السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قضاة غانا... وصيانة الديمقراطية في غرب أفريقيا

8 يوليو 2013 21:58
كريس شتاين أكرا بعد ستة أشهر على الانتخابات الوطنية، ما زال سؤال من يحق له قيادة غانا -التي كثيراً ما يشار إليها باعتبارها منارة الديمقراطية في غرب أفريقيا- أبعد من أن يوجد له إجابة. فأكبر أحزاب المعارضة في البلاد، يواصل الطعن قانونياً في رئاسة جون دراماني ماهاما، الأمر الذي يجعل غانا تبدو كمختبر للديمقراطية أكثر منه كنموذج ديمقراطي ناجز، حيث يزعم «الحزب الوطني الجديد» المعارض بأن انتخابات ديسمبر الماضي شابتها خروقات، وأن مرشحه «نانا أكوفو آدو» هو الفائز الحقيقي فيها. ومنذ أن رفع الحزب الوطني الجديد دعواه في نهاية عام 2012، يتابع الغانيون ما يجري باهتمام كبير في وقت فتحت فيه المحكمة العليا تحقيقاً في النظامين السياسي والقضائي للبلاد، يبث مباشرة على التلفزيون والإذاعة من مبنى المحكمة العليا في العاصمة. وبشكل عام، تتعامل البلاد مع هذا الطعن بهدوء، حيث تتقدم العريضة عبر المحكمة العليا من دون قتال في الشوارع. غير أنه على بعد بضعة أسابيع ربما على اتخاذ أعلى محكمة في البلاد قراراً بشأن مصير أعلى مسؤول منتخَب في البلاد، يخشى الكثيرون أن يقلب الحكم ديمقراطية غانا رأساً على عقب ويعرقل واحداً من أكثر الاقتصادات الواعدة في غرب أفريقيا. وفي هذا الإطار، كتب أمين عام الأمم المتحدة السابق عنان، وهو رجل دولة غاني يحظى بالتقدير والاحترام على نطاق واسع، يقول في مقال رأي نشر الأسبوع الماضي في أكبر صحيفة غانية: «إن على الطرف الناجح أن يقاوم إغراء التعبير عن الفرحة والتشفي؛ بينما يتعين على الطرف الآخر مقاومة الرغبة في التشكيك في المحكمة وقرارها». وأضاف عنان يقول:«إن الاستسلام لأي من الرغبتين سيكون أمراً متهوراً وغير جدير بزعماء ديمقراطيين يتمتعون بحس المسؤولية، وغير جدير بشعب غانا في الواقع الذي تعتمد آفاق نجاحه على استمرار الاستقرار السياسي». وإلى جانب الذهب الذي في باطن أرضها والكاكاو، الذي في حقولها، يعتبر الاستقرار واحداً من نقاط الجذب الرئيسية في غانا. فإذا كان جزء كبير من أفريقيا الغربية يعاني من الحروب والانقلابات، فإن غانا ديمقراطية مستمرة منذ عام 1992. وهي ديمقراطية نشطة ومشاكسة في الواقع، ذلك أنه عندما أعلن الحزب الوطني الجديد عن اعتزامه الطعن في نتائج الانتخابات، فإنه قام بذلك وسط هتافات عالية موجهة إلى حزب ماهاما، «المؤتمر الوطني الديمقراطي»، تتهمه بالسرقة. وفي هذه الأثناء، وصف «المؤتمر الوطني الديمقراطي» دعوى «الحزب الوطني الجديد» باعتبارها من قبيل التشكيك الذي يلجأ إليه الطرف المنهزم الذي يفتقر للروح الرياضية. وفي هذا السياق، يقول «بيري أوكودزيتو»، المتحدث باسم الحزب الوطني الجديد: «إذا تم تمحيص هذه الأشياء بإمعان، ما كان جون دراماني ماهاما ليفوز في الانتخابات»، مضيفاً «إننا واثقون بأن (طعننا) سيكون صائباً وصحيحاً». والواقع أن القضية نفسها أثارت حرباً كلامية مماثلة. فمنذ أن بدأ المحامون بمعاطفهم السوداء يقصدون المحكمة العليا، وجدوا في انتظارهم حشوداً من الصحفيين الذين يملأون الصفحات الأولى لجرائدهم بأحدث التصريحات التي أدلى بها هذا القاضي أو ذاك المحامي. وفي هذه الأثناء، تتجه أنظار وأسماع البلاد صوب المحكمة، بعد قرارها الذي سمح للتلفزيون الرسمي بنقل مجريات المحاكمة على التلفزيون والإذاعة. وعندما تنطلق إحدى جلسات المحاكمة، يكون كل جهاز تلفاز أو راديو في كل سيارة أجرة ومكتب ومنزل مضبوطاً على المحطة أو القناة التي تنقل وقائع المحاكمة مباشرة لدرجة أن البعض أخذ يطالب بالكف عن نقل وقائع المحاكمة على الأثير حتى يكف الناس عن المشاهدة ويعودوا إلى أعمالهم. ورغم أن الحزب الوطني الجديد ما زال محافظاً على الأمل في أن تحكم المحكمة لصالحه، فإن بعض المحللين يشكون في ذلك. ففي فبراير الماضي، قالت وحدة الأبحاث والاستشارات التابعة لمجموعة «ذي إيكونوميست» إن المعارضة فشلت في إثبات أن الخروقات ترقى إلى أكثر من الارتباك وسوء التنظيم من جانب عملاء استطلاعات الرأي المحليين، متوقعةً ألا تطرح العريضة تهديداً لحكم ماهاما. ومن جانبه، قال «بن إفسون»، منظم استطلاعات الرأي وناشر صحيفة «ديلي ديسباتش»: «أعتقد أن الحزب الوطني الجديد جعل الناس يعتقدون أن البلاد باتت جامدة ومشلولة». والواقع أن المحكمة لديها هامش واسع للحكم، ولكن الأرجح أن القضاة سيؤيدون فوز ماهاما، أو سيقلبونه لصالح «أكوفو آدو»، أو سيغيرون الأصوات بما يكفي لإحداث جولة إعادة بين المرشحين. وفي هذا الإطار، يرى «كواكو بوفوه أجيمان»، رئيس منظمة المحامين الغانيين في أميركا أن أي حكم من المرجح أن يكون مشفوعاً بتوصيات من أجل تحسين عملية التصويت لضمان أن الارتباك، الذي يدعيه الحزب الوطني الجديد لن يتكرر. ويقول أجيمان: «إذا خرجت غانا (من هذه الأزمة) بسلام، فسيظل ذلك محفوظاً في كتب التاريخ»، مضيفاً «إن المرء لا يتوقع أن يحدث هذا الأمر في أفريقيا. ففي الكثير من البلدان الأفريقية الأخرى كان سيتحول ذلك إلى نوع من الحرب الأهلية». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©