الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السياسة الإيرانية في «مذكرات روحاني»

8 يوليو 2013 21:58
راي تقية زميل «مجلس العلاقات الخارجية الأميركي» - نيويورك بالنسبة للمسؤولين الغربيين الذين يحاولون معرفة أي نوع من الزعماء سيواجهون في الرئيس الإيراني المنتخَب حسن روحاني، يمكن القول إن مذكراته المنشورة في عام 2011 تكشف الكثير عن الرجل الذي سيقود الجمهورية الإسلامية. الكتاب، المنشور في إيران والمتوافر باللغة الفارسية فقط، يغطي الفترة التي كان فيها «روحاني» كبيراً للمفاوضين الإيرانيين حول السياسة النووية لبلاده من عام 2003 إلى عام 2005. ويُعتبر الرجل الذي يقفز من تلك الصفحات من أبناء المؤسسة الإيرانية، وذو التزام قوي تجاه الجمهورية الإسلامية وتطلعاتها النووية، رجل من المتوقع أن يشغل الغرب، ويحافظ على أكبر قدر ممكن من الأفضلية لإيران. خلال العقد الأول من عمر الجمهورية الإسلامية، غطى انشغالُ النظام بإحكام سلطته ومواصلة حربه مع العراق على أولويات أخرى. ومع ذلك، فإن «روحاني» يتحدث عن جهود حثيثة لاكتساب تكنولوجيات نووية من الخارج وإكمال دورة الوقود النووي، جهود تضاعفت خلال رئاسة هاشمي رفسنجاني خلال بداية التسعينيات وحافظ عليها الرئيس «الإصلاحي» محمد خاتمي من بعده. ويسعى «روحاني» لفصل السياسة النووية عن الحياة السياسية الإيرانية التي تتميز بكثرة خلافاتها، مشدداً على أن الفضل في استمرار البرنامج وتقدمه ينبغي أن يعود إلى كل الحكومات. وقد أمضى «روحاني» معظم فترة توليه لهذا المنصب في التفاوض مع ثلاث قوى أوروبية - بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا - حول أي نوع من البرامج النووية سيُسمح لإيران بامتلاكه. وكان الحدث الأبرز الذي ميزها، هو تعليق بلاده الطوعي لبرنامجها في عام 2004. كانت تلك أيام خاصة في الشرق الأوسط، حيث أدت حملة «الصدمة والرعب» في العراق إلى ترهيب أنظمة متمردة ومتصلبة أخرى، مثل النظام الإيراني، ودفعتها للمصالحة وتسوية الخلافات. ويقول «روحاني» في هذا الصدد: «لم يكن أحد يعتقد أن صدام سيسقط بسهولة، وأن أميركا ستضطر لقتال الجيش العراقي لستة أشهر على الأقل قبل الوصول إلى قصر صدام». غير أن قرب الأسلحة الأميركية، أرغم النظام الإيراني على التصرف بحذر ووقف أنشطته النووية. ومع ذلك، فإن «روحاني» أمضى العقد الماضي في التلميح إلى أن إيران اغتنمت فترة التعليق لإقامة الأساس التكنولوجي، الذي أتاح التقدم اللاحق في البرنامج النووي. ولكني شخصياً أعتقد أن مثل هذه المزاعم مبالغ فيها؛ ذلك أن تعليق إيران لبرنامجها كان نتيجة الخوف، وبالتالي فإنه كان شاملًا إلى حد ما. وبالمقابل، فإن المكاسب التي حققتها إيران منذ استئناف البرنامج إنما تعود إلى براعة مؤسستها العلمية، التي كثيراً ما يقلل من شأنها الغرب ولا يأخذها في عين الاعتبار. ومهما يكن الدعم السياسي الذي يحظى به روحاني بين «الإصلاحيين» الإيرانيين، إلا أنه ليس واحداً منهم؛ ذلك أن الحرية السياسية قلما شكلت أولوية بالنسبة له. ومع ذلك، وخلافاً للعديد من المؤدلجين، فإنه ينتمي إلى جناح أكثر اعتدالاً من النظام الديني، ينظر إلى النقاش النووي ضمن السياق الأكبر لعلاقات إيران الدولية. ويذكر هنا أن الرئيس الإيراني الجديد كان من المنتقدين الدائمين للخطاب الناري للرئيس السابق نجاد. كما أن «روحاني» شدد كثيراً على أهمية الاقتصاد، خلال السباق الرئاسي الأخير. وعبر صفحات كتابه، يشتكي روحاني من أن الجمهورية الإسلامية كثيراً ما تتبنى مواقف متطرفة ثم سرعان ما تجد أنه من الصعب التراجع عنها - ومثال ذلك تقديم مطالب مبالغ فيها على نحو غير ضروري مقابل الإفراج عن الرهائن الأميركيين بعد الاستيلاء على السفارة الأميركية في عام 1979، أو التشديد خلال الحرب العراقية- الإيرانية على أن إيران لن تنهي الحرب حتى يتنحى صدام عن الحكم. غير أنه في تلك الأيام، كان بوسع النظام على الأقل الاعتماد على مكانة الخميني لإخراج البلاد من مآزق من صنعها. وفي مذكراته، يشير روحاني ضمنياً إلى أنه منذ وفاة آية الله الكبرى، كانت البلاد تسير أحياناً من دون اتجاه، وكان يطبعها التردد وعدم الحسم. وقد كتب في هذا السياق يقول: «إن قلة قليلة مستعدة لتحمل مسؤولية القرارات الوطنية الصعبة... لأنها تدرك أن الأشخاص الذين ليست لديهم هذه المسؤولية سيوبخونها ويشهرون بها، ما يؤدي إلى فقدان الجمهور للثقة في النظام». غير أن وجهة نظر روحاني لا تخلو من تناقضات، ذلك أنه يشدد على أن إيران تستطيع توسيع برنامجها النووي، واستعادة عقودها التجارية في الوقت نفسه، رغم أن إيران اليوم تنتهك عدداً من قرارات مجلس الأمن الدولي، ولا تستطيع إعادة دخول الاقتصاد العالمي حتى تلبي مطالب الأمم المتحدة. والأكيد أن النبرة والأسلوب مهمان، غير أن ما ينتظر الرئيس روحاني هو المقايضة الصعبة للاستغناء عن جوانب مهمة من البرنامج مقابل التخفيف من العقوبات. ولكن بالنظر للسهولة، التي استغنى بها المرشد الأعلى عن رؤساء الدولة الدينية السابقين، فإن السؤال الذي يحوم حول روحاني واضح: ما هو حجم السلطة التي سيمتلكها فعلا؟ الواقع أنه حتى في النظام السياسي الإيراني المزدحم، فإن مكتب الرئاسة يعتبر مهماً ومؤثراً - ذلك أن الرئيس هو الذي يعين المسؤولين في الوزارات، ويحدد الميزانيات، ولديه كلمة يقولها في الأمن القومي. ولكن اللافت في كتاب روحاني هو أن خاتمي يختفي من المشهد إلى حد كبير؛ فهو كثيراً ما يستشار، ولكن مشورته لا يُعمل بها. وبخصوص القضايا المهمة والحساسة - مثل الملف النووي، وتحديات الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد عام 2011 - يبقى خاتمي في الخلفية، غالباً كوجه عام للحكومة، ولكن نادراً كأكثر صوت تأثيراً. وخلاصة القول إنه إذا تمكن روحاني من تأكيد سلطته وفرضها على مراكز السلطة المتعددة في الجمهورية الإسلامية، فإنه سيصبح رئيساً «تحولياً» حقاً. ولكن ذلك العبء سيكون عبأه لوحده، لأنه ليس ثمة أشياء كثيرة تستطيع أميركا أن تفعلها لتسهيل مهمته. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©