الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مساعٍ لتوحيد شبكات النفط والغاز في الاتحاد الأوروبي

مساعٍ لتوحيد شبكات النفط والغاز في الاتحاد الأوروبي
26 يوليو 2014 00:14
تقدم رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، في أبريل الماضي بمقترح لتكوين الاتحاد الأوروبي للطاقة، لمواجهة واحدة من أكثر نقاط الضعف الاستراتيجية للقارة التي تستورد ما يزيد على نصف الطاقة التي تستهلكها من الخارج. ويعتبر توقيته مناسباً لأسباب سياسية واقتصادية، خاصة أن الأزمة في أوكرانيا وطفرة الغاز والنفط الصخري في أميركا، ترغمان أوروبا على مراجعة وتقويم الإخفاقات المتعلقة بعدم توحيد شبكات الطاقة فيها. وفي حالة ربط هذه الشبكات بكاملها، تقدر مؤسسة استراتيجي آند المعروفة في السابق باسم بوز آند كومباني، إمكانية توفير القارة لما يقارب 40 مليار يورو سنوياً بحلول 2030. وقام رئيس الوزراء البولندي بجولة حول القارة لكسب التأييد لهذه الفكرة، بيد أن الاستجابة كانت مشوبة ببعض الحذر، حيث وافق بعض القادة على المبدأ لكنهم تحفظوا على التفاصيل. ويطالب الرؤساء الآن بإبداء نفس الحماس الذي قابلوا به فكرة اليورو، لوحدة الطاقة. وقال رئيس الوزراء البولندي: “تبدو الوحدة المصرفية شبه مستحيلة أيضاً، إلا أن الأزمة المالية طلت برأسها مرة أخرى، نظراً لوجود مثل هذا الانعدام في الثقة. وكلما تأخرنا في اتخاذ القرار، كلما زادت التكاليف”. سوق داخلي ورغم أن حلم وجود سوق داخلي موحد للغاز والكهرباء، واحد من نقاط الخلاف القديمة في أوروبا، لكن مقترح مطالبة دول الاتحاد الأوروبي ومؤسساته بعقد صفقات مع شركة جازبروم الروسية لاستيراد الغاز، فكرة جديدة. لكن لا تزال برلين والمفوضية الأوروبية تساورهما الشكوك لأسباب مختلفة، حيث إن المقترح ربما يتحدى قانون المنافسة العالمي. وحذر مفوض الاتحاد الأوروبي للطاقة جونتر أوتنجر، من أن التفاوض مع جازبروم ربما يكون تغيراً في ممارسة العمل وأنه يولي اهتماماً لمراجعة ذلك، وفقاً لقوانين منظمة التجارة الدولية وقوانين القارة الداخلية. تقليل الواردات ويرى بعض الخبراء، أن توفير سوق مرتبط بصورة أفضل، من شأنه تقليل واردات الغاز من روسيا، بيد أن دول الاتحاد لم تحرز التقدم المطلوب في هذا الصدد، حيث تدخل العديد من الدول الأوروبية المتجاورة في نزاعات مع بعضها البعض بخصوص الطاقة. وتعتبر هذه الرؤية مغرية للدول الأوروبية التي تفتقر معظمها لمصادر الطاقة. كما يعمل السوق الداخلي على ربط هذه الدول مع بعضها عبر بنية تحتية مثل، شبكات الربط للغاز والكهرباء بين الدول. ويفضي ذلك من الناحية النظرية، إلى احتدام المنافسة واختلاف الأسعار. اتفاقيات ثنائية ويركز دونالد توسك، اهتمامه على عدم عقد دول أوروبا الشرقية لأي اتفاقيات ثنائية سرية مع جازبروم. وبدلاً من ذلك، ينبغي تحديد أسعار السوق في مراكز تجارية موزعة حول مختلف أرجاء القارة. ويمكن للعقود، اللجوء لهذه الأسعار كمرجع للشفافية. كما يعني وجود سوق يتسم بالمزيد من المنافسة، إمكانية استيراد الغاز من مصادر أخرى مثل، أذربيجان ومن شرق البحر الأبيض المتوسط، بجانب بناء محطات للغاز الطبيعي المُسال. وعلى صعيد سوق الكهرباء، تعني عملية الربط بين دول القارة، التصدي لعدم الكفاية الاقتصادية في بعض الدول الأوروبية، خاصة من خلال استقلال موارد الطاقة المتجددة. وتفتقر شبكة إسبانيا للربط الكافي مع فرنسا، لذا ليس في مقدور مزارع طاقة الرياح هناك تصدير إنتاجها عندما يفيض عن حاجة الاستهلاك المحلي. وبالمثل، لا تتم الاستفادة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية المنتجة في جنوب إيطاليا، نظراً لعدم ربطها بكفاءة بالمناطق الصناعية في شمال البلاد. ولربط شبكات الطاقة المتفرقة وفك الاختناقات في القارة الأوروبية، توصلت المفوضية الأوروبية لضرورة إنجاز نحو 248 مشروعاً للبنية التحتية. وتُعد إسبانيا مثالاً مناسباً لتوضيح أسباب صعوبة إنشاء سوق واحد. وأثارت فكرة إنشاء شبكة ربط جديدة في فرنسا، الجدل منذ بناء آخر واحدة في بداية ثمانينيات القرن الماضي. كما أثارت الخطط الرامية لإنشاء أبراج عبر جبال البرانس، غضب الناس بحجة أنها تشوه منظر الجبال. ويبدي قطاع الطاقة النووية الفرنسي أيضاً تحفظه حول الطاقة المتجددة الرخيصة التي تسري داخل شبكة البلاد في جدول زمني غير محدد. لكن وبعد سنوات من الجدل السياسي والمعارضة الشعبية، من المتوقع أن يتم فتح شبكة داخلية في هذه الجبال في العام المقبل لكن بعد تسوية مالية تقدر بنحو 700 مليون يورو، كتكلفة لحفر نفق يمر عبر الجبال لإخفاء الكابلات. وما زالت فرنسا في حاجة للمزيد من الشبكات الداخلية، حيث تدرس في الوقت الحالي إنشاء شبكة تمر تحت الماء بطول 895 كيلومترا إلى بريطانيا بتكلفة تصل إلى 2,5 مليار يورو. نقص التمويل ومن المنتظر أن تساعد الأموال التي يخصصها الاتحاد الأوروبي هذا العام، في إنعاش المشاريع التي ترمي لإنشاء سوق موحد للطاقة. لكن يبدو أن حتى المفوضية نفسها غير راضية عن شح الأموال المتوفرة، مشيرة إلى أن المبلغ المخصص لخطة 2014 إلى 2020 والبالغ قوامها نحو 5,8 مليار يورو، لا تسد سوى 3% فقط من حاجة القارة. كما أن ربط القارة بكاملها بالطاقة، يتطلب أكثر من مجرد توفير الشبكات. وكثيراً ما تحدد المعدلات الضريبية، الاختلاف الكبير في أسعار الكهرباء بين بلد وآخر. وتتطلب الشبكات التي لها المقدرة على الاستجابة للطلب البعيد من شبكة القارة الضخمة، بنية تحتية لتوفير المزيد من التيار المباشر بدلاً من المتردد. وفي حين تطلب بناء شبكة ربط بين فرنسا وإسبانيا بطول 64,5 كيلومتر ثلاثة عقود، تحتاج القارة لبناء أو تطوير شبكات عبر دول القارة بطول يصل إلى 52 ألف كيلومتر. وتعتبر أزمة أوكرانيا واتحاد الطاقة، اختباراً حقيقياً للأسباب التي دعت لقيام الاتحاد الأوروبي. كما أنها حرب لتحديد الأولويات الأكثر أهمية. وأن البنية التحتية للغاز مهمة للغاية من الناحية السياسية. وتتعرض بلغاريا لضغوط من قبل روسيا للموافقة على مرور جزء من خط أنابيب ساوث ستريم عبر أراضيها، بينما يعارض المسؤولون في الاتحاد الأوروبي الفكرة لعدم توافقها مع قوانين المنافسة. وبالمثل، أغضبت برلين وارسو بخط أنابيب نورد ستريم، الذي يتم عبره إرسال الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر بولندا. ويرى تيم بوريسما، خبير الطاقة في معهد بروكلين في أميركا، أن فك اعتماد أوروبا على غاز روسيا، لن يكن بالسرعة المتوقعة. ويقول: “أكدت الأزمة القائمة في أوكرانيا شيئين، استمرار الانقسام الأوروبي حول قضية تأمين الطاقة وأن أهمية الأمور المرتبطة بالطاقة ليست كبيرة بالمقارنة مع الاختلاف بين الجناح اليميني واليساري في السياسة الأوروبية”. سياسة المنافسة لكن رغم حماس الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند لفكرة دونالد توسك، إلا أن عدداً كبيراً من المسؤولين لا يبدون رغبة كبيرة فيها. ووافقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على الأسس، لكنها تريد الخوض في أعماق التفاصيل. كما تحفها الكثير من الشكوك من قبل مناصري البيئة، نظراً لتأكيد الخطة على تطوير الوقود الأحفوري المحلي، الشيء الذي يعني الفحم والغاز الصخري بالنسبة لبولندا. ومن أكثر العناصر المثيرة للجدل، ضرورة تشكيل الاتحاد الأوروبي لهيئة غاز مشتركة لكسب الأفضلية على حساب جازبروم الروسية. وتشبه هذه الهيئة يوراتوم المخصصة للتعامل مع أسعار اليورانيوم في القارة. وقلل المسؤولون الأوروبيون من اهتمامهم بشأن الوصول لبيانات الشركات خلال الأزمة المالية العالمية عندما أنشأت أوروبا اتحاداً مصرفياً آنذاك. وتؤكد بولندا، أن جازبروم تملك معلومات سرية عن أي بلد تقوم بتصدير الغاز إليه ومعرفة أسعار الغاز لديه ونقاط الضعف في بنيته التحتية. ومن الممكن أن تستخدم هذه البيانات لمصلحتها للضغط على بعض البلدان لتوقيع عقود مجحفة. وتسعى وراسو لتسوية الأمور مع الهيئة الأوروبية التي لها المقدرة على الوصول إلى البيانات التجارية المشتركة، في محاولة للاتفاق حول أسعار متكافئة. شح الغاز السائل ترى دول أوروبا الشرقية مراكز الغاز، بمثابة المنقذ بالنسبة لها. وبدلاً من تحديد جازبروم لأسعار الغاز بصيغ مبهمة مرتبطة بتكاليف النفط، يتم تحديد الأسعار بشفافية عند مراكز للتجارة. لكن ليس من السهل تحقيق ذلك، حيث يرتبط إنشاء مراكز ناجحة بتوفر سيولة الغاز، مع إمكانية توفير العديد من مصادره المختلفة. وتفتقر أسواق أوروبا الشرقية حتى الآن للتطوير، وربما يستغرقها عقد كامل لتحقيق العمق المطلوب، خاصة في ظل شح الغاز المُسال. وفي أسواق دول الجنوب والوسط التي تنعم بوفرة الغاز المُسال، فإن مراكز التجارة غير قادرة على المساعدة بصورة مباشرة، نظراً لأن جازبروم هي المورد الأبرز هناك ولا تزال لديها المقدرة للسيطرة على الأسعار. وتتضح فائدة المراكز بشكل أكبر عند اندماج الموردين من أذربيجان وشرق البحر الأبيض المتوسط في السوق، عبر ما يطلق عليه الممر الجنوبي. ويُعد معدل الحركة من أكثر الأرقام التي يرصدها الخبراء، لتحديد مستوى تخزين الغاز المُسال في المراكز والذي يساعد على قياس عدد مرات تداول الغاز قبل تسليمه. ويمكن وصف السوق بالفعال، عندما تزيد نسبة الحركة فيها عن 10%. وفي 2013، بلغ معدل حركة السوق في بريطانيا 18,7% وفي هولندا 19,3%، بينما سجلت بقية الدول الأوروبية أرقاماً أقل بنحو 2,6% في أستراليا وما لا يزيد على 0,4% فقط في إيطاليا. شبكات ربط الكهرباء يُصعب وصف مشروع الربط الكهربائي بين إسبانيا وفرنسا، بالخروج على المألوف عندما تسببت المعارضة والسياسة في تأخير تنفيذه، حيث أصبحت المظاهرات المتخوفة من الأضرار البيئية والسياحية، من المظاهر العامة المصاحبة لمثل هذه المشاريع. وذكر جيوفري فيزي من الشبكة الأوروبية لتشغيل أنظمة التيار الكهربائي، أن ثلث المشاريع الأكثر أهمية لربط أوروبا بالكهرباء، تأخرت لأسباب الحصول على الإذن أو القبول الشعبي. ويُعد ذلك، بمثابة التحدي الأكبر بالنسبة لبروكسيل التي تسعى لتوسيع دائرة الربط الكهربائي في القارة، حيث تقدمت بمقترح في 2002، يقضي بمقدرة الدول على تصدير 10% من سعة الكهرباء المولدة لديها. ويقدر المتوسط الحالي بنحو 8%، بيد أن بلدانا مثل، إسبانيا وبريطانيا تعاني سوء عمليات الربط، في وقت تقترح فيه المفوضية رفع النسبة إلى 15% بحلول 2030. وذكرت الوكالة الأوروبية لتعاون منظمي الطاقة، أن ربط الكهرباء بين الدول الأوروبية حقق زيادة قدرها 9% في الفترة بين 2008 إلى 2012، حيث يعود الفضل في نصف هذه الزيادة، لعمليات ربط بين هولندا وبريطانيا. وتعتبر ألمانيا المفتاح الرئيسي لزيادة معدل الربط في القارة، نسبة لسوء الربط الصناعي بين الجنوب والشمال، المنطقة الغنية بموارد الطاقة المتجددة. وشهدت الدول المجاورة لألمانيا، انتعاشاً في الكهرباء المولدة من الطاقة المتجددة والتي ستكون أكثر انتشاراً، في الوقت الذي تخلصت فيه ألمانيا من محطات الطاقة النووية. واستجابت بولندا لهذه المشكلة من خلال إنشاء محولات لمنع زيادة الحمولة على الشبكة. وترى جماعات حماية البيئة، أن بولندا تحاول الدفاع عن محطات الطاقة العاملة بالفحم من خلال حائط ناري بدلاً من تبني الطاقة المتجددة. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©