الفكري يتطلب في نفس الوقت حدساً ينظر في الأسباب الأساسية للاضطراب الاجتماعي في ذلك العصر، والعبقرية الضرورية للتعبير عن هذا الحدس في صورة تستطيع إثارة العرب حتى أعمق كيانها، وكان محمد صلى الله عليه وسلم رجل دولة حكيماً، ولم يكن هدف البناء الأساسي الذي نجده في القرآن، سوى دعم التدابير السياسية الملموسة والمؤسسات الواقعية، ولقد ألححنا خلال هذا الكتاب غالباً على استراتيجية محمد صلى الله عليه وسلم السياسية البعيدة النظر على إصلاحاته الاجتماعية، ولقد دل على بعد نظره في هذه المسائل الانتشار السريع الذي جعل من دولته الصغيرة إمبراطورية، وتطبيق المؤسسات الاجتماعية على الظروف المجاورة واستمرارها خلال أكثر من ثلاثة عشر قرناً. بصيرة رائعة وكان محمد صلى الله عليه وسلم، رجل إدارة بارعاً، ذا بصيرة رائعة في اختيار الرجال الذين يندبهم للمسائل الإدارية، إذ لن يكون للمؤسسات المتينة والسياسة الحكيمة أثر إذا كان التطبيق خاطئا متردداً، وكانت الدولة التي أسسها محمد صلى الله عليه وسلم عند وفاته، مؤسسة مزدهرة تستطيع الصمود في وجه الصدمة التي أحدثها غياب مؤسسها، ثم إذا بها بعد فترة تتلاءم مع الوضع الجديد وتتسع بسرعة خارقة اتساعا رائعاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©