الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بخيت النعيمي: رمضان زمان أحلى بين الأهل والأحباب

بخيت النعيمي: رمضان زمان أحلى بين الأهل والأحباب
9 يوليو 2013 21:07
كانت الزراعة المهنة الأكثر رواجاً بين أهالي منطقة الهيلي قديما ، لكن سكان «عقدة السويدان» احترفوا تجارة الماشية وتصنيع الفحم من خشب الأشجار، في وقت لم يكن أحد يحمل هما للحياة رغم شح الموارد. ويمثل كبار السن الذين عاشوا مرحلة ما قبل الطفرة في تلك الفترة البعيدة من تاريخ الوطن، كنزا من حكايات وقصص يرسمون بها صورا مؤثرة للماضي على جدران الحاضر، كي تبقى حية في ذاكرة الأجيال. تحفظ ذاكرة بخيت بن سويدان النعيمي أحد أبناء عقدة السويدان، تاريخاً مديداً عن سنوات ما قبل الاتحاد وما بعده. وهو الإبن الأكبر في أسرة حرص كبيرها على زرع الوازع الديني في قلوب أبنائه، فحملوا جميعاً الأمانة وساروا على الدرب حتى تقلد كثير منهم مناصب رفيعة في أبوظبي. ويقول عن والده خلال لقاء بمنزله في منطقة الهيلي «كان أبي يركز على النخوة والشيم، وكان مرجعا لأهالي المنطقة يلجأون إليه طلبا للمشورة والمساعدة، أو الوساطة.» وتشتهر منطقة الهيلي بالهواء العليل حتى في موسم الصيف، حيث عادة ما تكون درجات الحرارة أقل بدرجتين عن المناطق الأخرى، لأنها تقوم على تلال رملية، وتكثر بها مزارع النخيل وآبار المياه التي ربما حفر بعضها منذ مئات السنين. ومنطقة العين نفسها واحة خضراء، وسميت بهذا الاسم نظراً لكثرة ما بها من عيون مائية، وكان بها ما يتجاوز 50 من الأفلاج المائية. وكان الرجال يذهبون في الصيف في رحلات البحث عن اللؤلؤ، والبعض كان «يطرش» أو يسافر على ظهور الإبل للتجارة، ولم يكن يخشى على أسرته لأن جيرانه هم أهل و «عزوة»، وعادة ما يسارعون في الخيرات، لتوفير احتياجات أهل من غاب وسافر بعيداً طلباً للرزق. وسط هذه الأجواء الحميمة التي تهيمن البيئة على كل مفرادتها، تعلم بخيت النعيمي أسرار الإبل واستخدامها كمطايا في التجارة أو السفر، بل واحترف «الاستعراض بها في الأعراس والاحتفالات». وبالفعل كانت الإبل هي سفينة الصحراء التي يتواصل بها الأجداد مع من حولهم، فيجمعون الثمار والعسل وحطب الأشجار ثم يتوجهون إلى دبي في رحلة تستغرق ست ليالي في الذهاب ومثلها للعودة. بداية الرحلة وكان الآباء يصطحبون أبناءهم معهم في تلك الرحلات، ما أن يبلغوا التاسعة أو العاشرة من العمر. وكانوا يقولون دائماً إن الصبي مكانه بين الرجال، ولا ينبغي تركه في المنزل مع النساء لأنه يتأثر بالبيئة من حوله. ولذلك كانوا يحرصون حتى عند استقرارهم على أن يشارك الصبية في مجالس الرجال عندما يتجمعون ولو على فنجان قهوة حين يتحادثون ويتسامرون. ولم يكن بخيت النعيمي استثناءً، فما أن شارف حدود سن المراهقة، حتى أوكل إليه والده مسؤوليات الرجال. وعندما بلغ من العمر 15 عاماً أراد الشاب اليافع أن يلتحق بالجيش، لكن والده أبى. يتذكر النعيمي الابن قائلا «استطعت أن أقنعه بعد فترة من الوقت، لأنه يثق بي.» ومن حينها انطلق في رحلة طويلة تدرج فيها حتى صار عميداً بالقوات المسلحة. بدأت الرحلة عام 1969 قبل مرحلة الاتحاد، وتحديداً في المحطة بالشارقة، وهناك التقى بشخصيات كثيرة، مثل هلال بن ثابت الكويتي وسيف الريامي وسالم الكعبي. يتذكر النعيمي عن الحياة في تلك الفترة أنها «كانت جميلة وبسيطة والجميع يعيش كأسرة واحدة، حيث الود موصول والزيارات لا تنقطع، لكنها «كانت مرحلة قاسية لأن توفير متطلبات الحياة، كان يحتاج لجهود مضاعفة.» ومع أنه لم يكن أحد يتوقع أبدا أنه بعد سنوات ستشهد هذه البقعة من العالم تطوراً استثنائياً، إلا أن الأهالي، بتعبير النعيمي، «كانوا دوماً في انتظار المجهول. ولم يتوقفوا أبداً عن السعي وطلب العلم ولو في أبسط صوره». هو نفسه تعلم القراءة والكتابة على كبر. طقوس رمضان أما في شهر رمضان، فقد كان الجميع يحرصون على تمضية الوقت بين الأهل والأحباب، فلا سفر ولا ترحال خلال الشهر الفضيل. إذ أن «كل ما في رمضان كان جميلاً خلال سنوات الطفولة، حتى عندما كان يأتي صيفاً حيث الحر اللاهب والشمس الحارقة .. فكنا نحتمي بالظل، ونداوي العطش بالماء نسكبه فوق رؤوسنا وملابسنا»، حسبما قال. وقد لعبت القبيلة دوراً كبيراً في تاريخ الإمارات، فهي كانت الوعاء الذي حافظ وضمن بقاء تقاليد وعادات وقيم أصيلة يقوم عليها أساس المجتمع وتشده بنيانه، بل كانت تمثل، بتعبيره «أهم ملامح المجتمع في الامارات وتشكل الهوية الوطنية المشتركة بين أبناء الدولة». واعتمد أهالي منطقة الهيلي في غذائهم على ألبان الإبل والمواشي ومنتجاتها. وكانوا يبنون مساكنهم الصيفية بالأشجار صيفاً، وبالطين والحجارة شتاءً. وبالطبع كانت النخلة من أهم الأشجار التي يعتمد عليها الأهالي في البناء. والبعض كان يستورد أخشابا من الهند. ومع البدايات الأولى، سرعان ما لبى خيرة شباب القبائل، نداء الواجب وقرروا الإنضمام للقوات المسلحة، في كل إمارة. وبالنسبة للنعيمي، فقد أمضى رمضان بعيداً عن الأهل، للمرة الأولى بعد بدء خدمته في القوات المسلحة بالشارقة. كان ثمة مطعم يسمونه «البندرة» لا يقدم فيه سوى وجبة واحدة مكونة من عدس وخبز وشاي، لذلك كان المجندون، ومنهم النعيمي، يشترون من رواتبهم ما يحتاجونه لإعداد الفطور داخل مقر المحطة. وبعد التراويح كانوا يلعبون كرة القدم أو يخرج للمشي. يتذكر بخيت النعيمي «العمل في الجيش كان عبارة عن سرايا ولذلك تم نقل البعض للعين أو مسافي أو منطقة المرفأ وهناك من بقي في الشارقة، أما أنا فقد عينت في قوة دفاع أبوظبي قبل الاتحاد وذلك مع بداية تسلم المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمة الله عليه مقاليد الحكم.» نظرة إعجاب وبجهد شخصي دؤوب، تعلم النعيمي القراءة والكتابة، ثم تم تعيينه في الحرس الأميري، فكان دوما وراء الشيخ زايد طيب الله ثراه، بخطوتين لتلقي الأوامر والتوجيهات. ويقول عن المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «كان ينظر لكل فرد بنظرة إعجاب، كأنه فخور بما تحقق، وكانت له نظرة مهيبة ملؤها الحب والود» . ولا ينسى النعيمي أبداً يوم تناول الشيخ زايد طيب الله ثراه، طعام الغداء مع جنوده في جبل العش. ويقول « منذ تلك اللحظة زاد تعلقنا بالرجل الذي كان يدير المسؤوليات الجسام الملقاة على عاتقه بتواضع وحكمة وحب.» وأثناء خدمته في الحرس الأميري بأبوظبي، اعتاد النعيمي تناول طعام الإفطار بعيداً عن أهله في نادي الضباط في أوقات الراحة أو في القصر الأميري، ثم يفطر مع أهله في العين خلال نهاية الإسبوع. والآن بعد تقاعده عقب 32 عاماً أمضاها في خدمة الوطن، لا يتناول النعيمي طعام الإفطار في رمضان بمنزله، إلا وقد تحلق حوله 50 شخصاً على الأقل يفطرون معه، حيث اعتاد على ذلك منذ 15 عاماً. تربية الرجال كان الآباء يصطحبون أبناءهم معهم في رحلاتهم، ما أن يبلغوا التاسعة أو العاشرة من العمر. وكانوا يقولون دائما إن الصبي مكانه بين الرجال، ولا ينبغي تركه في المنزل مع النساء لأنه يتأثر بالبيئة من حوله. ولذلك كانوا يحرصون حتى عند استقرارهم على أن يشارك الصبية في مجالس الرجال عندما يتجمعون ولو على فنجان قهوة حين يتحادثون ويتسامرون. من قلب الوطن قلعة الجاهلي .. تاريخ مجيد تعد قلعة الجاهلي إحدى أكبر القلاع في العين، وأفضل نموذج لفن العمارة العسكرية المحلية. وتتمتع القلعة من الناحية التاريخية بأهمية كبيرة لارتباطها بتاريخ أسرة آل نهيان. وبدأ بناء القلعة في 1891 تحت حكم الشيخ زايد الأول، وانتهى بناؤها في عام 1898. وإلى جانب استخدامها للأغراض السكنية، شكلت القلعة موقعاً نموذجياً للأعمال العسكرية، لكونها تقع على مقربة من مصادر المياه، وتحيط بها الأراضي الخصبة للزراعة، كما كانت القلعة مكاناً مناسباً كمقر للسكن استخدمته أسرة آل نهيان في الصيف، بعيداً عن المناخ الرطب في ساحل أبوظبي، وأيضاً كمأوى لسكان واحة العين في زمن الاضطرابات السياسية. وظلت القلعة السكن الخاص بأسرة آل نهيان حتى بعد وفاة الشيخ زايد الأول في عام 1909.
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©