السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«اللهم إنا لا نسألك رد القضاء» .. عبارة تحمل تكبراً ممقوتاً

«اللهم إنا لا نسألك رد القضاء» .. عبارة تحمل تكبراً ممقوتاً
9 يوليو 2013 21:08
حسام محمد (القاهرة) - يردد الكثيرون دوماً عند سماعهم خبراً غير سار جملة: «اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه»، ويعتقد البعض منهم أنه حديث شريف أو دعاء مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم. ويقول الدكتور محمد كمال إمام - رئيس قسم الشريعة الإسلامية بجامعة الإسكندرية وعضو هيئة كبار العلماء-: إن تلك الجملة ليست بدعاء وليس لها أصل في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ولا دعاء الصحابة رضي الله عنهم، ولا أهل العلم، وتتضمن عدة أخطاء شرعية وفقهية فهي تجعل القائل وكأنه يشعر بالاستغناء وعدم ثقته بقدرة الله على كل شيء، حيث إنه تعاظم أن يسأل الله دفع ما يخشى، فسأل التخفيف فيه فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت ليعزم المسألة فإنه لا مكره له» وفي قول آخر «ليعزم في الدعاء، فإن الله صانع ما شاء لا مكره له»، فالواجب أن يسأل العبد الله ما يؤمله من دفع السوء وحصول الخير جازماً في سؤاله. رد القضاء وأضاف إن قائل تلك العبارة يبدو وكأنه يدعو الله تعالى برد ما يكرهه من سوء القضاء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: «كان يتعوذ بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء»، والمراد بسوء القضاء سوء المقضي، وهو ما يكرهه الإنسان في نفسه أو ماله أو أهله أو ولده أو خاتمته أو معاده، كذلك فإن تلك الجملة تشعرنا أن الدعاء لا يرد القضاء وهو خلاف ما دلت عليه السنة ففي حديث أبي عثمان النهدي عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يرد القضاء إلا الدعاء». كذلك فإن قائل تلك الجملة يرتكب إثما عظيما من دون أن يدري ففيها سوء أدب مع الله تعالى لأن فيها نوعاً من التحدي فكأنه يقول: يا رب افعل ما شئت، ولكن اللطف فيه، بدلاً من أن يدعوه متذللاً أن يرفع عنه البلاء تماماً ويعرف أنه بضعفه ليس متحملاً للحظة ابتلاء واحدة من رب العالمين وأيضاً فيها منافاة للحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يردُّ القضاء إلا الدعاء» والله عز وجل يقضي الشيء ثم يجعل له موانع فيكون قاضيا بالشي وقاضيا بأن هذا الرجل يدعو فيرد القضاء والذي يرد القضاء هو الله عز وجل فمثلاً الإنسان المريض هل يقول: اللهم إني لا أسألك الشفاء، ولكني أسألك أن تهون المرض لا بل يقول اللهم إنا نسألك الشفاء فيجزم بطلب المحبوب إليه دون أن يقول يا رب أبق ما أكره لكن الطف بي فيه خطأ هل الله عز وجل إلا أكرم الأكرمين وأجود الأجودين وهو القادر على أن يرد عنك ما كان أراده أولا بسبب دعائك فهذه العبارة محرمة والواجب أن نقول اللهم إني أسألك أن تعافيني وأن تشفيني وأن ترد عليّ غائبي وما أشبه فكل من دعا الله ليدفع عنه مكروهاً - عدواً أو خطراً أو أن يكشف عنه شدة - فإنه يطلب بذلك رد القدر، والله تعالى قد أمر عباده بالدعاء. والداعي يطلب جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، ثم إذا دعا العبد وسأل ربه حاجته، فالله تعالى يفعل ما يشاء وهو الحكيم العليم، والله تعالى قد قدر الأسباب والمسببات، وكلها بقدر الله، وجعل هذه الأقدار تتدافع، فالجوع قدر، والعطش قدر، والمرض قدر. وقد جعل الله لرفع هذه الأقدار أسباباً فيدفع قدر الجوع بالأكل، والعطش بالشرب، والمرض بالدواء، وقدر البرد بالثياب والاستدفاء، وما أشبه. ويفر الإنسان من المكان الذي يخاف فيه، أو لا يجد فيه ما يحتاج إلى المكان الذي يأمن فيه ويجد فيه ما يريد من المنافع، ولهذا لما رجع عمر - رضي الله عنه - بالمسلمين ولم يدخل بهم الشام لأنه قد حدث فيه الطاعون قيل له: أتفر من قدر الله، قال: نفر من قدر الله إلى قدر الله، فعلى الداعي أن يدعو ربه ويسأله حاجته؛ فيسأله النصر والرزق والشفاء من المرض وحصول الولد وسائر المطالب، ويسأل ربه أن يدفع عنه المكاره، ويسأل مع ذلك ربه أن يلطف به في جميع أحواله، أما قول القائل: إني لا أسألك رد القدر فهذا كلام لا يصح، وليس له اعتبار ولا أصل له في النقل فهو دعاء مبتدع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©