الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فرحة الشهر الفضيل تتوارى خلف اضطراب الشارع في مصر

فرحة الشهر الفضيل تتوارى خلف اضطراب الشارع في مصر
9 يوليو 2013 00:06
تتوارى فرحة المصريين بقدوم رمضان هذا العام خلف الشكوى من الارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية، وتزايد معاناتهم من تكرار انقطاع التيار الكهربائي وتفاقم أزمة البنزين والسولار وتأثيرها على حركة نقل السلع بين المحافظات ومدى توافرها في الأسواق، ناهيك عن رصدهم بعين الحذر للوضع المتوتر بين القوى السياسية خشية الدفع بالبلاد لدائرة العنف والفوضى. حالة التوتر الشعبي أسهمت وللمرة الأولى منذ سنوات كثيرة في تأخر مظاهر شهر رمضان عن الشارع المصري. ففي السابق كان هناك فلكلور شعبي يشعر من خلاله الجميع بقرب قدوم شهر الخير يبدأ من الأسبوع الأول من شهر شعبان، حيث يتسابق التجار في عرض بضائعهم من سلع غذائية وملابس وفوانيس في الشوارع والميادين وتزيين واجهات المحال باللمبات الكهربائية وتعليق لافتات تحمل الترحيب بقدوم شهر الخير والبركات، إلى جانب الإعلان عن توفر السلع بأسعار لا تقبل المنافسة ودعوة الجماهير للزيارة والمقارنة. وأيضا ظهور أفران الكنافة على نواصي الميادين إلى جانب اهتمام الشباب والأطفال بتزيين واجهات بيوتهم وشوارعهم بزينة رمضان، مما كان يضفي حالة من البهجة ينتظرها المصريون من العام للعام ولكن هذا العام اختفت تلك الصورة تقريبا وان بقيت فرحة قدوم رمضان في القلوب. وضع مضطرب يقول محمد سلامة (54 سنة)، تاجر سلع غذائية: الناس خائفون من الغد والوضع السياسي المضطرب والأمني المتدهور وكثرة المظاهرات، كل هذا أدى إلى أن كل تاجر بات يخشى على بضاعته فلو فعل مثل كل عام ووضعها في شادر بشارع أو أمام واجهة محل ومرت مظاهرة أو نشبت مشاجرة بين الناس بسبب اختلافاتهم السياسية فكيف يكون مصير بضاعته تلك لاسيما وان توتر الأوضاع لا يترك وقتا لتاجر مهما كان عدد العاملين معه للملمة بضاعته وغلق المحل مما يعني أنها ستكون عرضه للتكسير والسكب على الأرض أو للسلب والنهب ولذا فإن الحيطة والحذر شعار المرحلة. ويقول يوسف عبدالله تاجر عطارة: شهر رمضان كان موسما كبيرا ننتظره من العام للعام لتصريف منتجاتنا من الياميش والمكسرات وقمر الدين والعرقسوس والتمر هندي، ولكن هذا العام لا يوجد تاجر في مصر إلا وتأثر سلباً بتلك الحالة التي عليها البلد فحركة البيع مصابه بالركود والشلل فالأسعار ارتفعت فجأة سواء للمنتجات المحلية أو المستوردة. والناس «مخنوقون» ولا يشترون إلا للضرورة وبكميات محدودة. فرحة قدوم رمضان وأشارت جميلة عبدالسلام «مهندسة كمبيوتر»، إلى أنها حرصت مع زوجها الأستاذ الجامعي على أن يشعر الأبناء بفرحة قدوم رمضان بأن خصصوا يوما للخروج فيه إلى منطقة وسط القاهرة وشراء احتياجات رمضان من ياميش ومكسرات وفوانيس، وقالت: الأسعار نار وهو ما دفعني وزوجي إلى تقليل الكميات التي اعتدنا شراءها في السنوات الماضية إلى النصف تقريبا كي لا نضيع على أنفسنا فرحة استقبال الشهر الكريم والتي لا تتكرر إلا من العام للعام. وأضافت: لاحظت خلال ترددي على الأسواق أن جانبا من الأزمة التي تعيشها مصر يرجع إلى استغلال بعض ضعاف النفوس من تجار السلع الغذائية لحالة الاضطراب والتوتر التي يمر بها البلد، فقاموا بزيادة الأسعار وفقا لأهوائهم والتذرع بارتفاع الدولار وقلة الوقود وانقطاع الكهرباء وهي جميعها أعذار لا تمنحهم المبرر لزيادة الأسعار لأكثر من 50 في المئة على ما كانت عليه في العام الماضي. وتقول إن أسعار سلع أساسية كاللبن والجبن والخضراوات ارتفعت رغم أنه لا علاقة لها بسعر صرف الدولار ولا بالمظاهرات والسياسة! جشع التجار وتقول حنان عبد الجليل (43 سنة)، ربة منزل وأم لأربعة أبناء: جشع التجار والمظاهرات أفسدت علينا مظاهر الاحتفال بشهر رمضان ونتعامل مع قدومه بالورقة والقلم ونحسب كل حاجة كم تتكلف وهل الأموال التي معنا تكفي أم لا لاسيما وأننا لو تعثرنا فلن نجد من يقرضنا فغالبية من نعرفهم من الأهل والأصدقاء أحوالهم تأثرت وبات الكل يحسبها وحتى من معه مال يتردد كثيرا قبل أن يقرض أحدا خشية ألا يستطيع السداد. وأضافت: أسعار الأرز والمكرونة والسكر والدقيق واللحوم والأسماك والخضراوات والفاكهة ارتفعت بصورة مبالغ فيها والحكومة مشغولة بالمظاهرات السياسية وتركت الأسواق لجشع التجار كل يضع السعر الذي يناسبه بدعوى أن الدولار ارتفع وأسعار نقل البضائع ارتفعت لقلة السولار والبنزين وتخزين البضائع في ثلاجات العرض ارتفع هو الآخر بسبب كثرة انقطاع الكهرباء واستعانة التجار بمولدات كهربائية لحفظها، ولذا فما علينا نحن إلا أن نقبل بالأسعار أو نغادر بهدوء ولو أردنا الشكوى فلمن نذهب؟ وليس أمامي سوى الأسواق الشعبية التي تبيع بأسعار أقل بعض الشيء. وتقر أماني عبدالعزيز «موظفة»، بأن الأسواق تزخر بمستلزمات شهر رمضان من سلع غذائية ومشروبات لكن الغلاء يفوق ميزانية العائلات الفقيرة وبدت وهي تصطحب ابنها 6 سنوات في جولة على المحال بسوق العتبة الشعبي في وسط القاهرة حائرة في فهم هذا الارتفاع الكبير في الأسعار. لم أشتر شيئاً ويقول أحمد حسن (42 سنة)، سائق تاكسي: حتى الآن لم أشتر شيئا للبيت من لوازم رمضان المعتادة من ياميش ومكسرات وفوانيس لأولادي الأربعة، وكنت في الماضي أفرغ من شرائها جميعا من منتصف شهر شعبان بينما هذا العام تشاورت مع زوجتي بشأن كيفية التغاضي عن بعض احتياجات الشهر والاكتفاء بالضروريات فقط لاسيما وان حركة العمل باتت مضطربة تارة بسبب الانتظار بالساعات في الطابور أمام محطات الوقود وأخرى بسبب الازدحام المروري الخانق في شوارع القاهرة بسبب المظاهرات والوقفات الاحتجاجية مما يعني ضياع اليوم بلا توفير مبلغ مالي يوفر لأسرتي ما تحتاج إليه ولذا طلبت من زوجتي التقشف إلى أن يأتي الله بالفرج ويزيح تلك الغمة. ويشكو هشام حسين (50 سنة)، صاحب متجر لبيع الملابس، من ضعف إقبال الناس على الشراء واصفا حال المحل بأنه يكاد يخلو من المشترين وأشار إلى تغير في مفهوم الضروريات، موضحا أن المصريين في استقبالهم لشهر رمضان هذا العام أصبحوا يكتفون بشراء احتياجاتهم من الطعام معتبرين أن شراء الملابس رفاهية لا يقدرون عليها لاسيما وان الوقت لا يزال مبكرا لشراء ملابس عيد الفطر والذي يتوقع له أن يكون أقل كثيرا في حركة البيع عن السنوات السابقة. والمشكلة ترجع إلى أن الاضطرابات السياسية والأمنية التي تمر بها مصر أثرت على الحالة الاقتصادية كثيرا وجعلت الناس يفكرون كثيراً قبل الإقدام على شراء اي سلعة. معاناة الأسر الفقيرة يقول الخبير الاقتصادي الدكتور حمدي عبدالعظيم، العميد السابق لأكاديمية السادات للعلوم الادارية، إن حالة الاضطراب السياسي التي تمر بها مصر أثرت بشكل مباشر على مظاهر استقبال المصريين لشهر رمضان بصورة غير مسبوقة واكتفاء غالبية الأسر بشراء الاحتياجات الضرورية فقط من السلع وبعض التجار يستغلون تلك الظروف ويقومون بزيادة الأسعار من خلال تقليل المعروض من السلع، مما يسبب زيادة الطلب عليها ويزيد معاناة الأسر الفقيرة والحكومة المصرية رغم اتجاهها إلى زيادة رواتب العاملين، فإن تلك الزيادة في الدخل لا تتناسب إطلاقا مع مستوى الأسعار حيث ارتفعت أسعار غالبية السلع من 30 إلى 50 في المئة، وهو ما زاد من معاناة محدودي الدخل.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©