السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليونان.. ما بعد الـ«لا»

7 يوليو 2015 00:13
اختار اليونانيون، بحجة الفخر والسيادة الوطنية، بأغلبية ساحقة رفض حزمة الزيادات الضريبية وتقليص حجم الحكومة وخفض المعاشات، التي طلبتها الدول الغنية بمنطقة «اليورو» في مقابل مساعدات مالية جديدة لإنقاذ الدولة المفلسة. ويعزز التصويت، الذي تمخض عن أغلبية بنسبة 61?7? في 82? من الدوائر الانتخابية، الانتصار السياسي الساحق لرئيس الوزراء اليوناني «أليكسس تسيبراس». وحقق حزب «سيريزا» اليساري التابع له «تسيبراس» انتصاراً في انتخابات يناير؛ بفضل قلق الناخبين من تدابير التقشف المستمرة منذ خمسة أعوام، التي قلصت الناتج القومي والوظائف، وجاء بوعود لإدارة تتعامل مع بقية أوروبا بطريقة مختلفة. وبعد ستة أشهر من فشل المفاوضات في التوصل إلى بنود أيسر مع البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، ومع نفاد السيولة لدى الحكومة، عاد رئيس الوزراء إلى الناخبين مرة أخرى، ويبدو أنه قد فاز بتفويض قوي. ولكن رغم أن انتصاره مصبوغ بصبغة النصر للسيادة الوطنية على مطالب البيروقراطيين في «البنك المركزي الأوروبي» والدول ذات الثقل المالي في الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا، لا يبدو أنه يقدم طريقة للخروج من فخ الديون اليونانية. وأغلقت البنوك أبوابها لأكثر من أسبوع منذ أن أوقف «البنك المركزي الأوروبي» الأموال الطارئة، وستبقى كذلك على الأرجح، لا سيما أن السيولة النقدية المتوافرة تقدر بزهاء مليار يورو في دولة يناهز تعداد سكانها 11 مليون نسمة. وسرعان ما سيتعين على الحكومة سداد رواتب نحو 500 ألف موظف وليس لديها الموارد اللازمة، ومن المحتمل أن تضطر إلى إصدار سندات دين. وأغلقت أسواق الائتمان الخاصة أبوابها في وجه اليونان، وتعتبر الدولة من الناحية الفنية في حالة عجز عن سداد 1?8 مليار دولار قيمة قرض من صندوق النقد الدولي. ولم تعد العودة إلى الدراخما أمراً مستبعداً. فقد أخبر رئيس البرلمان الأوروبي «مارتن شولتز»، محطة «راديو ألمانيا»، «إذا قالوا لا لحزمة الإنقاذ، فسيتعين عليهم استخدام عملة أخرى بعد الاستفتاء؛ لأن اليورو لن يكون متوافراً كعملة للدفع». وتقدر معدلات البطالة في اليونان بنحو 25 في المئة، (بينما يصل المعدل بين الشباب إلى 50?)، ومنذ عام 2008، تراجع إجمالي الناتج المحلي إلى الربع. والتراجع الاقتصادي الذي تشهده اليونان منذ عام 2008، أطول من الكساد الكبير في الولايات المتحدة، الذي بدأت حدته تتراجع في عامه الرابع. ويأمل «تسيبراس» في أن يمنحه التفويض السياسي الذي حصل عليه في الداخل نفوذاً سياسياً أكبر في بقية أوروبا، التي تخشى من التأثيرات المدمرة من عجز اليونان على الاقتصادات الأخرى في جنوب القارة، وإمكانية خروجها من العملة الموحدة التي بدأ العمل بها في عام 1998. وتبدو هذه السحابة كبيرة جداً، ولم تظهر ألمانيا والاتحاد الأوروبي أي دلالات على تزحزح موقفهما، بينما تزداد حدة التصريحات من كلا الجانبين. وعلى الرغم من أن وزير المالية اليوناني «فاروفاكيس»، الذي أعلن استقالته أمس، تحدث عن صفقات محتملة مع شركائه الأوروبيين، لكن تصريحاته لصحيفة «كاثيمريني» المحلية أمس الأول، تكشف خلاف ذلك، إذ تساءل: «لماذا يجبروننا على إغلاق بنوكنا؟»، مضيفاً: «إذا كان ذلك لبث الخوف في قلوب الناس، فهذا يعتبر إرهاباً». وحضّ الناخبين على رفض حزمة الإنقاذ الأوروبية، لافتاً إلى أن الاتحاد الأوروبي لن يكون لديه أسس قانونية للإطاحة باليونان خارج منطقة «اليورو»، وعندئذ سيبدأ الدائنون إدراكهم الحقيقي. وتعهد «فاروفاكيس» أيضاً بأن البنوك ستفتح أبوابها خلال الأسبوع الجاري، ولكن من دون إغماد ألمانيا و«المركزي الأوروبي» سيوفهما فعلياً، فمن الصعب تخيل كيف يمكن أن يحدث ذلك. وبالطبع من الممكن تفهم الإحباط اليوناني، ذلك أن «صندوق النقد الدولي» و«الاتحاد الأوروبي» شاركا في حزمتي مساعدات لليونان تقدران بـ 280 مليار دولار منذ عام 2010، ولكن قدراً قليلاً من هذه الأموال دخل إلى الاقتصاد اليوناني. وبدلاً من تسديد الأموال إلى الجهات الأصلية المقرضة لليونان، تم تأميم القروض لصالح دافعي الضرائب في دول مثل ألمانيا. وفي حين ألغت الحكومة أكثر من 250 ألف وظيفة، ودخل الاقتصاد إلى حالة من الفوضى، ثبت خطأ الوعود الوردية بعودة «ثقة المستثمرين» والتعافي السريع بفضل خفض الإنفاق. وفي هذه الأثناء، ارتفعت نسبة الديون مسجلة 180 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، ما يجعل من المستحيل بالنسبة للحكومة تحقيق إيرادات ضريبية ومدخرات كافية لخفض هذه النسبة. وأقر صندوق النقد الدولي بذلك في عام 2013. ولكن لا يمكن استخراج الدماء من الحجر، والسياسة الدولية في أوروبا لا تفضل التسويات الجديدة. دان ميرفي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©