الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إجلال كبار السن وقضاء حوائجهم من سنن الأنبياء

إجلال كبار السن وقضاء حوائجهم من سنن الأنبياء
6 يوليو 2012
اهتم الإسلام بكبار السن وأولادهم عناية خاصة باعتبارهم جزءاً من المجتمع الإسلامي، حيث أوضح عدد من علماء الدين أن إجلال كبار السن وقضاء حوائجهم من سنن الأنبياء وشيم الصالحين، وأن الشريعة الإسلامية دعت إلى التراحم بين أفراد المجتمع ونشر الفضائل. وأشار العلماء إلى ضرورة معاملة كبار السن ورعايتهم بطرق حسنة، والإنفاق عليهم، وتأمين الحياة الكريمة لهم من أجل إسعادهم بعد أن بذلوا عصارة حياتهم وأدوا دورهم في الحياة على أكمل ما يكون، مؤكدين أن اهتمام الشريعة الإسلامية بالمسنين تجلى في نصوص كثيرة وردت في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية تحث على التراحم بين أفراد المجتمع الإسلامي، ونشر الفضائل الإنسانية بينهم. (القاهرة)- قالت الباحثة الإسلامية الدكتورة خديجة النبراوي، للمسن مكانة متميزة في المجتمع الإسلامي، فهو يتعامل معه بكل توقير واحترام، ويعد توقير الكبير وتقديره أدب من آداب الإسلام، وسنة من سنن نبي الإسلام، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم: “ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا”. وترصد الدكتورة خديجة بعض الممارسات العملية التي حث عليها الإسلام الحنيف لاحترام وتقدير المسن منها البدء الكبير بالأمور كلها كأن يتقدم الكبير على الصغير في صلاة الجماعة، وفي التحدث إلى الناس، وفي الأخذ والعطاء عند التعامل، والترهيب من استخفاف الصغير بالكبير، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ ثلاث لا يستخف بهم إلا منافق: ذو الشيبة في الإسلام، وذو العلم وإمام مقسط” ، والحياء من الكبير لأن الحياء خلق يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق الكبير وإنزال الكبير منزلته اللائقة به. إجلال الكبير وتشير الباحثة الإسلامية إلى أن إجلال الكبير وتوقيره وقضاء حوائجه سنة من سنن الأنبياء وشيمة من شيم الصالحين الأوفياء، ومن ثم يجب أن يحسن الصغار إلى كبار السن لاسيما الوالدين من الآباء والأمهات “إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا”. وتقول الدكتورة خديجة: ويعتبر المجتمع المسلم من أفضل المجتمعات الإنسانية العالمية قاطبة لما فيه من الود والمحبة والتعاون والتكاتف والتكافل الاجتماعي في جميع مناحي مسيرة الحياة من الولادة وحتى الممات أو كما يقال من المهد إلى اللحد، فالمجتمع المسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا. ويؤكد الدكتور أحمد عمر هاشم عضو مجمع البحوث الإسلامية ــ أن الإسلام اهتم بأمر المسنين في المجتمع منذ أكثر من أربعة عشر قرنا، حيث اعتنى بهم في جميع نواحي الحياة الاجتماعية، والصحية، والاقتصادية، والنفسية، وبهذا يكون الإسلام قد سبق الأنظمة المعاصرة التي أخذت تنادي بالاهتمام بالمسنين في الآونة الأخيرة. نظرة شمولية ويقول الدكتورة هاشم: النظرة الإسلامية للمسن تختلف عن النظرة الوضعية التي يقتصر اهتمامها على بعض الجوانب في حياة المسن، فالإسلام ينظر إلى المسن نظرة سماوية تعبدية شمولية تهتم بصحته، وروحه، وحياته الاجتماعية، والاقتصادية، والنفسية، ومن أبرز مظاهر عناية الإسلام بالمسنين العناية بهم ضمن النطاق الأسري في الأسرة، ويظهر هذا في الأمر ببر الوالدين والإحسان إليهما، ولقد تعددت الآيات القرآنية التي توصي الإنسان بوالديه، وبرهما والإحسان إليهما في كل مراحل العمر، لكن القرآن خص مرحلة كبر سنهما باهتمام أوسع. ويشير إلى أن الإسلام يقدم التكافل الاجتماعي للمسن ضمن نطاق العائلة الكبيرة أو الأسرة الصغيرة الواحدة أو ضمن الأسرتين، بعكس المجتمع الغربي الذي يسوده الجفاء والنكران لجميل التربية والتنشئة الاجتماعية إبان مراحل الطفولة والشباب، وفي الإسلام أيضا اهتمام كبير ورعاية خاصة للمسنين فيرعى الشاب المسلم أو الفتاة المسلمة الوالدين والأقارب المسنين الآباء والأمهات، والأجداد والجدات والأعمام والعمات والأخوال والخالات. علاقة طردية ويضيف الدكتور هاشم: هناك علاقة طردية بين المجتمع الإسلامي ورعاية المسنين، فحيثما وجدت مجتمعا مسلما فثمة اهتمام ورعاية خاصة بالمسنين المسلمين، حيث يعتبر من السخافة والسفاهة والعار ترك الأقارب في دور المسنين والعجزة، ولاشك أن الأجيال الكبيرة في السن هي الأجيال البانية التي بنت وزرعت للأجيال الشابة، فكما بنى الأجداد لآبائنا، فإن آباءنا بنوا لنا ونحن نبني لأبنائنا وهكذا تسير الحياة عبر التاريخ الإنساني، وبالتالي فإن من الواجب توقير الاجيال الكبيرة في السن واحترامها ومنحها الرعاية الهامة والمهمة في حال عجزها وعدم تمكنها من تمضية أوقات فراغها أو عدم استطاعتها ممارسة الحرف والمهن التي كانت تمارسه قبل تعبها وإرهاقها من سنوات الحياة الطويلة. ويقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر إن الإسلام دين السماحة لم يدع جانبا من جوانب الرعاية للمسنين دون أن يتعرض له، فدعوة الإسلام تحرص أشد الحرص على توفير العناية والرعاية لكبار السن وتحضنا على أن نتجنب الألفاظ التي تسبب لهم آلاما نفسية، وأن نحاول إدخال السرور على نفوسهم، وأن نحسن معاملتهم، ونكثر من الدعاء لهم لأن الإسلام يدرك أنهم في هذه المرحلة يحتاجون الى القول اللين والوجوه الباسمة لما لذلك من أثر طيب على نفوسهم فيشعرون بالرضا والسعادة، بل لقد جعل الإسلام هذه الرعاية مقرونة بعبادة الله عز وجل، ولاسيما أن المنهج الإسلامي يحتوي في ثناياه على مبادئ الذوق الرفيع، ويصون الحقوق، ويدعو للرحمة والألفة والمحبة والتضامن والتكافل، فلم يدع كتاب الله أمرا يهم المؤمنين ويحقق لهم النفع إلا وبينه. وأضاف، لقد دعا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن نحسن معاملة المسنين، وأن نوقرهم، فقال صلى الله عليه وسلم: “ما أكرم شاب شيخا لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه”، ومن ثم فإن الإسلام يحفظ الحقوق ويقدر دور المسنين والآباء في عطائهم، فأوجب على المجتمع توفير الرعاية لهم في فترة ضعفه ،ولقد كان أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما يستنيران برأي الشيوخ حين تختلط الأمور عليهما لثقتهما في خبرة الشيوخ كما كان أبو بكر رضي الله عنه مثالا للابن البار فلم يجلس وأبوه واقف بل كان يوقره ويحسن معاملته. ويشير إلى أن رعاية المسنين تعتبر حقا مكفولا لهم ولم يغفله المشرع، كما أنه في عنق الشباب والمجتمع حق ودين ينبغي على الشباب والمجتمع الوفاء به، ولقد تضمن قانون الأحوال الشخصية في معظم المجتمعات المتقدمة بعض الحقوق للشيوخ وأوجب على الأبناء والشباب الالتزام بها، ولان الإسلام يجمع بين الجوانب العبادية والاجتماعية والأخلاقية فإن رعاية المسنين تعد عبادة وعملا إنسانيا نبيلا لانه من غير المعقول أن يهمل المجتمع طائفة من الناس قدمت له الكثير في شبابها وعندما يعتريها الضعف يتخلى عنها. وتقول الدكتورة مهجة غالب الأستاذ بجامعة الأزهر، لقد وجه الإسلام عناية خاصة لكبار السن واعتبرهم مستحقين القدر الكبير من الرعاية مقابل التضحيات التي قدموها من أجل إسعاد الجيل الذي ربوه ورعوه، والعناية بكبار السن والمسؤولية عنه قد أنيطت في الإسلام بالأبناء أولا، فمسؤولية الأبناء عن بر الآباء ورعايتهم مسؤولية إلزامية بمعنى أن أوامر الدين توجب على الأولاد وإذا لم يكن لهم أبناء انتقلت المسؤولية عنهم إلى المجتمع ممثلا في الدولة بصورة إلزامية ، كذلك يعزز ذلك ما تزخر به النصوص من ترغيب في الخير وفي الإحسان إلى الآخرين وخاصة العاجزين بما فيهم كبار السن والذي ينشئ في النفس المؤمنة دافعا تلقائيا إلى بذل الخير طواعية في تلك الوجوه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©