الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قفص الزوجية خير من حرية الطلاق!

قفص الزوجية خير من حرية الطلاق!
7 أكتوبر 2010 20:58
قفزت إلى حياتي الزوجية بالمصعد مرة واحدة، وليس كما ينبغي أن يكون، أي أن ارتقي درجة درجة، بمعنى أنني يجب كما هو معتاد أن أتعرف على خطيبي، وأن أبدي فيه رأيي، ثم أتعرف على أخلاقه، وماذا يحب كل منا وماذا يكره، وهل هناك توافق بيننا؟ إلا أن ما حدث كان عكس ذلك تماما. بعدما انتهيت من دراستي المتوسطة، قبعت في بيت أبي، انتظر المجهول فليس لدي طموحات أو خطط، كل ما أريده واطمح إليه أن يطرق بابنا من يطلب يدي مثل كل بنات عائلتي، لكن ليس هذا ما حدث، مثل أي فتاة أحلم بمن يخطفني على حصان أبيض، وليس بالضرورة أن يكون ثريا وصاحب حسابات في البنوك أو مصانع وشركات، وإنما يكفي أن نتوافق ونرتبط، وكنت على استعداد لان أكافح معه واضع يدي في يده ونبني مستقبلنا معا لنشعر بحلاوة الإنجاز، أحلم أن نخرج معا، نتنزه ونتناقش ونخطط، أتأبط ذراعه، يبثني أحلى كلمات الحب التي تطرب الأنثى، نختار قطع الأثاث لعشنا مهما كان صغيرا وبسيطا، نضع فيه كل قطعة في المكان الذي نراه مناسبا. لم يحدث شيء من ذلك حيث فوجئت بمن يطلب يدي ولا أعرف عنه أي شيء، صحيح انه لم يُفرض عليّ، ولم اجبر على قبوله بل خيروني، وعرضوا عليَّ الأمر، إلا أنني أرفض أو اختار المجهول فلست أدري أن كنت اقبل أم لا، الأمران متساويان، إن رفضت فلا سبب لذلك، وإن قبلت فليس هناك بأس فلا يوجد في حياتي شخص آخر، ولا انتظر شابا بعينه، ورأيت في عيون الجميع موافقة وهذا في حد ذاته دفعني إلى القبول. لم أتخل عن أحلامي ولا انهارت أمنياتي ورأيت أن تتحقق بعد الزواج، فليست هناك قاعدة تؤكد ضرورة أن تسبق الزواج قصة حب، بل ربما يموت الحب بالزواج، وشاهدت أيضا نجاحات لا حصر لها لزيجات تقليدية، ووافقت على العريس. انتقلت إلى بيت زوجي، بعد ليلة عرس كنت أجلس فيها بجانب رجل غريب ولا أنكر أن التفكير في المستقبل أفسد عليَّ الفرحة التي كنت انتظرها طوال حياتي، فلست أدري إن كنت مقبلة على جنة أم على نار وان كنت أُمنّي نفسي بحياة مستقرة وسارت بي الأيام عادية، فكلانا من الطبقة المتوسطة، لسنا من المغمورين في القاع ولا من أهل القمة، وأنا لست فائقة الجمال وهو شاب مثل الآلاف ليس فيه ما هو خارق للعادة، وليس من ذوي المناصب العالية، لا أذكر ذلك من باب السخط أو الرفض وإنما من باب الواقع بلا زيادة ولا نقصان، كانت لدي مميزات ظاهرة مثل أنني أقيم في شقة مستقلة، وأعيش في بيتي على حريتي، وان كان زوجي من النوع البخيل في مشاعره، ولا يعبر أبدا عن حبه لي أو حتى رضاه عني وعن حياتنا حتى انه لا يثني على طعام صنعته، ولا يشعرني بشيء من المجاملة أو الإطراء كما تحب كل زوجة، ورغم ان ذلك ازعجني في البداية لكنني تأقلمت معه، خاصة وأنني علمت أن معظم الرجال على شاكلة زوجي، وتغاضيت عن هذا التفكير الذي اعتبرته ترفا لا قيمة له. ورغم مرور شهور معدودة على زواجنا تسرب الفتور لحياتي الزوجية، إذ أن زوجي كان الحاضر الغائب، تصرفاته رتبية مملة، يستيقظ في الصباح ويعود في الظهيرة، يتناول الغداء، ثم ينام القيلولة، يرتدي ملابسه ويخرج لأصدقائه على المقهى ثم يعود في ساعة متأخرة إلى النوم، يقتلني الملل، وعندما شكوت له هذا الوضع، تحجج بانه لا يوجد في المنزل ما يسليه، وناقشنا الأمر بجدية وكيف يمكن لي أن أعيده إلى البيت ليبقى معي، واستقر الأمر بأن نشتري حاسوبا يمكنه من خلاله أن يلهو ويلعب، أو يدخل على الإنترنت ويغوص في العالم الافتراضي ويرى الدنيا، ورحب بالفكرة التي دخلت حيز التنفيذ. كنت مثل التي جاءت لزوجها بضرة، لان هذا الجهاز الساحر سيطر عليه تماما وزاد إهماله لي، بل ولعمله، أما ما لم احسب له حسابا فقد اكتشفت سوء أخلاقه ودخوله على مواقع إباحية وبدأت أقاتل من أجل إثنائه عن هذا الغي، لكن أخذته العزة بالإثم، واستنكف أن أوجه له نصيحة، ورفض أن يستجيب لي، وبدأت حياتنا تتحول إلى مأساة، فقد كان القادم أسوأ، إذ بدأ يتأثر أكثر بهذه المواقع ويضعني في مقارنة مع الساقطات، ومن الطبيعي أن اخسر، لكن ليس من الطبيعي أن أتحمل، لأن للصبر حدودا، وتسربت المشاكل مبكرا إلى حياتنا في هذه الفترة القصيرة التي لم تصل بعد إلى العام، وتفاقمت ووصلت إلى طريق مسدود، لا يهتم بوجودي، وأغلق باب الحوار والنقاش، ووصل الأمر إلى الاعتداء عليّ بالضرب، لملمت حاجياتي وعدت إلى بيت أبي، استنجد من هذه الأفعال التي كان من الصعب تحملها. رغم سوء فعلته فإنني لم اقصد من غضبتي تلك إلا أن أضغط عليه لعله يتراجع، أملا في إصلاحه، واستنكر الجميع هذه التصرفات إلى حد أن بعض أقاربي وأقاربه لم يصدقوني، وتدخل الكبار في الأسرتين لإزالة أسباب الخلاف وتقريب وجهات النظر، وإعادة المياه إلى مجاريها، فليس من المعقول ان يتم الطلاق لسبب واه ونحن في البداية، لكن كانت المفاجأة المدوية انه اعترف بتصرفاته، ورفض أن يعتذر عنها، فتغاضوا عن فكرة الاعتذار، واكتفوا بأن يقلع عنها ويعود إلى رشده، فكانت المفاجأة الأكبر انه رفض أيضا متعللا بأن ذلك شيء يخصه ولا يجوز لاحد أن يتدخل في حياته، إلى هنا لم يكن هناك خط رجعة، رأى الجميع أن الانفصال الآن أفضل من الاستمرار، قبل أن يكون بيننا أطفال يدفعون ثمن أخطائه. وعلى غير المتوقع تم الطلاق، نهاية لم أكن أتمناها ولا أريدها لكنها فرضت نفسها بلا اختيار من جانبي، حتى لو لم أكن أحبه لكنني تزوجته وارتضيت به، ووجودي معه على عيوبه أفضل من أن أحمل لقب مطلقة، لكنني حملته مجبرة. تقوقعت في غرفتي ببيت أبي، بلا عزاء ولا صديق ولا أنيس إلا الدموع، أنعي حظي العاثر، فشلت جهود أمي في إخراجي من هذه المحنة، وليس لي عمل أو ما يشغلني أو ينتشلني من بحر الأحزان العميق، كأنني في قارب بلا مجداف، وسط الأمواج ولا يلوح في الأفق أي اثر لشاطئ، حتى علمت أن طليقي مريض مرضا شديدا ويرقد في المستشفى، ووجدت في ذلك مخرجا ونقطة ضوء تلوح في نهاية النفق المظلم، استأذنت أبي في أن أزوره وهو في هذه الحالة المرضية الخطيرة، فرد بأنه ليس زوجي وإنما طليقي ولا توجد أي علاقة تربطني به، ومع تسليمي بصحة قوله إلا أنني أعتقد انه كانت بيننا علاقة ورباط مقدس، قد يشفع لي بأن أزوره واطمئن عليه وفاء للعشرة وان كانت معدودة الأيام. توجهت إليه في مشفاه، وتلاقت دموعي مع دموعه، كأنها عتاب مني واعتراف منه بالذنب، لم نتعاتب وكررت زياراتي له إلى أن شفيَّ، كان من الطبيعي أن نتحدث في أمر العودة إلى حياتنا الزوجية، وشرطي الوحيد أن يتوقف عن التعامل مع الإنترنت، حتى لو عاد إلى المقهى، لكنني فوجئت به يراوغ ولا يريد أن يعطيني ردا حاسما. الآن أنا حائرة أخشى أن أعود إليه فيزداد الندم. وأخاف إن لم أعد أن يسارع بالارتباط بأخرى، فيصبح الطريق بلا عودة ويقطع خط الرجعة، أنا مترددة لكن أسرتي حسمت موقفها بالرفض التام. أريد الآن أن أحطم كل أجهزة الكمبيوتر التي في الدنيا لأنني أراها “ضرتي” التي أخذت مني زوجي، أشعر نحوها بالغيرة الشديدة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©