الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجزائر تعرض تجربة إنعاش منتجاتها التقليدية بالقروض الصغيرة

الجزائر تعرض تجربة إنعاش منتجاتها التقليدية بالقروض الصغيرة
2 يناير 2011 21:14
نظمت الوكالة الجزائرية للقرض الميسر مؤخراً معرضا خاصا بالنشاطات الإنتاجية المصغرة التي خاض غمارَها شبابٌ انطلاقاً من قروض بسيطة تحصلوا عليها من الوكالة قصد الشروع في تجارب إنتاجية صغيرة تؤهلهم ليكونوا رجال أعمال في المستقبل. شارك المعرض الذي نظمته الوكالة الجزائرية للقرض المصغر، واحتضنه بهو “رياض الفتح” بالجزائر العاصمة 130 شابا من الجنسين، وقدَّم هؤلاء خلاصة تجاربهم الإنتاجية في مجالات كثيرة وأهمها المنتجات النسيجية والملابس التقليدية والحلي وصناعة الفخار والزجاج وأدوات الديكور والتزيين والجلود والمنتجات الغذائية كالحلويات والمربّى وعسل النحل والكسكس والمأكولات التقليدية الجزائرية، فضلاً عن تمويل مجموعة نشاطات مرتبطة بقطاع الخدمات كمكاتب الدراسات والطب والمحاماة وغيرها والتي فتحها شبابٌ تخرَّج حديثا في الجامعة. عرضٌ جذاب تميز المعرض بتنظيم محكم وعرض جذاب لمختلف المنتجات التي توزعت على عددٍ من الأجنحة، فاستقطب جناح الألبسة التقليدية اهتمام السيدات بعرضه مجموعة جميلة من الملابس الشهيرة الخاصة بالعرائس في مناطق تلمسان وقسنطينة والجزائر العاصمة ومنطقة القبائل، وكذا الحلي التقليدية لمختلف المناطق وأشهرها حلي نساء “الطوارق” بالصحراء الجزائرية. كما لفتت انتباهَهن المنتجاتُ النسيجية المختلفة وبخاصة زربية منطقة غرداية الشهيرة في الجزائر وخارجها. إلى ذلك، تقول السيدة بن ساحة “لا أكتفي بصناعة الزرابي التقليدية، بل انتج أيضاً ملابس صوفية (قشَّابيات) وكذا أغطية صوفية، وهي مطلوبة بكثرة في هذا الفصل البارد، وكانت بدايتي منذ عام فقط حيث تحصلت على قرض مصغر قيمته 300 ألف دينار جزائري (ما يعادل نحو 4 آلاف دولار) وشرعت في العمل رفقة سيدة أخرى ضمت قرضها إلى قرضي، وقد نجحنا والحمد لله برغم أننا نعاني مشكل التسويق”. أما ابنها شعيب بن ساحة الذي يدرس في الثانية ثانوي، فيقول إن الدراسة لم تثنه عن تعلم هذه المهنة “وفاءً لتقاليد الآباء والأجداد”. أفكارٌ مبدعة يظهر في أجنحة المعرض أن بعض الشبان حققوا نجاحاً معتبراً، ليس بسبب القرض المصغر في حدِّ ذاته، بل لأنهم يملكون أفكاراً مبدعة تساعدهم على النجاح، فقد جذبوا انتباه الزبائن بأفكار مبدعة، ومن هؤلاء عدّة بن ديّة، شاب من ولاية معسكر غرب الجزائر، جذب الانتباه بلوحات خارجة عن المألوف، فهو ينتجها بمادة الحلفاء البسيطة التي عادة ما تتعرض للإهمال والتسيب لدى شباب اليوم، ولكن الحسّ الابداعي لعدّة جعله يرأى فيها مادة مهمّة قادرة على تجسيد إبداعاته، فأثار بذلك اهتمام الزوار، فبهذه المادة البسيطة أبدع لوحات جميلة تمثل تقاليدَ جزائرية مختلفة، ومدناً تراثية كالقصبة العثمانية بالجزائر العاصمة إلى جانب مأثورات وحكم. وعن تجربته الابداعية، يقول بن دية “إنها هواية بدأتها منذ 30 سنة، ومنذ عام تحصّلت على قرض مصغر بقيمة 18 ألف دينار (نحو 230 دولاراً)، وهو قرض ضئيل، ومع ذلك اشتريتُ به كمية من الحلفاء والورق المقوى وكثفتُ العمل، وأنا أنتج عدة أشكال غير الرسوم ومنها السلال وصناديق للديكور وأدوات يدوية مختلفة”. ويوضح “بعد أن يستقر ذهني على رسم معين، أقوم بتجسيده على الورق بقلم ثم أصب أعواد الحلفاء داخل الإطار وأزين بها الرسم فيأخذ الشكل الذي تصورته تماماً، وقد لاقت إبداعاتي إقبالاً كبيراً وبعتُ أغلبها وأنا راض جدا عن التقدير الشعبي لتجربتي الابداعية”. قروض بسيطة غير بعيد عن بن دية، تنتصب لوحاتٌ خزفية مختلفة الأحجام والأشكال في أحد الأجنحة، هي تجربة ابداعية فنية أخرى عرض صاحبُها مجموعة لوحات وأواني وقناديل وأدوات للديكور والزينة، القاسم المشترك بينها هو الزخرفة العالية التي تحملها، يقول صاحب التجربة مداني توفيق، وهو خرِّيج مدرسة الفنون الجميلة بالجزائر إنها “تجربة ابداعية مؤسساتنا للخزف والزجاج التي استفادت منذ عامين من قرض مصغر وهي تشغل حاليا 7 شبان يتم تكوينهم لدينا لمدة 6 أشهر، أما الرسوم والزخارف فيقوم بها فنانٌ تشكيلي مختص نتعامل معه، اكبر لوحة فنية هنا أنجزناها بعد عمل دام 12 يوماً، مثل هذه الأعمال الفنية تأخذ وقتاً طويلاً”. واتفق شباب مشاركون على أن قيمة القروض المصغرة تعد ضئيلة؛ وهي لا تكفي لشراء مادة أولية كافية ولا الكثير من التجهيزات الضرورية، يقول درويش منير، حِرفي نحاس من سطيف “منحوني 30 ألف دينار فقط، كنتُ أنتظر قرضاً أكبر لشراء المادة الأولية باهظة الثمن، ولذا أشتغل بإمكانيات بسيطة ريثما تتحسن أوضاعي المالية”، بينما يقول ناهد علي من سوق أهراس شرق الجزائر “لديّ رغبة جامحة في العمل وإنتاج المزيد من الزخارف والنقوش على البلاط، لكن ضآلة القرض المصغر حجّم هذه الرغبة، ولذا تقتصر مشاركتي في هذا الصالون على التعريف بنفسي فقط، وأرجو رفع قيمة القرض لأحقق المزيد”. أما ناجم بن محمد، صاحب مؤسسة مصغرة لإنتاج الزجاج فيبدي ارتياحه لقيمة القرض، مؤكدا أنه “جاء في الوقت المناسب، فقد اشترى آلة عصرية وأصبح يحملها حيثما اتجه لعرض منتجاته الزجاجية المختلفة”. زيادة القروض يقول مراد عُباد، مسؤول بالوكالة الجزائرية للقرض المصغر إن قيمة القرض الحالية لم ترقَ إلى مستوى تطلعات الحرفيين الشباب، مؤكدا أن الوكالة تقدمت إلى الحكومة بمشروع لإعادة النظر في هذا الجهاز لاسيما ما تعلق بكلفة المشاريع الشبابية ورفع قيمة القروض الممنوحة. أما المدير العام بالنيابة، محمد الهادي عوايجية فيؤكد أن الوكالة قدمت دفعاً كبيراً للشباب وبخاصة البطالين، ويقول “منحنا، منذ إنشاء الوكالة في عام 2005 إلى الآن قرابة 193 ألف قرض، 60 بالمائة منها للنساء، ونجح أغلب الحاصلين على القروض في بعث نشاطات مُنتجة، ولم تتعدّ نسبة الذين يعانون التأخر في سداد ديونهم للوكالة والبنوك، نسبة 20 بالمائة”. ويبدي عوايجية رضاه التام عن تجربة القروض المصغرة من حيث “توفير مئات الآلاف من مناصب الشغل، وانعاش الصناعات التقليدية والحِرف وعدد من الخدمات”. ويأمل بأن تنجح هذه المعارض في جذب آلاف الشباب وتغريهم بخوض تجربة الإنتاج انطلاقا من القرض المصغر. بينما يطمح عُباد بأن تمنح الوكالة 100 ألف قرض مصغر للجزائريين في عام 2011.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©