السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النووي الكوري··· خيارات الأمر الواقع

النووي الكوري··· خيارات الأمر الواقع
18 فبراير 2009 23:15
هل ستتخلى كوريا الشمالية يوماً ما عن سلاحها النووي؟ لاختبار نواياها، قدمت مقترحاً مفصلاً إلى المفاوض النووي التابع لوزارة الخارجية الكورية ''لي جن'' لتحقيق''صفقة كبرى'' قبل زيارة لـ''بيونج يانج'' الشهر الفائت، فحواه أن تقوم كوريا الشمالية بتسليم الـ68 رطلاً من مادة البلوتونيوم التي أعلنت عن حيازتها بالفعل أثناء المفاوضات التي دارت بخصوص نزع سلاحها النووي، على أن توافق الولايات المتحدة مقابل ذلك على إبرام معاهدة سلام، يتم بموجبها إنهاء الحرب الكورية رسمياً، وتطبيع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين، ووضع خطة طويلة الأجل لتقديم الطاقة والغذاء، ودعم عملية واسعة النطاق لتقديم قروض من أطراف متعددة لبيونج يانج لمساعدتها على إعادة تأهيل بنيتها التحتية· كان رد كوريا الفوري على بنود المقترح قاطعاً وواضحاً، حيث أعلنت أنها قد استخدمت كمية البلوتونيوم التي كانت لديها في ''أغراض تسليحية'' بالفعل· وكان هذا ما قيل لي مراراً وتكراراً خلال 10 ساعات من المناقشات· وبيونج يانج على استعداد لعدم تطوير أية أسلحة نووية في المفاوضات المستقبلية، أما موضوع تخليها عن ترسانتها الحالية، وتوقيت ذلك، فيعتمد على الكيفية التي ستتطور بها العلاقات مع واشنطن· يشار إلى أن كمية البلوتونيوم التي تملكها ''بيونج يانج'' تكفي لتصنيع ما يتراوح مابين أربعة إلى خمسة أسلحة نووية، ويتوقف ذلك على درجة نقاء البلوتونيوم وتصميم الأسلحة التي سيتم تصنيعها، ومفعولها المتفجر المرغوب· وقد امتنع ''لي جن'' عن تحديد المقصود بعبارة لـ''أغراض تسليحية'' على رغم الأسئلة المتكررة التي وجهتها له، غير أن الجنرال ''راي تشان بوك'' المتحدث الرسمي باسم ''مفوضية الدفاع الوطني'' أشار ضمناً إلى أن تلك العبارة تعني أن تلك الكمية قد استخدمت في تطوير رؤوس حربية للصواريخ· وفي مواجهة هذا الموقف المتصلب الجديد من جانب كوريا الشمالية، يجب على الولايات المتحدة أن تختار بين نهجين: الإهمال الحميد، أو الحد من الترسانة النووية الكورية الشمالية، وقصرها على أربعة أو خمسة أسلحة نووية فقط· و''الإهمال الحميد''، يعني تعليق المفاوضات الجارية من أجل نزع سلاح كوريا الشمالية النووي بواسطة تقديم حوافز اقتصادية، والتحرك نحو تطبيع العلاقات، كما يعني أيضاً تجنب السياسات العدائية التي بادرت إدارة بوش بتبنيها في البداية، والتي كانت تحمل في طياتها هدفاً ضمنياً هو'' تغيير النظام'' في ذلك البلد· ولعل أقوى حجة تستند إليها هذه المقاربة هي أن الولايات المتحدة ليس لديها ما تخشاه من كوريا شمالية نووية، لأنها تعرف أن ''بيونج يانج'' قد طورت أسلحة نووية لأغراض دفاعية أهمها التصدي للضربات الاستباقية الأميركية، كما تعرف أن قدراتها هي -الولايات المتحدة- النووية في المحيط الهادئ قادرة على ردع أي تهديد محتمل من جانب كوريا الشمالية· والغرض من هذه الاستراتيجية هو إنهاء العلاقة القائمة على المساومة بين البلدين، والتي تستغلها بيونج يانج في انتزاع التنازلات من واشنطن· بيد أن هذه الاستراتيجية لا تخلو من خطر بالطبع، لأن بيونج يانج يمكن أن ترد عليها من خلال خطوات استفزازية، حتى تضمن عدم إهمالها من جانب الولايات المتحدة· أما المقاربة الثانية فتعتمد على مواصلة الأطراف الستة المشاركة في مفاوضات نزع السلاح النووي الكوري لتلك المفاوضات، بهدف الحد من أسلحة كوريا الشمالية النووية وقصرها على أربعة أو خمسة أسلحة على الأكثر· وسيتطلب هذا من الولايات المتحدة ما يلي: أولاً: جهود منسقة لتوفير 200 ألف من الوقود الثقيل وهي الكمية التي وعدت واشنطن بيونج يانج بأنها ستقدمها لها· ثانياً، التفاوض على الشروط الخاصة بتفكيك المفاعل النووي لضمان أنها لن تتمكن من معالجة أي كميات إضافية· والشروط التي قدمت لي في بيونج يانج بخصوص تفكيك المفاعل النووي، أشد صعوبة بكثير من الشروط التي كان قد تم تقديمها حتى الآن والتي تتلخص في استكمال مفاعلي الماء الخفيف اللذين بدأ العمل فيهما خلال عهد إدارة ''بيل كلينتون'' وإحراء عملية الفحص الموسعة كما تصورتها الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، واليابان، وكوريا الجنوبية، في البيان الصادر في يوليو الماضي· وخلال وجودي في بيونج يانج تكشفت لي أدلة تثبت أن الموقف المتصلب الذي اتخذته كوريا الشمالية مؤخراً يتعلق بشكل مباشر بصحة ''كيم يونج إيل'' وقد علمت من مصادر مطلعة أن الرجل قد أصيب بسكتة مخية في شهر أغسطس الماضي، وأنه على رغم كونه لا يزال في حالة تسمح له باتخاذ القرارات، إلا أنه أوكل سلطة إدارة الشؤون اليومية الداخلية لشقيق زوجته ''تشانج سونج تايك''، كما عهد بمهمة الإشراف المباشر على شؤون الأمن القومي إلى مفوضية الدفاع الوطني· وخلاصة الأمر: أن هناك صراعا قويا في بيونج يانج بين المتشددين في مفوضية الدفاع الوطني، والبراجماتيين الذين يرغبون في تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية· ويعني هذا أن استمرار الاهتمام الأميركي بكوريا الشمالية بشكل يمكن أن ينتهي تدريجياً بتطبيع سياسي واقتصادي، سيؤدي إلى تعزيز موقف البراجماتيين· وإذا ما كانت الولايات المتحدة قادرة على التعامل مع الدول النووية الكبرى مثل روسيا والصين، فلاشك أنها ستكون قادرة على التعايش مع كوريا شمالية نووية -ربما تمتلك فعلاً أو لا تمتلك ترسانة الأسلحة التي تزعم أنها تمتلكها· وإذا ما افترضنا أنها تمتلك هذه الترسانة بالفعل، فإن كون بيونج يانج قد تعلمت كيف تقوم بتصغير الرؤوس الحربية إلى أقل حد ممكن وبدرجة تجعلها قادرة على تصنيع صواريخ طويلة الأمد، لا يترك أمام إدارة أوباما سوى خيار المزاوجة بين خيار استئناف مفاوضات نزع السلاح النووي، وبين إحياء مفاوضات الحد من إنتاج الصواريخ التي كانت إدارة كلينتون على وشك توقيعها عندما انتهت فترة ولايتها· وكان رد ''لي جن'' عندما أشرت إلى ذلك هو: ''إذا ما كان من الممكن الدخول في مفاوضات نووية·· فما الذي يمنع من الدخول في مفاوضات تتعلق بالصواريخ؟''· سيليج إس· هاريسون المدير السابق لمكتب واشنطن بوست في شمال شرق آسيا، ومدير برنامج آسيا في مركز السياسة الدولية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©