الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رحلة روحية في رحاب كلام الله ترسمها خطوط صالح بصلة

رحلة روحية في رحاب كلام الله ترسمها خطوط صالح بصلة
9 يوليو 2013 21:05
يرى الفنان التشكيلي صالح بصلة أن لوحاته الفنية منحة ربانية أتاحت له فرصة التعبير عن مشاعره وإحساسه بكلمات الله في صور تعبيرية من خلال الخط العربي، وما يحمله من طاقة روحانية، فهو فن جدير بأن يتميز به العرب جميعا، باعتباره يمثل الهوية العربية والحضارة الإسلامية، بعيدا عن التأثر بالمدارس الغربية التقليدية، وهو ما حدا به إلى أن يتجه نحوه كلغة يخاطب بها المتلقي أيا كانت جنسيته من خلال إيقاع الخط ودراما اللون. يقول: «إن فن الإعلان الذي تخصص فيه، يحتاج إلى الدقة العالية في التقنية، والرؤية والخيال، ويجمع أعماله بين التصميم وفن الخط العربي، إضافة إلى طبيعة التقنية الفنية». ويوضح أنه أقام 22 معرضا في مصر والخارج، وكان أولها في المملكة العربية السعودية، وإنه استطاع من خلال جماليات الحرف العربي تأكيد رقي الحضارة العربية الإسلامية، كما أنه في لوحاته اهتم بوضع تفاسير لكل لوحة توضح الآية أو الحديث بها، بعد أن وجد الجمهور في معارضه السابقة يقع في حيرة لعدم مقدرته على قراءة ما تحتويه اللوحة من كلمات. دعوة للإيمان كما يوضح بصلة أن أعمال لوحاته مستوحاة من الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة، في محاولة لإظهار المعاني الكامنة فيها، وأن الأعمال في مجملها تعد رسالة يوجهها للمتلقي كدعوة للإيمان، من خلال تشكيلات لونية مختلفة من لوحة لأخرى، وأنه تناول لفظ الجلالة في أكثر من لوحة بأشكال مختلفة، مما يوضح مدى طواعية الخط العربي لإيجاد تنويعات متعددة بلا تكرار، مؤكدا بأمثلة أخرى في لوحات مثل «الله أكبر» حيث كتب لفظ الجلالة بحجم كبير بارتفاع كامل اللوحة، للتدليل على أن «الله» أكبر، والكلمات مستغرقة في خلفية تمثل السماء باعتبار أن الكون كله صنع «الله»، كما وضع مقلة العين في خلفية لوحة «فلينظر الإنسان مما خلق» على أساس أن العين تمثل الرؤية والنظر، وأن الإنسان عليه أن ينظر ويدقق في كيفية خلق الله وكيف خلقه الله سبحانه، وقد جاءت لوحة « غفرانك ربنا وإليك المصير» في تشكيل من خط حديث لا يرتبط بقاعدة، وفي اتجاه الحروف لأعلى نوع من الدعاء والتضرع إلى الله ليغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا. البسملة وأضاف بصلة أن لوحة «فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت» عبارة عن ماء ينزل على أرض يابسة، دبت فيها الخضرة بمجرد نزول الماء، وأنه شكّلَ البسملة في عدة لوحات بطرق مختلفة، منها طريقة الطغراء كإحياء لتراث الخط العربي، كما وضعها في تكوين من الخط الهندسي، وآخر في الخط الحديث، ومجمل البسملة هو لفظ الجلالة، أما لوحة «وجعلنا من الماء كل شيء حي» فكتبها بالخط الديواني، فوق شكل يشبه حيوان مائي يتحرك داخل وخارج الماء، ولوحة «سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا» حاول فيها أن تكون الخطوط متداخلة في تشكيل شديد التعقيد، لإيضاح أن العلم لا يأتي إلا من خلال الجهد ومواصلة العمل، وأن الإنسان لا يصل إليه إلا كمنحة من الله، ولوحة «وجاهدوا في الله حق جهاده» أخذت شكل الآلة الحربية في الخلفية المتحركة للإحساس بالصراع القائم في المعركة، ولوحة « إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وأغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين» كانت في تشكيل من الخط الديواني يعبر عن قدوم شهر رمضان، وفي لوحة «ربنا أفرغ علينا صبرا» تداخلت أحرف الخط الديواني لتتحول إلى كتلة واحدة للتعبير عن معنى أن يفرغ الله علينا صبرا، فإذا صبرنا على الابتلاء ازددنا إيمانا، وتلقينا الأزمات بقناعة ورضا. نوبة صحيان وأشار بصلة إلى أن لوحة « رحمتي وسعت كل شيء» جاءت في تكوين على هيئة «كل» التي تتجمع فيها كلمات «رحمتي، وسعت، شيء» لتأكيد المعنى، ولوحة «الحج عرفة» جاءت بها كلمة «حج» لتمثل جبل الرحمة، ويوم عرفة الذي يبدأ بالشروق وينتهي بالغروب، ولوحة «وعرشه على الماء» أستخدم فيها ملك الخطوط «الثلث» وكرر الكلمة في الخلفية التي تمثل البحار والأنهار لتعبر عن المعنى الشامل للماء، وفي تكوين من الخط الهندسي جاءت لوحة «إن الحسنات يذهبن السيئات» وتظهر فيها الحروف وهي منطلقة إلى السماء لتسحب خلفها السيئات. وأوضح أن لوحاته الأخيرة يمثل نوبة صحيان بعد أن بدأنا نغفل النواحي الإيمانية، ونسينا أننا في الدنيا زوار لأيام قليلة، ثم ننتقل إلى عالم آخر، ويكون رصيدنا في الدنيا هو ما يسهل علينا الحساب فيه، ويحدد مصيرنا من الجنة أو النار، ويؤكد أن تلك الرسالة التي يبغي بثها من خلال المعرض تهدف إلى ترك الصراعات التي تضيّع علينا التواصل الروحاني مع الله. وقال إن أعماله يراها إلهاما من الخالق، منحه إياه ليعبر عن كلماته العظيمة، ومن أجل ذلك استخدم خامات يستطيع من خلالها إحداث التدرج اللوني والتضاد والانسجام، ومعالجة الفراغ بين الكلمة المكتوبة والخلفية، ولذلك يكون للون في تلك الأعمال الدور الأكبر ويستخدم في أعماله أكثر من تقنية فنية، منها طباعة السلك سكرين، والرسم بألوان الجواش وألوان الأيربرش، والتي تساعده على المزج بين درايته بقواعد التصميم والمفهوم الفني فيما يسمى فن «الكاليجراف» أو فن استخدام الحرف والكتابات في تكوين عمل فني، وخبراته العملية أعطته القدرة على التنوع في إنتاج الخلفيات الموجودة باللوحة، ليعبر عن المعنى الموجود في الآية القرآنية أو الحديث النبوي، فيظهر كلام الله بشكل جميل طالبا الأجر أو المكسب الإلهي من ربه. وأكد صالح بصلة أن دراسته الأكاديمية مع التطبيق العملي في مؤسسة صحفية أكسبته نقلة نوعية كبيرة في مجال تخصصه في فن الإعلان، موضحا أن الإعلان عبارة عن تصميم وتصوير وخط، ولذلك التحق أثناء الدراسة بمدرسة تحسين الخطوط، حتى يستطيع كتابة الإعلان الذي يصممه بنوع الخط الذي يراه مناسبا لشكله الفني، وكذلك اختيار الصور التي تتماشى معه من خلال قيامه بالتصوير بنفسه بعد أن درس أيضا التصوير الفوتوغرافي. ويؤكد بصلة أن الخط من الموجودات في الحياة التي تخضع لقانون التطور من خلال الابتكار الإنساني، بالمحافظة على القواعد الثابتة للخطوط الكلاسيكية التي تتشوه من دونها، لما لكل حرف من نسب وقيم تتفق مع وضعه في الكلمة، وأن الإبداع والتطور يأتي من خلال التكوينات الجديدة، والتي لا تنتهي، إذا صدق الفنان في إنتاجه، خاصة فيما يتعلق بذلك الرابط الروحي مع الله في كلماته، وهو ما جعله يحصر أعمال معرضه في 99 لوحة تيمنا بأسماء الله الحسنى. حس فني وابتكار وتجديد حصل بصلة على دبلوم تحسين الخطوط قبل تخرجه في كلية الفنون التطبيقية بعام واحد، ليتتلمذ خلال تلك الفترة على كبار الخطاطين أمثال الشحات ومحمد عبد العال ومحمد عبد القادر ومحمود إبراهيم، وكان أقربهم إليه الشيخ محمد عبد القادر لما يرى في أعماله من حس فني وابتكار وتجديد، موضحا أن الخطاط يحفظ قواعد ونسب الحروف ولا يستطيع الخروج عنها، إلا في حدود ضيقة يحافظ خلالها على الشكل العام للعمل، في حين أن الفنان يستلهم روح الخطوط ويطورها، وأنه في إحدى لوحات معرضه الحالي، كتب «محمد نبي الرحمة» بخط الثلث المعروف باستقامة ألفاته، ولكنه جعل الألفات بتلك اللوحة متداخلة في بعضها ولينة، لما وجد أنه يتناسب مع المعنى، وهناك لوحة «فصلِ لربك وانحر» وجاء فيها بنفس نوع الخط كأعظم أنواع الخطوط، ولكنه جعل الألف بها قوية وحادة باللون الأحمر، معتبرا أن الخطوط مادة كاشفة للمعنى، حيث أن هناك عملا فنيا به «مبان للكلمات» تجد فيه القوة والشموخ، بينما عمل آخر يحتاج إلى الليونة، أو الحديث الهادىء.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©