الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فلاح بن بشر: المجالس الرمضانية مدارس لتعليم الأجيال

فلاح بن بشر: المجالس الرمضانية مدارس لتعليم الأجيال
7 يوليو 2015 11:04
لكبيرة التونسي (أبوظبي) يرى أن شهر رمضان المبارك وأجواءه الإيمانية وروحانياته تبعث على الالتزام في ممارسة الشعائر الدينية، وكذلك العمل والجد والاجتهاد بدلاً من الكسل والبقاء في المنزل، حسبما يفعل بعض أولئك الذين لا يرون في رمضان غير النوم والتراخي عن أداء أعمالهم . إنه فلاح بن بشر المستشار التراثي في القرية التراثية في أبوظبي، الذي يمضي أيام رمضان في رحاب وظيفته التي يحرص من خلالها على تعليم الشباب والنشء آداب المجالس والعادات والتقاليد الإماراتية الأصيلة، مؤكداً أنها تعتبر مدارس تتيح الفرصة للكبار لنقل حكايات الآباء والأجداد الذين تميزوا بالكرم والشجاعة والتعاون والتكافل في الماضي، خاصة في الشهر الفضيل، إلى الأبناء، كي يتسلحوا بهذه القيم الأصيلة في حاضرهم ومستقبلهم. بيوت بسيطة وعلى الرغم من انشغاله بالحديث مع مجموعة من السياح الأجانب خلال استقبالهم في الخيمة التراثية في القرية، بدأ ابن بشر يسترجع مشاهد في ذاكرته مرتبطة بالشهر الفضيل، ربما تكون قد استدعتها الأجواء الروحانية التي نعيشها هذه الأيام وجعلتها تعود من جديد. حول هذه الذكريات، يقول فلاح بن بشر: الأجواء الرمضانية في الماضي ارتبطت بالشجاعة والكرم وحب الآخرين، والقناعة والرضا رغم بساطة العيش، فقد كنت أعيش، وكثيرين من أبناء هذا الوطن في بيوت بسيطة من الطين والحصى في معظم أنحاء أبوظبي وبقية إمارات الدولة. أجمل الفترات لا يتوقف بن بشر خلال الشهر الفضيل عن عمله مستشاراً تراثياً في القرية بل يعتبر هذه الأيام فرصة لتعليم الشباب والأطفال السنع، والعادات والتقاليد الحميدة، التي يتميز بها الشعب الإماراتي، وتحث دائماً على أهمية احترام الوالدين والأقارب. ويحرص على الحفاظ على طقوس هذا الشهر الفضيل، من خلال الحكايات والقصص التي يرويها للجيل الحالي وتظل شاهدة على عصر قضى فيه أجمل الفترات كما يقول، مشيراً إلى أن شباب اليوم بدأ يبتعد عن العادات والتقاليد وبات يتجاهلها. ويضيف: «تعرف القرية التراثية في شهر رمضان نشاطا منقطع النظير، فهي تقدم العديد من الفعاليات للكبار والصغار وللسياح أيضاً، ولا تختلف هذه الأنشطة عن الأيام العادية، لكنها تكون مشحونة بجرعة روحانية ترفع طاقة المتلقي، بحيث نتحدث عن الكرم والشجاعة التي تميز بها الآباء والأجداد رغم بساطة العيش». بساطة وقناعة ويستطرد المستشار التراثي: أذكر وأنا طفل صغير أن والدتي خلال هذا الشهر الكريم كانت تجهز الأطباق لوجبة الإفطار مستعملة المتوافر من المواد في البيت، وتضعه في صحن كبير وقبل الأذان بفترة قصيرة تأمرني بأخذه إلى المسجد المتواجد في الفريج، ولا يقتصر هذا العمل على والدتي، بل يشمل كل نساء الفريج الذي يتكون من أكثر من 20 بيتاً، وهذه دلالة على التكافل والتضامن والإحساس بالآخرين، وكان رمضان بالنسبة لنا يشكل البهجة والفرحة، بحيث كنا نتسابق على الصوم ونحن صغار ونتنافس في حفظ القرآن، واعتبر رمضان أيضاً فرصة للتجمع وتزاور الأهل وتقاسم الفرحة.. كنا نعيش مع بعضنا البعض حياة جميلة يغلب علها طابع البساطة والقناعة». طقوس العيد ويشير إلى أن عيد الفطر في الماضي، كان من المناسبات المهمة التي يحضرها الأهل والأحباب ويظهر فيها الصغير احترامه للكبير، كما كان يشكل فرصة للتواصل وتعلم طقوس الاستقبال والترحيب والضيافة، مؤكداً أن شباب العائلة كانوا يحضرون المجالس ولا يغادرونها قبل مغادرة الوالد أو كبير العائلة، ويقومون بخدمة الجميع. ويرى أن هذه العادات بدأت تتراجع عند شباب اليوم موضحاً ذلك بقوله: «في صباح العيد كنا نرافق الوالد لزيارة كبير الفريج، الذي يلتف حوله الجميع، ونذبح الذبائح، وتعم بهجة العيد على الكل، أما اليوم فإن هذه العادات بدأت تختفي وتقل وتيرتها مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحنا نشعر بغربة خلال هذا اليوم العظيم، فأغلب الشباب اليوم يفضلون قضاء يوم العيد مع رفاقهم، أو السفر خارج المدينة أو الدولة، ويكتفي بالمعايدة عن طريق رسالة إلكترونية، وهذا الأمر يحز في نفسي كثيراً، ومن خلال عملي بالقرية التراثية أحاول أن أقدم رسالة لهذا الجيل من الشباب والشابات للحفاظ على عاداتنا، وتقاليدنا واحترام مشاعر كبار السن الذين كان لهم فضل كبيراً علينا». ويؤكد أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت سبباً رئيساً في التباعد الأسري، حيث بات التعامل حالياً بين الأهل والأصدقاء عبر هذه الوسائل الإلكترونية. صورة إنسانية ولا يكتفي بتعليم الأطفال والشباب أصول الضيافة التي تعكس الكرم الإماراتي، بل يفخر بنقل صورة عن إنسانية الآباء والأجداد، ومدى حرصهم على التراث لإيمانهم بأن من ليس له ماضي ليس له حاضر، ويشير في هذا الإطار إلى أن الآباء والأجداد كانوا يحرصون في رمضان على إعداد موائد الإفطار للعمال والمزارعين الذين كانوا يعملون معهم، حرصاً على نيل الثواب والأجر، وتحقيقاً لمبدأ التكافل والتراحم بين الجميع. ويلفت المستشار التراثي في القرية التراثية في أبوظبي إلى أن القرية في رمضان تستقبل العديد من الزوار الأجانب الذين يحرصون على التعرف إلى ماضينا الجميل ومفردات الموروث الشعبي الغنية التي تشير إلى نظام العيش في الماضي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©