الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

العلاقة بين رجلي الدين والسياسة: استقلالية أم استقالة؟

العلاقة بين رجلي الدين والسياسة: استقلالية أم استقالة؟
24 يوليو 2014 14:39
الدكتورة حياة اليعقوبي* ما هي العلاقة التي تربط بين رجل الدين والسياسة، وهل هي في جوهرها علاقة استقلالية أم استقالة حيث ترى أن معالجة العلاقة بين رجل الدين والسياسة يفترض منا طرحاً في مستويين الأول واقعي والثاني نظري راديكالي؟ أولاً: إننا إزاء مجتمعات لرجل الدين فيها صورته المتجذرة في المخيال الاجتماعي وبالتالي له دوره الفاعل الذي يستمد من قيمة الدين في هذه المجتمعات. وهو دور رأيناه يطرح إشكالات أكثر حدة في ظل ما سمي بثورات الربيع العربي خصوصاً في مجتمعات رأت في سقوط أنظمة الاستبداد فرصة لرد الاعتبار للدين وبالتالي لدور رجل الدين فيها. ولا يمكن بأي حال أن نفصل رجل الدين عن المخاض السياسي في واقع الانتقال الديمقراطي. ثانياً: إن الاعتقاد في استقلالية رجل الدين أو عدم استقلاليته السياسية هي نتاج طبيعي لإشكال لايزال طرحه يمثل مسألة شائكة حد العنف: مسألة العلمانية، فالمسألة لا تتعلق بمجرد موقف سياسي لرجل الدين بل بنظام اجتماعي وسياسي يحدد واقع المجتمع المتدين ومساره ويضبط علاقته بربه في الدنيا والآخرة، فنحن إذن إزاء سلطة بقدر تشابكها بسلط أخرى تبقى الواجهة الأكثر تأثيراً في ظل مجتمع مازال الدين مجالا للمعرفة مفوضاً بالكلية لرجل الدين وبالتالي دائرة لاحتكاره بامتياز. وبعيداً عن التأصيل التاريخي لانغماس رجل الدين في السياسة في عالمنا العربي وهو انغماس غلب عليه طابع رجل البلاط ، فإنني أرى في رجل الدين ذلك المثقف الذي لا يمكن أن يكون بمعزل عما يحدث في الواقع وخصوصيات الواقع لا يمكن إلغاء تنافذها. فلا يمكن لرجل الدين ألا يدعو إلى السلم والعدالة والمساواة وأن يقف ضد الاستغلال والظلم وتفقير الشعوب واستعبادها ولا يمكن لرجل الدين ألا ينتصر لحقوق الإنسان وللقضايا العادلة داخلية كانت أو خارجية. لكن الانخراط في المقابل في دائرة سياسية بعينها وتوظيف السلطة الدينية للترويج لها هو في رأيي لا يشرع فقط للاستبداد السياسي والاجتماعي بل للوصاية الدينية التي تلغي تلك العلاقة المباشرة بين العبد وربه، بكل ما يؤدي له ذلك من رهاب تعيش شعوبنا يومياً على إيقاعاته. * باحثة وأستاذة جامعية بالمعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©