الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أجواء احتفالية بـ «حق الليلة» لاستعادة أيام الذكريات

أجواء احتفالية بـ «حق الليلة» لاستعادة أيام الذكريات
6 يوليو 2012
في ظل أجواء احتفالية عامرة بالفرح والسرور، ابتهجت الأسر بليلة منتصف شعبان، التي تسمى محلياً «حق الليلة»، حيث عمت مظاهر الفرحة بهذا التقليد الاجتماعي المتوارث عدداً كبيراً الدوائر والهيئات الرسمية والخاصة، من خلال فعاليات وأنشطة عديدة ومتنوعة جعلت من التراث الأصيل شعاراً لها، مستعيدة مشاهد من زمن الماضي الجميل، حينما إن كان الفريج يعج بالصغار المتشحين بأجمل الملابس التقليدية، يدقون الأبواب طلباً للحلوى بالأهازيج والغناء. (الشارقة) - احتضن نادي سيدات الشارقة احتفاله الدوري بمناسبة حق الليلة، منظماً جملة من البرامج والفعاليات التراثية التي أحيا بها الليلة، بالتعاون مع إدارة التراث ودائرة التنمية الاقتصادية وإدارة مراكز الأطفال والفتيات في الإمارة، تحت مسمى «تراثنا»، وحضر أكثر من 600 شخص من أهالي المدينة من الأمهات والأطفال، حيث طغى على الأجواء أريج من عبق التراث وبشائر فرحة الناس بقرب استقبال الشهر المبارك، لتطوف البنات بملابسهن الشعبية المبهرجة بين أرجاء المكان وهن يرددن بغبطة بين الحضور «عطونا يعطيكم..بيت مكة يوديكم»، يحملن أكياساً ملونة من القماش معبأة بالحلوى والسكاكر والمكسرات. إلى ذلك تقول سعاد المري المسؤولة الإعلامية في نادي السيدات إن الاحتفال تقليد سنوي دأبنا على إحيائه والاحتفاء به، كونه يمثل مناسبة نعتز بها ومتأصلة في أعماق وجداننا ، توارثناها جيلاً بعد جيل، ونستعيد فرحتها في منتصف شهر شعبان من كل عام، ونحن كوننا نمثل إحدى مؤسسات المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، فقد حرصنا على استمرار كل ما من شأنه أن يدعم التراث الإنساني ويعزز الهوية الوطنية ويغرز حب الانتماء للإمارات، مشيرة إلى أن احتفالية «حق الليلة» تأتي ضمن هذا السياق، حيث يستعيد المشاركون من خلالها تقليداً شعبياً معروفاً بين سكان المنطقة، لمناسبة غالية تحمل بصمات دينية وتراثية متشعبة في بيئتنا المحلية، تتأكد فيها أطر المحافظة على العادات والتقاليد وإعلاء شأن القيم الاجتماعية التي نشأنا وتربينا عليها. احتفالية تراثية وانطلق الاحتفال بحق الليلة بلوحات غنائية ورقصات شعبية مع أهازيج فلكلورية للأطفال المشاركين، ليهدوا كل الحضور مجموعة من التوزيعات الجميلة بأكياس معبأة بالحلوى وخلافه، وكان هنالك دور بارز للأسر المنتجة في ركن«البازار»الشعبي، حيث اصطفت المشاركات ليبعن صناعاتهن المحلية من الملابس التراثية والأشغال اليدوية، كما حضرت مجموعة من اللواتي تبرعن برسم نقوش الحناء علي أيادي الزائرات، بالإضافة إلى ركن الأكلات الشعبية التي كانت تحضّر وتطبخ مباشرة أمام الجمهور، مثل «اللقيمات، وخبز الرقاق، والدنجو» مع تقديم بعض المشروبات التقليدية مثل الشاي والحليب بالزعفران والحبة الحمراء وفناجين القهوة العربية المهّيلة، بمشاركة خاصة من حرفيات التنمية الاجتماعية في الشارقة، اللواتي ساهمن بعرض أعمالهن اليدوية المستمدة من صميم التراث الوطني، كخدمة «التلي» وصناعة «البادلة» وخياطة «البراقع»، ليضفن بحضورهن الجميل مزيدا من الغنى والتنوع على كامل الاحتفالية. بساطة الماضي وقالت أم عبدالله 66 عاماً عن فرحة مشاركتها بحق الليلة، كان يوم حافلا اختلطت فيه الألوان والوجوه وعمت بركته على جميع الحاضرين، حيث ظهر الأطفال بزيهم الجميل وهم يتغنون ويجمعون الحلوى والمكسرات بأكياسهم الملونة، مما أعادها سنين إلى الوراء وذكرها بأيام الطفولة وكيف كانت تبتهج بيوم «حق الله» في الزمن الماضي، حيث لم تكن تملك رفاهية هذه الأيام، وكانت حياتها بسيطة ومتواضعة خالية من مظاهر البذخ. وأضافت، كنا أطفالا قنوعين نرضى بالقليل ونفرح بكل شيء، وأتذكر سعادتنا في هذه المناسبة تحديدا، حين نتجمع عصرا في الفريج، ونحن مرتديات ملابسنا التقليدية مثل كندورة «البوتيلة»، والثوب المجزع والمخاوير، وأيادينا الصغيرة مخضبة بالحناء، ندور على بيوت الجيران لنقرع الأبواب ونطالب بالحلوى لنجمعها في كيس قطني أو ما يعرف بـ«الخريطة»، وأتذكر مدى فرحتنا العامرة حينها، خاصة عندما كنا نحصل أحيانا من بيوت الميسورين على بعض العملات المعدنية الصغيرة التي لا تتجاوز قيمتها حتى الخمسة فلوس آنذاك، لنختتم جولتنا مع وقت دخول المغرب ونعود لبيوتنا الشعبية ونحن مغتبطين ومحملين بما جمعناه من «البرميت والحامض حلو، والنمكي، والعصير». موروث شعبي وتعبّر أم شهد في العقد الثالث من العمر، عن أهمية المناسبة، لقد تغير الزمن، وأطفال اليوم لا يقنعون ببساطة الأشياء، وحتى طقوس مناسبة حق الليلة، تغيرت وأصبحت أكثر بذخاً، فالكثير من الأمهات يتفنن بشراء الأكياس الملونة المطرزة والمزخرفة، ليعبئنها بأفخر أنواع الشوكولاتة والمكسرات مع بعض المبالغ المالية أحيانا، ولكن بالرغم من كل الفروق والاختلافات ومهما تباينت أشكال الاحتفال، تبقى المناسبة بحد ذاتها هي بيت القصيد، لأنها تمثل حدثا تراثيا متأصلا في ذاكرتنا، وهي تشي ببهجة الناس بحلول رمضان الكريم وقرب قدوم موعده، كما تعبر عن فرحة الأطفال وسعادتهم بحق الليلة، التي تعزز لديهم قيمة الموروث الشعبي وخصوصية ثقافة أهل الخليج. وتتابع الحديث الطفلة شهد عشر سنوات، لقد احتفلنا مع بنات نادي سيدات الشارقة وكانت ليلة رائعة، احتوت على العديد من المفاجآت، وقد أعجبني تجميع الحلوى وسماع الأغنيات الشعبية، كما شاركت في فعالية المرسم الحر ورسم الحناء، وتفاعلت في حل المسابقات والفوازير لأحصل بعدها على الهدايا والألعاب، وقضيت وصديقاتي أوقاتاً سارة ونحن مستمتعين بأكل اللقيمات وشرب أكواب الشاي بالحليب. إضاءة تأتي الاحتفالية التراثية ضمن خطط نادي سيدات الشارقة وأهدافه الموجهة، التي تدعوا إلى تعليم وتعريف الأجيال الجديدة بكل قيم العادات والتقاليد في دولة الإمارات، مع توعية المجتمع وتشجيعه على المحافظة على تبني الموروثات الشعبية، ومواصلة الاهتمام بالاحتفالات والمناسبات العامة التي تعزز عناصر الثقافة والتراث.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©