الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الجبال» مخازن الغذاء والماء.. والمعادن والجواهر

«الجبال» مخازن الغذاء والماء.. والمعادن والجواهر
9 يوليو 2013 21:06
أنعم الله سبحانه وتعالى على خلقه بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى، وقد أشار في كتابه الكريم إلى كثير منها، والحديث عنها، ووجه إليها الأنظار، والتذكير بنعم الله يوقظ القلب الغافل وينبه إلى ما يرتع فيه الناس من خيرات عظيمة ونعم جليلة لعلهم يشكرون، فيكون ذلك أدعى للاستجابة لهدي الله والدخول في طاعته. ويذكّر الله بنعمة عظيمة منه على عباده، وهي الجبال التي تعد آية من آيات القدرة الإلهية، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم بلفظها في نحو تسع وعشرين آية، يدور معظمها حول فوائدها ومنافعها، فقد كانت الأرض في بداية خلقها مضطربة مثل السفينة في عرض البحر فثبتها سبحانه وتعالى بالجبال الثقيلة فاستقرت، كما ورد في الآيات والأحاديث الشريفة، وهذه الحقيقة نجدها في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فعاد بها عليها فاستقرت». يؤكد القرآن الكريم دور الجبال في توازن الأرض ومنها قوله تعالى: (وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي)، «الرعد، الآية 3»، وقال سبحانه: (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون)، «النحل، الآية 15»، وقال تعالى: (وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم)، «الأنبياء: الآية 31». فالجبال الشامخة أحد مظاهر الطبيعة الأكثر جمالاً وروعة، وتساهم في تثبيت القشرة الأرضية بسبب شكلها وأوتادها العميقة في الأرض، يقول تعالى: (ألم نجعل الأرض مهاداً، والجبال أوتاداً)، «النبأ: الآيتين 6 - 7»، واكتشف العلماء أن كل قارة في الكرة الأرضية بها سلسلة من الجبال تحفظ توازن الأرض، وأن جذورها منغرسة تحت الأرض بشكل نسبي يصل في بعض الأحيان إلى مئة وخمسين كيلومتراً، وأن كل جبل عبارة عن وتد يثبت الأرض في رحلة دورانها، فالوتد مهمته تثبيت الجبل من جهة وتثبيت القشرة الأرضية من جهة ثانية. ويؤكد العلماء أن الجبال مخازن القوت والغذاء للإنسان والحيوان، ومصدر النماء، إذ تستمد الأرض منها الخصوبة التي تتجدد باستمرار، وتهطل عليها الأمطار، فيحمل الماء «الطمي» إلى الوديان فتزيدها خصوبة. ومن منافع الجبال أن الثلج يسقط عليها، ويذوب بعضه فتجري منه العيون الغزيرة التي تتجمع منها الأنهار، وينبت النبات الذي لا ينبت في السهول، والجبال جعلها الله منابع أصلية للأنهار وتساهم في تصفية وتنقية المياه، بسبب الطبقات المتعددة فيها، يقول تعالى: (وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتاً)، ««المرسلات: الآية 27»، إذن فإن أعذب الينابيع هي الموجودة في الجبال أو أسفلها، لأن الماء المخزن في الأرض يصفى لدى مروره عبر ذرات التراب والصخر وغير ذلك من مكونات الأرض، فقطرة الماء تسقط على قمة الجبل، ثم تتسلل عبر طبقاته آلاف الأمتار، وهنا تتراءى عظمة القرآن حين يتحدث بدقة عن دور الجبال في المطر وتصفية الماء ليصبح ماء فراتا. جمال الطبيعة وهناك فائدة كبيرة للجبال، وهي أنها تظهر جمال الطبيعة وتدل على عظمة خالقها سبحانه، وتختزن كميات كبيرة من الثلوج والتي يمكن استغلالها كمصدر مهم للماء العذب، فالثلج إذا سقط عليها وتراكم يذوب تدريجياً، فيشرب منه الناس ويسقون المزروعات، ولو ذاب دفعة واحدة لما استفادوا منه، ولأهلك السيل كل ما مر عليه. ولقد أثبت العلماء أن اختلاف ألوان الجبال يرجع إلى اختلاف العناصر التي تكونها من صخور ومعادن، فالبيضاء تتكون من الحجر الجيري والطباشير، والحمراء يدخل في تكوينها الحديد والنحاس والذهب وغيرها، والسوداء بها الفحم والمنجنيز، وتستخرج منها المعادن والجواهر، قال تعالى: (ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود، ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء إن الله عزيز غفور)، «فاطر: 27، 28». وللجبال القدرة على خفض شدة الرياح وتوجيه حركتها، ولو لم تكن الجبال لكان سطح الأرض عرضة للعواصف الشديدة المستمرة، وتساهم الجبال في تشكل الغيوم، لذلك ربط البيان الإلهي بين تشكل الجبال ونزول المطر، قال تعالى: (خلق السماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم)، «لقمان: الآية 10». ومنها ينحت الإنسان ما يسكن فيه، وتكون فيها الكهوف، ويتخذ فيها القلاع والحصون المنيعة والمغارات للاحتراز من العدو، وتنحت منها الحجارة للبناء، وهي أكنان للناس والحيوان، يقول تعالى: (وجعل لكم من الجبال أكناناً)، «النحل: الآية 81». وجاء في تفسير ابن كثير أن الله يذكر تمام نعمه على عبيده، بما جعل لهم من البيوت التي هي سكن لهم، يأوون إليها، ويستترون بها، وينتفعون بها وجعل من الجبال أكنانا أي حصوناً ومعاقل، كما جعل لهم سرابيل تقيهم الحر وهي الثياب من القطن والكتان والصوف، وسرابيل تقيهم بأسهم كالدروع من الحديد وغيره. والجبال تنطق كل لحظة بعظمة الخالق كما تنطق الكائنات الحية تماما، وقد ورد تسبيحها في القرآن الكريم ضمنيا مع تسبيح كل شيء، ومع تسبيح ما في السماوات وما في الأرض، كما ورد محددا في قوله تعالى: (وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين)، وقوله عز وجل: (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق).
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©