السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الحكومة الكويتية الجديدة·· والتوازن بين الليبراليين والإسلاميين

11 يوليو 2006 01:21
السعد عمر المنهالي: ها قد أوشك العد التنازلي على الانتهاء، ولم يبق سوى يوم غد وتتوقف كل التكهنات حول الطريقة التي سيدير بها مجلس الأمة علاقته بالحكومة الجديدة التي ستتحكم بتسيير دفة السلطة التنفيذية مستقبلا· وخلال الأيام الماضية منذ أن كلف أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح رئيس الحكومة السابق الشيخ ناصر المحمد الصباح مهام تشكيل الحكومة المقبلة، زادت التكهنات وارتفعت الاصوات ترجيحاً لشخصيات واسبعاداً لأخرى كانت في الحكومة السابقة، وتحدث الجميع دون استثناء حول الطريقة التي يجب ويمكن ان تتعامل بها الحكومة مع معطيات نتائج الانتخابات التي جرت في التاسع والعشرين من يونيو الماضي· وبالفعل جاءت نتيجة التشكيل الوزاري بطريقة تؤكد إلى حد ما تجاوب السلطة مع معطيات الواقع السياسي الشعبي في المرحلة الراهنة، ولكن هل هذا يعني أن المرحلة المقبلة ستشهد دورة تشريعية تبدو فيها السلطة التنفيذية أقل من التشريعية، وهل ستسمح الحكومة بهذا الواقع، وكيف ستتعامل معه، هذا ما سنحاول الإجابة عليه من خلال السطور التالية· توازنات قوى نجحت قضية إصلاح الدوائر الانتخابية والقضاء على الفساد التي رفعها النواب المرشحون لدخول مجلس الأمة 2006 في استثارة الرأي العام الكويتي، فحصدوا من أصوات الناخبين ما يضمن لهم قوة حقيقية فاعلة في الفترة التشريعية المقبلة، غير أن هذه القوة تظل رهنا بمدى التوافق السياسي بين الكتل الإسلامية والليبرالية، هو التوافق الذي يمكن التأكيد على انه سينتهي بلا أدنى شك في حالة تجاوب الحكومة الكويتية مع المطالبة بتعديل النظام الانتخابي· سيكون لزاما على الحكومة الكويتية أن تبعد شبح أزمة التعاون مع مجلس الأمة والنزول على رغبة الشعب -التي تأكدت بنتائج الانتخابات- بتقليص الدوائر الانتخابية، لاسيما بعد أن تسبب ذات الملف بحل المجلس السابق، وذلك ليس لسبب إمكانية ثانية لحل المجلس الجديد إذ أن هذا الخيار غير متاح دستوريا، إنما لإعادة التوازن بين السلطتين التي يبدو أنهما اختلتا بعد أن استطاع مجلس الأمة فرض شروطه سواء بالتخلص من وزراء التأزيم - كما اتفق الإعلام الكويتي على تسميتهم-، وهو ما تأكد من خروج العناصر الحكومية التي اتفق عليها الجميع من الوزارة الجديدة، والنزول على رغبته في ملف إصلاح الدوائر· ويبدو كما تؤكد طبيعة اللعبة السياسية أن هناك إمكانية لإعادة القوة للحكومة الجديدة في حالة نجاحها باختراق الكتلة التي عادت من جديد وبشراسة وتوعد وبسند شعبي كبير، وذلك بضرب وحدة هذه الكتلة عن طريق إثارة القضايا محل الجدل الفكري بين التيارين الرئيسيين في المجلس وهما الإسلامي والليبرالي، فهل ستنجح الحكومة في إدارة اللعبة السياسية بما يحقق التوازن المطلوب لإدارة البلاد خلال الفترة المقبلة؟، وإن حدث، فما هي خياراتها في ذلك؟! المرأة··· من جديد عندما اعنلت نتائج الانتخابات الكويتية فجر الثلاثين من يونيو الماضي خرجت أغلب التحليلات لتؤكد فوز كتلة الـ29 ذات التوجه الإصلاحي، في حين رأى آخرون أنها نتائج في صالح نواب التيار الإسلامي، وهي القراءة التي أعتقد أن الحكومة الكويتية ستفضلها على الأخرى، فقد استطاعت حكومات كويتية سابقة أن تعقد صفقات سياسية ناجحة وبجدارة مع هذا التيار، وهي خبرة تاريخية أتقنتها السلطة في الكويت وأثبتت جدواها في عمر التجربة الديموقراطية، سواء بتوزير شخصيات محسوبة عليه في الوزارات المهمة كالتربية والإعلام، أو الالتزام بتوزير شخصيات محافظة ومقبولة له، وغيرها من الوسائل التي لا يمكن اعتبارها شاذة في العمل الديموقراطي كونها من أدوات اللعب السياسي المعروفة في العالم· غير أن الجديد المتوقع مستقبلا، أن السلطة التي سعت لمنح المرأة الكويتية حقوقها السياسية بعد معارضة طويلة مع هذا التيار، ستجد في هذه القضية وسيلة لعقد صفقات جديدة تستطيع عن طريقها استمالة الإسلاميين في المجلس إلى حد ما وهو ما يمكن أن يخرق التوافق المؤقت بينهم وبين الليبراليين، لاسيما وأن لبعض رموز التيار الإسلامي موقفا خاصا لازال بعض أعضائه يتزمتون بشأنه رغم انتهاء الخلاف القانوني حول الأمر! وليس أدل على هذا ما توارد في الأيام الماضية والتي سبقت تشكيل الحكومة من الحديث عن سعي الإسلاميين لإثارة موضوع ''الضوابط الشرعية'' التي يجب أن تلتزم بها أي مرشحة امرأة للحكومة، مما يعني أن على الحكومة الجديدة أن تعتني في اختيار الشخصيات النسائية التي ستقدمها للتعامل مع المجلس لتتوافق مع تطلعات التيار الديني، وهو ما لا سيكون بالتأكيد مجانا، فالصفقات السياسية لها أثمان، وهو تماما ما حدث، فرغم بروز اسماء نسائية مهمة تحدث عنها كثيرون انها ستوزر في الحكومة، إلا ان التشكيل الوزاري الجديد لم يأت بأي منها، وكل ما حدث ان الوزيرة معصومة المبارك -محجبة- بدلت حقيبتها وزارة التخطيط، بحقيبة وزارة المواصلات، وهو ما يعني إلى حد كبير تجنب المواجهة المباشرة مع التيار الإسلامي لو عرضت أي شخصية نسائية أخرى، كالطبيبة ''فريدة حبيب'' التي راج الكثير من الكلام حول توليها وزارة الصحة· بالتأكيد لن تكون المرأة الورقة الوحيدة التي يمكن أن تكسر الوفاق السياسي بين الإسلاميين والليبراليين، غير أنه ومع اختلاف إحداثيات هذا المجلس التي ساهمت النساء بنسبة لا تقل عن 40 بالمائة في وصول أعضائه، ستنعكس قضاياها التي وعد مرشحو التيار الليبرالي في إثارتها وحلها في حال وصولهم الى البرلمان، وهو وعد عليهم تحقيقه لاسيما إذا وضعوا نصب أعينهم انتخابات تشريعية مستقبلا لبرلمان ،2010 وهي قضايا بالتأكيد ستصعد من الخلاف الفكري بين التيارين، لاسيما إذا كان الحديث عن تغييرات في قانون الأحوال الشخصية وتشريعات جديدة قد لا يرضى عنها الإسلاميون· ستظل المرأة لفترة مقبلة محل جدل سياسي داخل المجلس، وهو جدل يعطي السلطة ورقة لإيجاد مساحة للحركة في محيط معارض، لإثارة شقاق بين تيارين متناقضين جمعتهما قضية واحدة، وتفرقهم قضايا أولها المرأة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©