الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا ومكافحة التغير المناخي

20 ديسمبر 2016 23:14
أظهر الرئيس المنتخب دونالد ترامب تناقضاً حيال العديد من السياسات مثل برنامج «أوباماكير» والإنفاق على البنية التحتية، بيد أن موقفه فيما يتعلق بقضية واحدة على الأقل كان واضحاً وضوحاً تاماً: التغير المناخي. فقد تعهد ترامب بالانسحاب من اتفاقية باريس التي تهدف إلى الحد من استخدام الوقود الأحفوري، وقدم نفسه كمدافع عن صناعة الفحم. وقد طالب فريقه الانتقالي وزارة الطاقة بإعداد قائمة بأسماء الموظفين الذين بذلوا جهوداً في قضية التغير المناخي. وتبدو السياسة القومية الأميركية مهيأة لتحول ملحمي بعيداً عن الطاقة البديلة والحد من الكربون. وربما لا يكون هذا كافياً لتغيير مسار الكوكب. فأكبر مصدر لانبعاثات الكربون حتى الآن هي الصين، وجميع الزيادات في الانبعاثات تأتي من دول العالم النامي. وفي الوقت نفسه، فإن الولايات والمدن الأميركية ستواصل الجهود للحد من الكربون، ومن غير المرجح أن تتوقف التحسينات المطردة في تكنولوجيا الطاقة الشمسية والبطاريات. ولكن إذا حذت دول أخرى حذو ترامب، فإن الجهود الناشئة لصد ظاهرة الاحتباس الحراري قد تعاني من انتكاسات كبيرة. ترى من هو الرابح نتيجة التراجع في الحرب على التغير المناخي؟ من الواضح أنها صناعات النفط والفحم والغاز في جميع أنحاء العالم، وكذلك شركات الكهرباء العاملة بالفحم. بيد أن الرابح الأكبر ربما يكون دولة أخرى: روسيا. إنها ستربح عندما تتعثر جهود مكافحة التغير المناخي لأنها، أولا وقبل أي شيء، دولة بترولية. ويشكل النفط والغاز الجزء الأكبر من صادرات روسيا، ويوفر للحكومة الروسية معظم إيراداتها. ومن دون النفط والغاز، سيعاني اقتصاد روسيا حالة من الفوضى، بعد أن أدى الانخفاض الحاد في أسعار الطاقة في تسعينيات القرن الماضي، ومرة أخرى في السنوات الثلاث الماضية، إلى معاناة الاقتصاد من حالة من الركود العميق. وعلى المدى القصير، فإن مزيداً من تنقيب الولايات المتحدة عن النفط، علاوة على صادرات الغاز، قد أضر بروسيا، نظراً لأن هذه الصادرات تساعد على استمرار انخفاض أسعار الوقود الأحفوري. ولكن على المدى الطويل، فإن أكبر مصدر للخطر بالنسبة لروسيا يأتي من التحول الدائم بعيداً عن الوقود الأحفوري. ومن ناحية أخرى، فإن تكنولوجيا الطاقة الشمسية تزداد رخصاً بشكل مطرد. وإذا كان من الممكن تخزين الكهرباء الناتجة عن الطاقة الشمسية بسهولة لاستخدامها في الإنارة ليلاً وفي النقل، فإنها ستحل محل النفط والغاز والفحم. ومن الممكن أن تتحطم أسعار هذه السلع، وألا تتعافى مرة أخرى، ما يترك الاقتصاد الروسي في حطام. والحاجز التكنولوجي الرئيسي لنهاية عصر الوقود الأحفوري الآن هو تكنولوجيا البطاريات. فالبطاريات تتحسن، لكنها لا تزال على بعد سنوات من السماح للسيارات الكهربائية وتخزين الطاقة الشمسية بالسيطرة على العالم. وحالياً، تستخدم الحكومة الأميركية الدعم وتمويل البحوث لدفع تكنولوجيا البطاريات إلى الأمام. وإذا تحولت عن مكافحة التغير المناخي، فإن هذه الأموال من المرجح أن يتم إلغاؤها أو إهمالها. وسيكون شريان الحياة الاقتصادية لروسيا أكثر أمناً. وفي الوقت نفسه، من الممكن أن تتخلى الولايات المتحدة عن جهود الحد من استخدام الكربون، وأن تحذو أوروبا حذوها، خوفاً من أن تفقد شركاتها ميزتها التنافسية، جدير بالذكر أن روسيا تصدر معظم وقودها الأحفوري إلى أوروبا، لذا فإن القليل من القيود على استخدام الكربون في هذه المنطقة من شأنه أن يساعد على تأمين الأسواق الرئيسية في روسيا والإبقاء على أوروبا أكثر اعتماداً، من الناحية الاقتصادية، على جارتها العملاقة. ولكن، ألن تعاني روسيا إذا سُمح للتغير المناخي بالمضي قدماً، تماماً كما هو الحال في سائر البلدان الأخرى؟ في الواقع، فإن روسيا، بسبب جغرافيتها، تكاد تكون معزولة عن المخاطر الرئيسية لظاهرة الاحتباس الحراري، ويمكنها حتى أن تستفيد. إن معظم أنحاء روسيا تغطيها أرض دائمة التجمد أو سهول التندر، ما يجعلها غير صالحة للزراعة وأيضاً مكاناً غير مناسب للعيش فيه. ومن الممكن أن يغير الاحتباس الحراري ذلك. ووفقاً لتقديرات الباحثين في جامعة «لودفيج ماكسيماليا» في ألمانيا، فإن درجات الحرارة المرتفعة من الممكن أن تضيف أكثر من 3 ملايين كم مربع (1.15 مليون ميل مربع) للأراضي الصالحة للزراعة في روسيا. وهذا يعد تناقضاً صارخاً مع معظم البلدان، التي ستتقلص أراضيها الزراعية نتيجة ارتفاع درجات الحرارة. *أستاذ مساعد العلوم المالية في جامعة «ستوني بروك» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©