الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الناتو» في ليبيا... ضغوط للانسحاب

10 يوليو 2011 23:01
مع استعصاء تحقيق النصر على قوات العقيد القذافي بعد 15 أسبوعاً من عمليات حلف شمال الأطلسي على ليبيا، تسابق قوات الحلف الزمن لكسر النظام قبل أن تدب الشقوق والانقسامات في التحالف نفسه. فرغم بوادر التقدم التي أظهرها الثوار وتكثيف "الناتو" لضرباته على المناطق الغربية للبلاد، بدأت تبرز علامات التململ داخل الناتو مع تعبير بعض أعضائه المشاركين في العمليات عن قلقهم إزاء نفاد الذخيرة، محذرين من تصاعد تكاليف الحرب والضغط الممارس على قواتها. وطيلة المدة السابقة، سعت البلدان الثمانية التي تتحمل عبء العمليات العسكرية ضمن حلف الناتو إلى إقناع الدول العشرين الأخرى بتوسيع دورها دون جدوى، فخلف الكواليس تتفشى الخلافات بين اللاعبين الأساسيين حول الاستراتيجية الأمثل للتعامل مع الوضع الليبي، بحيث دفعت الرغبة المحمومة لدى البعض بتحقيق اختراق سريع وملموس في العمليات العسكرية إلى اتخاذ خطوات خطيرة على أمل القضاء على القذافي بسرعة، ومن ذلك ما قامت به فرنسا من إنزال الأسلحة على الثوار في المنطقة الغربية، كما أن علامات أخرى من الاستياء بدأت تطفو إلى السطح تدلل على الخلافات بين أعضاء الناتو المشاركين في الحملة العسكرية، فقد اشتكى وزير دفاع هولندا "هانز هيلر"، الأسبوع الماضي، من "تمدد المهمة"، مشيراً إلى أن المدافعين عن الحملة خدعوا أنفسهم عندما اعتقدوا أنه باستطاعتهم التغلب بسرعة على القذافي، قائلا أمام الصحفيين في بروكسل: "إن الناس الذين اعتقدوا أن إسقاط بضعة قنابل على ليبيـا كفيل بمساعدة الأهالي ودفع القذافي إلى التنحي، كانوا واهمين على ما يبدو". لكن الأمر لم يقتصر على هولندا، بل تعداها إلى وزير الخارجية الإيطالي، فرانكو فراتيني الذي انتقد التحالف بعد سقوط قتلى مدنيين في إحدى غارات حلف شمال الأطلسي، وطالب بوقف فوري لإطلاق النار، وهي الدعوة التي رفضها المسؤولون البريطانيون والفرنسيون لما تتيحه للقذافي من فرصة لإعادة تجميع قواته. أما في واشنطن فتواجه إدارة أوباما ضغوطاً كبيرة من الجمهوريين، كما من الديمقراطيين المناوئين للحرب، بل إن تحركاً جمهورياً في الكونجرس للحد من المشاركة الأميركية في ليبيا فشل لأن جمهوريين آخرين أكثر تشدداً شعروا أنه لا يكفي لوقف الانخراط الأميركي. وحتى النرويج التي تشارك بقوات صغيرة في الحملة العسكرية بنسبة لا تتجاوز 10 في المئة من مجموع الطلعات الجوية، أصبحت أول دولة في التحالف تحدد لنفسها موعداً لوقف العمليات، لاسيما بعد الضغوط الداخلية التي تتعرض لها من القوى اليسارية المشاركة في التحالف الحكومي. لكن رغم هذا التململ داخل الحلف، يصر كبار المسؤولين الأوروبيين والأميركيين على أن مثل هذه الخلافات كانت دائماً موجودة داخل الناتو، وأن اللاعبين الأساسيين داخل الحلف مازالوا ملتزمين تجاه ليبيا. فقد وافق الحلف رسمياً في الشهر الماضي على تمديد عملياته في ليبيا لمدة تسعين يوماً أخرى بعد انقضاء الثلاثة أشهر الأولى، هذا في الوقت الذي يقر فيه المراقبون بالضغوط المتصاعدة التي يواجهها الحلف لتسديد ضربة قاضية للقذافي تطيح به من الحكم، وإلا فسيكون على قوى التحالف، بضغط من الوضع الاقتصادي والتعامل مع التزامات عسكرية في مناطق أخرى، البحث عن حل تفاوضي مع الزعيم الليبي قد يتيح له فرصة للمناورة، وهو ما يوضحه "خورخي مارتينيز"، أحد المراقبين لنشاط حلف الأطلسي قائلا: "جميع الدول في الناتو تعيش على وقع الزمن السياسي والاقتصادي، والسؤال هو من سينهار أولا؛ القذافي أم الناتو؟". ويواجه الحلف تحديات من خارجه متمثلة في روسيا، لاسيما بعد تصريح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، يوم الاثنين الماضي، حين قال إن بلده والناتو غير متفقين تماماً حول الوضع في ليبيا، ولا يفسرون بنفس الطريقة قرار الأمم المتحدة الذي رخص للحملة العسكرية. وقد انتقد لافروف بصفة خاصة إمداد فرنسا للثوار بالسلاح، قائلا: "الأمر نفسه ينطبق على إرسال مدربين إلى ليبيا لنقل الخبرة العسكرية إلى الثوار، لأن كل هذه الخطوات تدخل في إطار حظر الأسلحة المفروض على ليبيا ولا يجوز خرقه من أي طرف كان". ويبدو أن القذافي يسعى إلى استثمار هذه الشروخ بتصريحه يوم الجمعة الماضي بـ"نقل المعركة إلى أوروبا". ويبقى المصدر الأساسي للضغط بالنسبة لحلف شمال الأطلسي، الأحزاب اليسارية داخل الدول المشاركة، والتي تعارض التدخل الخارجي وتتصاعد أصواتها المناهضة للحملة العسكرية، رغم ما تظهره استطلاعات الرأي من أن الرأي العام الأوروبي ليس منزعجاً تماماً من الحملة العسكرية على ليبيا. ولعل أكثر ما تتجسد فيه هذه الضغوط الحزبية هو إيطاليا التي رغم مساندة حكومة رئيس وزرائها برلسكوني للتدخل في ليبيا، فإنه يواجه انتقادات من حليفه الأساسي، الرابطة الشمالية، المتخوفة من استمرار الصراع وتدفق المهاجرين على السواحل الإيطالية. كما أن فرنسا وبريطانيا اللتين تتحملان العبء الأكبر لعمليات الحلف، تحبذان إنهاء الحملة العسكرية في أقرب وقت ممكن، وهو ما تسعيان لتحقيقه عبر تكثيف الغارات الجوية، وذلك بعكس الولايات المتحدة التي قلصت دورها في العمليات واقتصرت على تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي، بعد مشاركتها الفعالة في بداية الحملة العسكرية. بول ريتشر واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©