الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

فاتورة تعويضات «الثورة» تضرب سوق التأمين المصرية

فاتورة تعويضات «الثورة» تضرب سوق التأمين المصرية
11 يوليو 2011 21:26
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - تشهد سوق التأمين المصرية هذه الأيام حالة من الفوضى والعشوائية وارتفاع الخسائر التي تتعرض لها معظم الشركات العاملة في فروع التأمين المختلفة لاسيما فروع تأمين الممتلكات. وتعود هذه الحالة إلى استمرار أحداث الشغب والاضرابات التي تتعرض لها المدن المصرية المختلفة وكذلك القطاعات الاقتصادية، إلى جانب عمليات السطو والحرائق منذ اندلاع ثورة 25 يناير مما ساهم في ارتفاع فاتورة الخسائر لدى شركات التأمين التي وجدت نفسها مضطرة لسداد تعويضات هائلة مقابل تحصيل أقل للأقساط بعد تدهور أوضاع الاقتصاد الكلي وتراجع أداء معظم الشركات لاسيما شركات القطاع الخاص التي توقف بعضها عن سداد الأقساط المستحقة عن وثائق التأمين التي أبرمتها في فترات سابقة. ومع ارتفاع فاتورة الخسائر والتعويضات للعملاء، بدأت شركات التأمين المصرية تلجأ لشركات “إعادة التأمين” الأجنبية لتوقيع عقود إعادة تأمين معها كنوع من اقتسام الخسائر وتنويع المخاطر الا أن هذه الشركات بدأت ترفض توقيع هذه العقود حتى لا تتعرض للخسائر، كما بدأت منظمات التأمين العالمية اعادة النظر في تصنيف سوق التأمين المصرية نظراً لارتفاع المخاطر بها مما يهدد بانسحاب العديد من الشركات من السوق وخفض التصنيف المستقبلي لها. وسجلت فاتورة التعويضات التي اضطرت شركات التأمين المصرية لسدادها منذ اندلاع ثورة 25 يناير حتى نهاية مايو الماضي أكثر من 450 مليون جنيه موزعة على مختلف فروع التأمين وتتوقع الشركات ارتفاع هذه الفاتورة إلى أكثر من نصف مليار جنيه خلال الفترة المتبقية من العام الجاري. وتشير الأرقام إلى أن نسبة كبيرة من هذه التعويضات حصلت عليها شركات متوسطة الحجم وبعض متاجر التجزئة التي تعرضت للسطو والنهب وحرائق، بينما دفعت الإضرابات وعمليات الشغب التي تعرضت لها شركات ومصانع في مختلف القطاعات الاقتصادية الى تراجع معدلات تحصيل الأقساط واختلال التوازن في التدفقات المالية لشركات التأمين. ويقول عبدالروؤف قطب، رئيس الاتحاد المصري للتأمين، إن قطاع التأمين كان من أكثر القطاعات التي تحملت جانباً كبيراً من فاتورة الخسائر والإضرابات والاعتصامات منذ أحداث ثورة 25 يناير وحتى الآن على مستويين: الأول يتعلق بضخامة حجم التعويضات التي سددتها شركات التأمين لكيانات اقتصادية عامة وخاصة، والثاني يتعلق بتراجع حجم الأقساط المحصلة بسبب تعرض الاقتصاد الكلي لهزة عنيفة بعد الثورة لم يتعاف من آثارها حتى الآن.. وبالتالي يواجه القطاع مشكلة صعبـة ولكـن الأزمة كشـفت عن صلابة أوضاع شركات التأمين وقوة مراكزها المالية وقدرتها على امتصاص أثار الصدمات وهو ما ظهر في الفترة الأخيرة وتجسد في سهولة آليات صرف التعويضات للعملاء المتضررين. ودفعت هذه الأوضاع الشركات العاملة بالسوق، سواء كانت تابعة للقطاع العام أو شركات استثمارية تابعة للقطاع الخاص المحلي والعربي أو فروع لشركات تأمين أجنبية، إلى عقد اجتماعات لبحث جوانب الأزمة والحلول المقترحة في ظل مؤشرات تؤكد استمرار تدهور أوضاع القطاع وازدياد الخسائر. وتوصلت هذه الاجتماعات إلى ضرورة إنشاء شركة تأمين وطنية عملاقة تعمل في نشاط “إعادة التأمين” تكون بمثابة صندوق آمان لكافة الشركات العاملة في السوق المصرية وبشرط أن تساهم في رأسمال هذه الشركة العملاقة الجديدة كافة شركات التأمين المصرية، إلى جانب بنوك عامة وصناديق ومؤسسات استثمارية متنوعة النشاط. وأجمع المشاركون في الاجتماعات على ألا يقل رأسمال الشركة المقترحة عن نصف مليار جنيه مدفوع بالكامل حتى تستطيع ممارسة دور مؤثر على صعيد عمليات إعادة التأمين. وتأتي هذه الخطوة رداً على رفض بعض شركات إعادة التأمين العالمية الكبرى عمليات إعادة في السوق المصرية بسبب ارتفاع مخاطر السوق وغموض المستقبل الاقتصادي للبلاد على المدى المنظور على خلفية التدهور الأمني والاضطراب السياسي وعدم تحديد مسار زمني قاطع للتحول الديموقراطي، بالإضافة إلى جانب المخاوف من تغير سعر صرف العملة المصرية في المرحلة المقبلة بقرار سياسي لتشجيع الصادرات أو اضطراراً أمام تراجع حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي، الأمر الذي ينطوي على مخاطر اقتصادية لشركات إعادة التأمين العالمية. وبحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد”، فإن مشاورات تأسيس الشركة الجديدة بدأت تأخذ مساراً جاداً عقب تلقي الاتحاد المصري للتأمين موافقة حكومية مبدئية على تأسيس الشركة الجديدة وتحديد حصص مساهمة المال العام فيها ومشاركة بنوك حكومية في الاكتتاب في رأسمال هذه الشركة. والمنتظر أن تتولى الشركة الجديدة التي يتولى الاتحاد المصري للتأمين مسؤولية إنشائها عمليات إعادة التأمين في القطاعات الاقتصادية الحيوية بهدف مساندة الاقتصاد الكلي وإعطاء أولوية للقطاع الصناعي الذي عانى كثيرا وحصل على معدل كبير من التعويضات. وتسعى الشركة الجديدة إلى الحصول على نسبة لاتقل عن 40% من محفظة إعادة التأمين التي كانت الشركات المصرية تضطر إلى اللجوء للأسواق العالمية لتوقيع عقود بشأنها كما ترتب عليه تسرب نسبة كبيرة من أقساط العملاء الى خارج قنوات الاقتصاد المحلي. وحسب خبراء في سوق التأمين المصرية فإن هذا التوجه يسعى لسد ثغرة بدأ يترتب عليها نوع من الخلل الى جانب انتشار الفوضى والعشوائية سواء في تسعير عمليات التأمين الذي بات يختلف اختلافا كبيرا من شركة الأخرى أو في تقدير التعويضات. وقال الخبراء إن شركة إعادة التأمين سوف تسهم في إعادة هيكلة القطاع على نحو أفضل وتساعد شركات التأمين على ممارسة دور أكبر في حماية العملية الإنتاجية بما يخدم الاقتصاد الى جانب قيام هذه الشركة بضخ جانب من أقساط إعادة التأمين التي سوف تحصل عليها من الشركات في سوق الاستثمار المباشر بمختلف قطاعاته وبالتالي تحصل السوق على قيمة مضافة أخرى بجانب مساندة شركات التأمين في هذه المرحلة. ويشير عبد الروؤف قطب إلى أن الاتحاد المصري للتأمين استخلص من هذه الأزمة درساً مهماً يتمثل في ضرورة وجود شركة إعادة تأمين وطنية قوية مالياً وفنياً قادرة على ضبط إيقاع السوق نظراً للمشكلات التي بدأت الشركات المحلية تواجهها مع شركات إعادة التأمين العالمية ومن ثم دعونا الى تأسيس الشركة الجديدة تحت مظلة الاتحاد المصري ونسعى إلى معالجة هذه المشكلة سريعاً مع الأخذ في الاعتبار أن قطاع التأمين المصري ينتظر فورة مستقبلية سوف تترافق مع عودة الاقتصاد الكلي للانطلاق في ظل التحول الديموقراطي الذي تسعى الدولة لتحقيقه، وبالتالي يجـب أن يكـون قطـاع التأمـين جاهـزا لهذه المرحلة عبر استكمال أدواته وهياكله الرئيسية وتمثل شركة إعادة التأمين أحد أبرز هذه المكونات المطلوبة للمرحلة القادمة. ويؤكد أحمد عارفين، العضو المنتدب لشركة “تكافل” للتأمين، أن تأسيس شركة إعادة وطنية يحقق العديد من الفوائد للاقتصاد المصري أو لقطاع التأمين حيث ستؤدي إلى رفع نسبة الاحتفاظ لدى شركات التأمين المحلية مما يوفر جانباً كبيراً من الأقساط التي كان يجرى تحويلها لشركات الإعادة الأجنبية وهذه الأموال من الطبيعي أن تجري إعادة استثمارها في السوق المحلية. كما أن وجود شركة إعادة تأمين مصرية برأسمال كبير نسبيا يدور حول نصف مليار جنيه يعني تعزيز ثقة أسواق التأمين العالمية بالسوق المصرية لاسيما وأن السوق لديها كوادر فنية وبشرية عالية المستوى وقادرة على ممارسة عمليات إعادة التأمين بمستوى احترافي عالمي وكذلك فإن شركات تأمين عربية سوف تجد نفسها راغبة في التعامل مع شركة إعادة تأمين مصرية قوية كنوع من توزيع المخاطر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©