الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تل أبيض.. رأب الانقسام العرقي

7 يوليو 2015 00:13
في أول أيام شهر رمضان المبارك اجتمع اثنان من الجيران القدامى في هذه البلدة الحدودية التركية. كان كلاهما يشعر بالحر والعطش – ولا يطيقان صبراً للعودة إلى سوريا، بمجرد إعادة فتح البوابة الحدودية. كان الرجلان وأسرتاهما قد نزحا بسبب القتال من أجل السيطرة على بلدتهما، تل أبيض، شمالي سوريا. وقد فر «فاضل عمر رسول»، وهو كردي، عام 2013 عندما استولى الجهاديون العرب على المدينة. أما «أبو إبراهيم بارهو»، عربي، فقد عاد إلى الوطن. ولكنه في وقت مبكر من هذا الشهر، أيضاً، عبر الحدود إلى تركيا فيما كان المقاتلون بقيادة الأكراد والمدعومين من قبل الضربات الجوية الأميركية، قد تمكنوا من إخراج القوات التي تطلق على نفسها جماعة «داعش». والآن، فإن كليهما عائد إلى الوطن. يقول الكردي «رسول»: «عندما رأيتهم كانت فرحتي لا توصف». وكان جاره منذ فترة طويلة «براهو» يحمل نفس الشعور حيث قال «لقد تعانقنا وبكينا». أثناء تصاعد التوترات الطائفية والعرقية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، تعد قصة هذين الجارين هي قصة للصداقة الدائمة، والقادرة على تحمل تقلبات الحرب الأهلية السورية من خلال صم الآذان عن سياسة الخوف. بيد أن محنتهم تتحدث عن انهيار السلطة المركزية في معظم سوريا وحالة عدم اليقين التي تسود الأجواء حول من الذي سيحل محلها. وقد أجبرت السيطرة على بلدة تل أبيض – التي تعد انتصاراً للأكراد ونكسة لتنظيم داعش - ما يقرب من 23 ألف مدني على الفرار عبر الحدود إلى تركيا. وقد اتهم بعض العرب النازحين الميليشيات الكردية بطردهم حتى يتسنى للأكراد احتلال أرضهم وبيوتهم. وبدافع من الحذر من النزعة الانفصالية الكردية، ضخمت تركيا هذه الاتهامات، مشيرة إلى تشريد القرويين العرب والتركمان في المنطقة. وينكر القادة الأكراد أي سياسة للتطهير العرقي. ورغم ذلك، ففي مناخ من عدم الثقة التي تشعلها وحشية «داعش» تجاه الأقليات التي تسيطر عليها، تستمر الشبهات حول القومية الكردية. وفي هذا الصدد، يقول «أبو مالك»، مدرس من قرية «عين العروس» كان قد مكث في «تل أبيض» أثناء الهجوم الكردي «بنفس الطريقة التي طردت بها«داعش»الأكراد، قام الأكراد بطرد العرب. إنهم يعتبرون أن معظم العرب ينتمون إلى «داعش». فإذا مررت بنقطة تفتيش وحدث أن كنت صائماً أو كنت تربي لحية صغيرة، فهم يتهمونك بالانتماء لداعش. وقد أدى الهجوم الذي شنه «داعش» مؤخراً على بلدة كوباني الكردية، وأسفر عن مقتل 200 مدني، إلى زيادة التوترات وأعطى الميليشيات الكردية مزيداً من الذرائع لتقييد تحركات المدنيين. ويشكو السكان المحليون من حظر التجول الصارم المفروض في «تل أبيض»، والذي يتيح لهم التجول لمدة ساعتين فقط. عودة إلى يوليو 2013، عندما سيطرت «داعش» على بلدة تل أبيض، ازدادت أيضاً حدة التوترات. وفي حي «الليل» المجاور الذي يغلب عليه الأكراد، حزمت العائلتان أمتعتهما وغادرتا البلدة. وبينما ذكرت الأسرة العربية إنها فرت ببساطة من القتال، قالت العائلة الكردية إنها تم طردها على يد مسلحي «داعش» الذين كانوا يرتدون ملابس سوداء. وقد عاد «بارهو» وعائلته بعد أيام من تراجع أعمال العنف، بمجرد أن عززت «داعش» سيطرتها، وشاهد لاجئين من مناطق أخرى وعائلتين من المقاتلين الأجانب وهم يحتلون المنازل الكردية التي تم إخلاؤها. لم تكن عائلة «براهو» معجبة بالجهاديين، ولكن كمسلمين عرب محافظين، لم تكن تشعر أنها مهددة. بيد أن الحال ليس كذلك مع «رسول»، الجار الكردي. فقد غادر مع زوجته وأبويها في كوباني، وأمضى عامين في التنقل وحراثة الأراضي الزراعية في تركيا. واحتلت أسرة السيدة «بارهو» منزل الزوجين في تل أبيض بعد نزوحها من حماة بوسط سوريا. وفي خضم هذا الاضطراب، ظل الجيران على اتصال وثيق. يقول رسول «لقد اعتدنا على العيش متجاورين. بالنسبة لنا، فإن مسالة الأكراد ضد العرب هي مجرد سياسة. أما بين الجيران فهذا لا يهم». دومينيك سوجيل ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©