الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المرأة تنتقم من الرجل في أعمالها الأدبية

المرأة تنتقم من الرجل في أعمالها الأدبية
18 فبراير 2009 23:05
تحظى كتابات النساء بخصوصية عند مقارنتها بكتابات المبدعين الرجال حيث تمثل المرأة بعوالمها المتعددة المحور الرئيسي لهذه الكتابات ويأتي الرجل على الهامش او مكملا للاحداث وربما يكون هذا عن قصد من جانب المرأة المبدعة·· ومن هنا كانت اهمية الندوة التي عقدت بالقاهرة بعنوان ''صورة الرجل في الكتابة النسائية'' وشارك فيها مجموعة من المبدعات والناقدات وسيطرت عليها نبرة الهجوم على الرجل الذي يقهر المرأة في الحياة لتنتقم هي منه في أعمالها الابداعية· وقالت الاديبة فوزية مهران، مديرة الندوة، ان الرؤية اهم شيء في العمل الادبي والكاتب او الكاتبة لا يصوران الواقع كما هو بل حسب رؤيتهما له، وينبغي ان يشد الادب الحياة الى الامام ويجعلها اجمل وانبل من خلال تقديم شخصيات تتسم بالجدة ويتم التعبير عنها ببساطة وصدق· واضافت ان صورة الرجل في أدب المبدعات والكاتبات موجودة بقوة منذ خمسينيات القرن العشرين وقد اختلفت هذه الصورة من جيل إلى جيل حسب الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وينبغي ان تكون شخصية الرجل في ابداعات المرأة حسب سياق الحدث الذي تدور فيه الرواية أو القصة وان تتوفر في الشخصية اسباب الحياة ولا تكون مجرد فكرة أو صورة مجردة· واكدت ان الكاتبات في جيلها على الاقل مثل لطيفة الزيات وسلوى بكر وغيرهن نجحن في تصوير شخصية الرجل من خلال السرد والمواقف والاحداث ويتضح ذلك في رواية لطيفة الزيات ''الباب المفتوح'' حيث شخصية استاذ الجامعة المتناقض وقدمت فوزية في روايتها ''بيت الطالبات'' الكاتب التقدمي الذي يكتب عن التقدم بينما هو رجعي وتقليدي في حياته وكذلك صورت سلوى بكر شخصية المثقف المجادل في قصتها ''كيد الرجال''· وقالت فوزية مهران ان الامور اختلفت الان حيث اثرت العوامل الاقتصادية الصعبة على العلاقات بين الرجل والمرأة وهو ما انعكس على ابداع الكاتبات حيث ظهرت في اعمالهن صورة الرجل المستبد في مواجهة المرأة المقهورة والتركيز على تناقض الرجل في مواقفه حيال النساء معتمدا على قناعته بالتفوق كرجل وهو ارث مجتمعي مغلوط نأمل استئصاله ويظهر جيل جديد من الكاتبات يكتب عن الرجل بايجابية في علاقته بالمرأة· واستعرضت د· سوسن ناجي رضوان، استاذ الادب العربي بجامعة المنيا، ابداعات المرأة المصرية ونظرتها للرجل في جيل لطيفة الزيات ونوال السعداوي وجاذبية صدقي واعتدال عثمان قائلة ان هؤلاء الرائدات نجحن من خلال اعمالهن في التعبير عن طبيعة العلاقات القائمة بين الرجل والمرأة وخروج المرأة للعمل وتعليمها وتثقيفها ولكن الردة التي حدثت للمجتمع في السعبينيات أدت إلى وجود خلخلة في الوعي لدى المجتمع واثرت على المثقفين والمبدعين بشكل عام وجعلت المرأة المبدعة تتمحور في ابداعاتها حول ذاتها وهو ما يعبر عن المأزق الذي نعيشه· وتحدثت الشاعرة والاديبة عزة بدر عن صورة الرجل في العلاقات العاطفية في جيل المبدعات الجديدات من خلال رصد هذه الصورة في 14 قصة ورواية من ابداعات الاجيال الجديدة قائلة: ان العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة تأتي في مقدمة اهتمامات جيل الكاتبات الجديدات ويمكن القول ان الرجل هو الحاضر الغائب دائما في معظم الكتابات الجديدة وذلك من خلال التركيز على احاسيس بطلات الاعمال الابداعية تجاه قصة حب منتهية او المطاردة مع الانثى العاشقة لتتحول تلك المطاردة الى عذاب يهدد الانثى بعدم التحقق او الاكتمال او غياب الحبيب او رفضه او الحنين اليه· واضافت ان الرجل في معظم هذه الكتابات يؤكد معاناة المرأة، وهناك تأكيد لوجود الرجل في الاسرة ولكنه وجود لا محل له من الاعراب، وبعض الاعمال تؤكد حضور الرجل بشكل مثالي وخيالي بعيد عن الواقع، وقد جاءت صورة الرجل في بعض الكتابات شائهة· وحول صورة الرجل في روايتها قالت د· سحر الموجي، استاذ الادب الانجليزي بجامعة القاهرة، ان المحور الرئيسي لأي كاتبة هو ذاتها والذوات الانثوية الاخرى فهذا ملعبها الذي تجيد اللعب فيه ولكنها ارادت الفكاك من ذلك وتحدي نفسها بالاقتراب من منطقة الرجل فروايتها الاخيرة ''نون'' تصور الرجل مثلما تتصوره هي وكان عندها الوعي بأنه لابد ان يكون بطل الرواية الرجل واقعا تحت ضغوط تقهره مع اخرين فدائرة القهر تلف الجميع رجالا ونساء دون تفرقة· واضافت انها قدمت نوعين من الرجال في روايتها الاول هو الحبيب او الزوج المصاب بازدواجية ولا يقدر على التصريح او المواجهة والنوع الثاني يتمثل في الاب المتسامح الصوفي الذي يستوعب ابنته بطلة الرواية وكان التحدي امامها ان تقترب من تصوير العلاقة بين النساء الثلاث بطلات الرواية وبطل الرواية حسام والذين تجمعهم صداقة ويسعى كل منهم الى البحث عن ذاته· ألف ليلة وليلة مصدر الإلهام للأدب العالمي بمناسبة مئة عام على أول طبعة عربية حلمي النمنم نظم معرض القاهرة للكتاب ندوة لمناقشة كتاب ''ألف ليلة وليلة'' بمناسبة مرور مئة سنة على صدور الطبعة الأولى في مصر، وأدار الندوة د· مصطفى عبدالغني وشارك فيها كل من د· حسين حمودة ود·محمد عبدالتواب الأستاذان بجامعة القاهرة· ''ألف ليلة وليلة'' مجموعة من القصص الشعبية تبلغ حوالي مئتي قصة تتداخل لغتها بين الفصحى والعامية وتتخللها نحو 1420 مقطوعة شعرية، يرى النقاد أنها مصطنعة وضعيفة، مما جعل البحث في أصل الليالي صعباً جداً، فقد ذهب البعض إلى أنها من أصل فارسي باسم ''هزار افسان'' وتعني الخرافة، وهناك من رأى أنها من أصل هندي، لكن فريقاً من الباحثين يقطع بأنها من اصل عربي؛ لأن فيها حكايات بغدادية وعامية اهل بغداد وحكايات قاهرية وتضم عامية اهل القاهرة الى جوار الفصحى مما يقطع في رأي البعض انها تكونت عبر عصور مختلفة وكانت تتم الاضافة اليها· د· مصطفى عبدالغني ذهب الى أن ليالي الف ليلة تعكس الهوية القومية في الثقافة العربية، فهي تقدم المجتمع العربي بمختلف اطيافه ومن مدينة الى اخرى خاصة بغداد والقاهرة؛ ولذا فإن الليالي مصدر مهم للشخصية القومية في ثقافتنا العربية· وأكد انها عربية الطابع والروح والكتابة ولا صحة لما قيل عن اصلها الفارسي· د· محمد عبدالتواب ذهب الى ان ليالي الف ليلة اثرت في معظم المبدعين العرب المعاصرين وسيطرت على الرواية العربية في بواكيرها الاولى اي قبل رواية ''زينب'' للدكتور محمد حسين هيكل ـ صدرت سنة 1913 ـ فهناك منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر محاولات روائية وتأثر معظمها بالف ليلة في طريقة القص والحكي، ذلك ان الليالي تقوم على حكاية تتولد منها حكاية اخرى وهكذا وكذلك كان يكتب الروائيون العرب الاوائل وحرص كل روائي على ان يعد مقدمة لروايته تكون ملأى بالوعظ والاخلاقيات، مؤكدا ان روايته تهدف الى ترقية الاخلاق العامة وتطهير المجتمع من المفاسد والرذائل الاخلاقية وذلك ان ليالي الف ليلة نظر اليها في المجتمع العربي وبين المحافظين تحديداً على انها تقدم حكايات بذيئة وتدعو الى التهتك الاخلاقي وكأن كل روائي اراد ان يقول للقارئ وللمجتمع عموماً انه لا يقدم شيئاً مثل الليالي· د· حسين حمودة اكد ما ذهب اليه د· مصطفى عبدالغني من ارتباط الليالي بالهوية العربية، فهي تشبه فن الارابيسك من حيث انه وحدة اساسية تتفرع عنها وحدات اخرى متشعبة، وهكذا الليالي لذا يجب استخدامها في بناء الهوية العربية وتدعيمها· وليالي الف ليلة تأثر بها كبار الكتاب شرقاً وغرباً، في الغرب أسس عليها تشيكوف ونجد لديه حكايات بناها بنفس بناء حكايات الليالي وتأثر بها الى حد بعيد وكذلك بورخس، اما في ادبنا العربي فحدث ولا حرج·· نجيب محفوظ وضع عملاً سماه ''ليالي الف ليلة'' وكان متأثراً بطريقة الحكي في الليالي، وهناك مقارنات مهمة بين الحكي المحفوظي وحكي الليالي، وتأثر بها كذلك طه حسين، فالايام كتبت على طريقة الليالي، فضلاً عن انه وضع رواية سماها ''احلام شهرزاد'' جعل من شهرزاد بطلة الليالي هي بطلة روايته ويحيى الطاهر عبدالله قدم صياغات جديدة للعناصر الفنية في الليالي· قال د· حموده إن نجيب محفوظ شبه الليالي برائعة مارسيل بروست ''البحث عن الزمن الضائع''، حيث يضم العمل جزءاً من المخيلة الانسانية ويخاطب العملان المنطقة الطفولية التي لم تغادرها الانسانية بعد وهي تضم تساؤلات عن الزمن وعن المعنى في حياة الانسان وهي محاولة لاقتناص الجوهر الانساني بغض النظر عن الزمان والمكان· وحذر د· حسين حمودة من الفهم السائد لدى البعض من ان الليالي ليست سوى تسجيل للقهر وللتسلط الذكوري الواقع من الرجل على المرأة الشرقية هذا موجود فعلاً في الحكاية الاولى، لكن بقية الحكايات تضم شتى مناحي الحياة الثقافية والفكرية وتقدم نماذج رفيعة لجوار ونساء تفقهن في العلم والمعرفة وعزف الموسيقى وقرض الشعر وغير ذلك· واعترض ايضاً على قول د·مجد عبدالتواب ان رواية د· هيكل ''زينب'' ليست الرواية العربية الاولى، وقال بل هي الرواية الاولى بامتياز، اما النصوص السابقة عليها مثل ''غابة الحق'' لفرانسيس فتح الله وأعمال زينب فواز، هي نصوص من باب الحكي ولكنها ليست روايات بالمعنى الفني والادبي· يذكر ان ليالي ''الف ليلة وليلة'' من اشهر الاعمال العربية في الادب الانساني والعالمي، فشخصيات مثل '' السندباد البحري'' و''علاء الدين'' و''الشاطر حسن'' و''علي بابا والاربعين حرامي'' هي شخصيات انسانية عرفها ادب الانسانية نقلاً عن الليالي، واستخدمها شكسبير موضوعاً لمسرحيته ''العبرة بالنهاية'' واقتبس الكاتب الايطالي الشهير بوكاشيو منها الكثير في كتابه ''الايام العشرة'' وعلى نهجه سار شوسر، الذي كتب قصص ''كانتو بوري'' والليالي عالم اسطوري ساحر، كان مصدراً للكثير من الرسامين العالميين والموسيقيين وصارت ''شهرزاد'' شخصية عالمية ونذكر رائعة الموسيقار كورساكوف ''شهرزاد'' تأثرا بالليالي· وترجمت الي معظم لغات العالم، وصدرت اول طبعة منها عام 1814 بعنوان ''حكايات الف ليلة وليلة'' وكانت تلك الطبعة للجزء الاول فقط، اما الجزء الثاني فصدر عام 1818 ونشره الشيخ احمد بن محمود شيرواني اليماني وكانت في الهند وتحديداً في كلكتا وصدرت اول طبعة في العالم العربي منها في القاهرة وهي الطبعة المعتمدة الى اليوم في معظم البلدان العربية، حيث طبعت في بغداد ودمشق وبيروت وتونس وغيرها ثم صدرت طبعات مبسطة منها وكذلك تحولت الى مصدر لقصص الاطفال العربية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©