الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أجرا» عاصمة سلطنة دلهي.. وريثة أكبر آباد

«أجرا» عاصمة سلطنة دلهي.. وريثة أكبر آباد
25 يوليو 2014 02:49
شهدت شبه القارة الهندية أثناء سيطرة المغول عليها إنشاء أكثر من مدينة، فضلاً عن توسيع المدن القديمة وزيادة العناية بعمرانها، وتعتبر مدينة «أجرا» من أشهر المدن الهندية القديمة التي عني بها المغول حتى أصبحت حاضرة دولتهم لردح من الزمن. شيد مدينة «أجرا» راج بادال سينج في عام 1475م باسم «أجرايفانا» أي حد الغابة، وألحق بها قلعة تعرف باسم «بادلاجرا» لا تزال بقاياها قائمة إلى اليوم وأصبحت حاضرة للهندوستان. نقل العاصمة إلى أجراأصبحت أجرا عاصمة لسلطنة دلهي عندما قرر السلطان اسكندر اللودي نقل العاصمة من دهلي القديمة إلى تلك المدينة الواقعة على نهر يمنى على بعد 200 كم جنوب دلهي، وظلَّت عاصمة لتلك السلطنة الإسلامية من عام 1506م طوال عهد إسكندر وأيضاً في عهد ابنه إبراهيم اللودي إلى أن هزم في معركة باني بات أمام بابر محمد المغولي في عام 1526م. أعاد المغول العاصمة إلى دلهي إلى أن فر همايون من الهند، وعندها نقل شير شاه وعناصر الأفغان الذين سيطروا على المنطقة العاصمة مرة أخرى إلى أجرا فيما بين عامي 1540م و1556م. قلعة حصينةشهدت المدينة عصرها الذهبي خلال حكم جلال الدين أكبر الذي حول اسمها إلى أكبر أباد وشيد لها قلعة حصينة بداخلها مدينة ملكية وظلَّت عاصمة لدولة المغول طوال عهود أكبر وجهانكير وبداية عصر شاه جهان الذي نقل العاصمة إلى شاه جهان آباد في عام 1689م، أعادها أورانكزيب العاصمة إلى أكبر أباد بعد أن حبس والده شاه جهان في قلعتها، ثم ما لبث أن حول العاصمة إلى أورانج أباد في الدكن عام 1653م، وبعد ضعف الدولة المغولية احتل ملوك المهراتا الهندوس المدينة وأطلقوا عليها اسمها الأول أجرا قبل أن يستولي البريطانيون عليها في عام 1803م. حديقة الاسترخاء ومهما يكن من أمر وضعها كعاصمة، فقد عني أباطرة المغول بها منذ عهد بابر محمد الذي شيد بها أول حديقة على نهر يمنى، وهي المعروفة باسم «أرام باغ» أو حديقة الاسترخاء، وكان بابر يقضي أوقات مرحه بها وتوفي بداخلها وظل جثمانه إلى أن تم نقله إلى مدفنه بكابول. مركزا للتعليم والفنون يعود الفضل لجلال الدين أكبر في جعل المدينة بعد أن حملت اسم أكبر أباد مركزاً للتعليم والفنون والتجارة، خاصة بعد أن شيد قلعة ملكية خاصة به وبالبلاط، وهي المعروفة باسم لال قلعة أو القلعة الحمراء بسبب استخدام الحجر الرملي الأحمر في بناء أسوارها وأبراجها وأغلب مبانيها. أسس أكبر تلك القلعة في عام 1565م وجعل لها سوراً حصيناً يمتد على ضفة النهر لمسافة 2,4 كم لتكون نموذجاً لامتزاج تقاليد بناء القلاع في شمال وجنوب الهند، ولحبه للحدائق ونوافير الماء، شيد بها حدائق عدة، وواصل ابنه جهانكير وحفيده شاه جهان حشدها بشتى أنواع المباني الرائعة التي أصبحت بفضلها أكبر مزار سياحي بالهند، ومنها مسجد اللؤلؤة والديوان العام والديوان الخاص وقصر جهانكير وخاص محل وشيش محل أو قصر المرايا. ومن أهم الآثار الإسلامية في أكبر أباد المسجد الجامع للمدينة، وقد شيد في عام 1648م على يد الأميرة جهانارا بيجوم ابنة الإمبراطور شاه جهان، ويتميز هذا المسجد بقبته الضخمة التي تغطي إيوان القبلة وبعدم وجود مئذنة له. ضريح اعتماد الدولة وهناك أيضاً ضريح اعتماد الدولة الذي يعترف علماء الآثار بأنه ليس بضخامة روضات أباطرة المغول، ولكنه بالمقابل يعد بمثابة علبة مجوهرات لتأنق وفخامة البناء، وشيدت نور جهان زوجة جهانكير هذا المدفن لوالدها ميرزا غياث بك، كبير الوزراء في بلاط جهانكير، ولذلك تعرف القبة باسم بابي محل، ويقع ضريح اعتماد الدولة داخل حديقة أنيقة تطل على نهر يمنى، وهي ترتكز على منصة أو قاعدة ترتفع عن مستوى سطح الأرض بمقدار متر واحد وتبلغ مساحتها 50 م2، بينما تشغل المقبرة ذاتها مساحة قدرها 23 م2 فقط، وقد جعلت في أركانها الأربعة أبراج سداسية يصل ارتفاعها إلى 13م، وقد شيدت جدران هذه المقبرة من الرخام الأبيض المرصع بأحجار نصف كريمة مثل التوباز، وهي مزخرفة بأشكال أشجار ونباتات في تمثيل رمزي للجنة وللحديقة التي تحيط بالقبر أيضاً سور من المرمر المرصع بالأحجار نصف الكريمة، ما يجعل منها تحفة معمارية بالغة التأنق. تاج محلوقد زود شاه جهان مدينة أكبر أباد بدرتها المعمارية، بل وبدرة العمارة الإسلامية في الهند، ونعني بذلك تاج محل الروضة التي أراد بها تخليد ذكرى زوجته المحبوبة ممتاز محل وقد بدأت أعمال البناء في تلك التحفة المعمارية عام 1630م واستمرت قائمة لقرابة 22 عاماً، وشارك في أعمال البناء والزخرفة 20 ألف بناء ومزخرف. تولى المعماري الفارسي أستاذ عيسى تصميم البناء الذي يتوسط حدائق غناء وجعله فوق منصة مرتفعة من الحجر الرملي الأحمر وفوقها منصة أخرى من الرخام الأبيض وجعل قبتها الرشيقة من المرمر الأبيض ويصل قطر هذه القبة إلى 18 متراً، بينما يصل ارتفاع خوذتها إلى 24 متراً. وعلى بعد حوالي 13 كم من أكبر أباد، اختار جلال الدين أكبر موضعاً لبناء مقبرته المعروفة اليوم باسم اسكندر وقد أكمل ابنه جهانكير بناء قبته في عام 1613م وسجل عليها بخط النسخ الأسماء الحسنى كاملة، والبناء تحفة معمارية هرمية التكوين، وقد شيدت من الحجر الرملي الأحمر وسط حديقة كبيرة. رمز لوفاء الزوج لزوجته وتتميز روضة تاج محل ليس فقط باستخدام مواد ثمينة في البناء من الرخام والأحجار شبه الكريمة، بل وبزخارفها المنفذة بدقة كبيرة، خاصة تسجيل آيات من القرآن حول عقودها بخط نسخي جميل، وقد جعل أستاذ عيسى باعلا الواجهة الرئيسية 22 قبة صغيرة في إشارة إلى عدد سنوات العمل في تشييدها، وقد قضى شاه جهان السنوات الثماني الأخيرة من حياته محبوساً في قلعة أجرا يطل من نوافذها على تاج محل والدموع بعينيه، ولا عجب بعد ذلك أن يعتبر الهنود تاج محل رمزاً لوفاء الزوج لزوجته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©