الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسلحة نفسية

21 ديسمبر 2016 22:30
الإنسان يتعرض لمثيرات قلق وتوتر شبه يومية على كل الصور والأشكال، لذلك فهو يدافع عن راحته النفسية ضد تلك المثيرات بحرب ضروس حامية الوطيس دائماً أبداً مستخدماً بها عدة وعتاداً تسمى ميكانزمات الدفاع. سلاح الانشطار وسيله دفاعية كما أشرنا يقسم الإنسان فيها البشر ما بين جيد وسيئ خيارين لا ثالث لهما وبالطبع يضع نفسه في مصاف الأخيار وبعيد كل البعد عن مصاف الأشرار وقناعاته دائماً بأن هذه هي ذاته الحقيقية دون مبالغة منه أو تعظيم، وعلى هذا فالإنسان بهذا السلاح ينكر أن البشر مزيج بين عيوب ومميزات وبين ركائز خيرة جميلة وركائز شر وسوء، فإدراكه الوحيد هو اللون الأسود أو اللون الأبيض. وأنه ليس هناك لون رمادي ما بين اللونين، فلا يجوز أن يكون هناك إنسان يحمل بين جنباته مميزات وعيوباً، فإما إنسان كامل أو إنسان ناقص. وهذا السلاح خطير في فرط استخدامه لأن الإنسان مع الوقت ينصب نفسه الحاكم بأمره بين البشر له الولاية المطلقة بينهم يقسمهم وفقاً لقناعاته يمن بالجنان على مريدي فكره وطريقته ويزج الأشرار بنار الجحيم متعمقاً في عدم تقبل الآخر بعيداً عن تقبل أي رؤية مغايرة. وسلاح إزاحة الغضب خطير لا تحمد عقباه ولا يحمد ما يترتب على استخدامه، فما بالك بفرط استخدامه حيث يقوم الإنسان باختزان الطاقة الانفعالية الغاضبة الناتجة عن تعرضه لمثير مقلق بشكل شديد ثم إخراجها في غير موضعها فيما بعد فتعرض النسيج النفسي للإنسان لمثيرات شديدة التوتر أمر شائع، ومحاربته لها في نفس لحظات الإصابة أمر طبيعي ولكنه يضطر أحياناً لتأجيل المواجهة لاعتبارات خارجة عن إرادته يكمن معظمها بالمسؤوليات الملقاة على عاتقه وبهذا التأجيل ينتهي المثير مع الوقت ولكن لا تنتهي آثاره فتبدأ المواجهة المحملة بتلك الطاقات المخزنة لمثير آخر لا تستدعي تماماً مواجهته هذه الطاقات، بل وأحياناً لا يكون هناك مثير من الأساس ولكن تلك الطاقات تمزق نسيج النفس كثورة العبيد على السيد من أجل الحرية فلابد أن تخرج للنور وإلا مزقت النسيج النفسي كما أشرنا حتى ينزف دماً فحينما يخرج الغضب خاصة بوجه الأحباء والأهل ينهي علاقات، بل ويدمرها أحياناً، فهذا السلاح يريح الإنسان لحظات، ولكنه في المعتاد يجعله يندم سنين. مصطفى حامد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©