الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المسجد الجامع في دلهي يٌظهر الطابع الهندي الإسلامي للعمارة

المسجد الجامع في دلهي يٌظهر الطابع الهندي الإسلامي للعمارة
26 يوليو 2014 06:54
في قلب دلهي القديمة، وبالتحديد في بداية شارع شواري بازار، أكثر شوارع العاصمة الهندية ازدحاماً، يقع المسجد الجامع الأكبر والأشهر في الهند كلها، وكان عند تشييده يتوسط الضاحية الملكية المعروفة باسم شاه جهان أباد. يعود الفضل في بناء هذا الجامع الكبير للإمبراطور شاه جهان خامس أباطرة المغول المسلمين بالهند، والذي يعد أكبر البنائين في تاريخ الهند وكفاه تشييده لروضة تاج محل، وقد وضع حجر الأساس لهذا المسجد الجامع فوق أكمة تم عمل منصة صناعية ممهدة لها بارتفاع حوالي 1. 5م، تحيطها شرفة منخفضة، يمكن الوصول إليها عبر درجات سلم ثلاث بوسط كل من الأضلاع الثلاثة المواجهة للشرق والشمال والجنوب. بدأ العمل في بناء الجامع في يوم الجمعة العاشر من شوال العام 1060 هـ الموافق 19 أكتوبر 1650م، وبمشاركة أكثر من 6000 بناء ومزخرف، استمر العمل قائماً لمدة ست سنوات، افتتح الجامع بعدها للصلاة في عام 1066 هـ «1656م». وينظر إلى تخطيط هذا المسجد الشبيه بمسجد اللؤلؤة أو موتي مسجد بفتح بور سيكري بوصفه التعبير الصادق عن الطابع الهندي الإسلامي لعمارة المسجد، إذ تمتزج فيه ببراعة الملامح الرئيسة لتخطيط المساجد الجامعة التي اتبعت تخطيط المسجد النبوي بالمدينة، وكذلك جوهر تخطيط المساجد السلجوقية ذات الإيوانات، وقد أضيفت إليها بعض السمات المعمارية للمعابد الهندوسية. فمن تخطيط المساجد الجامعة استقى المهندس فكرة الصحن الأوسط المتسع الذي تحيط به أربع ظلات للصلاة، وهو صحن مستطيل الأبعاد يصل طوله إلى 75م، بينما يبلغ اتساعه 66م، أما الظلات فاكتفى منها بثلاث في الجهات الثلاث عدا جهة القبلة وجعل بكل ظلة رواقاً واحداً ترتكز عقوده المشيدة بالحجر الرملي الأحمر على دعامات رشيقة قصيرة ولا تخلو هذه الأروقة من ملامح هندية محلية تبدو واضحة أولاً في انخفاض السقف على طريقة المعابد الهندية القديمة، وثانياً في وجود طابق ثان لهذه الأروقة، فضلاً عن الزخارف الهندية القديمة التي تم حفرها في العقود التي اتخذت هيئة العقود ذات الفصوص، وهي من مميزات العمارة الإسلامية بالهند. القباب الثلاث أما ظلة القبلة فقد تم استبدالها في تصميم مسجد دلهي الجامع بفكرة الإيوانات التي أضافها السلاجقة لأول مرة في مساجدهم بإيران والأناضول بديلاً عن الأروقة ذات الأعمدة والعقود، ولكن المعمار أضاف هنا ملمحاً هندياً خالصاً باعتماده على التقسيم الثلاثي لإيوانات القبلة بالضلع الغربي، مقارباً في ذلك من التقسيم التقليدي للمعابد البوذية، حيث تقام ثلاث مقصورات لكل من أقانيم الثالوث البوذي، وهي فيشنو وتشيفا وبراهما. ويكتسب تصميم جامع دلهي طابعاً هندياً خالصاً بفضل القباب الثلاث التي تغطي الإيوانات الثلاث للقبلة، وهي قباب بصلية الشكل شيدت بألواح من الرخام الأبيض والأسود، بينما تتوج قمة القبة باللون الذهبي. ثلاثة مداخلولهذا الجامع ثلاثة مداخل يتوسط كل منها وسط أحد الأضلاع فيما عدا جهة القبلة، ويعتبر المدخل الشرقي المواجه للقبلة بمثابة المدخل الرئيس، وهو الأكبر حجماً بين المداخل الثلاثة المتشابهة، وهي بعقودها الضخمة تحاكي مداخل القلاع الحربية، ويؤدي لكل مدخل درجات سلم يصل عددها إلى 39 درجة في المدخل الشمالي، و33 درجة في الجنوبي، بينما يصل عدد درجات المؤدية للمدخل الشرقي الرئيس إلى 33 درجة، وتستخدم درجات هذه المداخل أثناء فترات الصباح لبيع الأطعمة وبعض المنتجات اليدوية التقليدية، وأمام المدخل الشرقي الرئيس يعقد سوق للطيور والدواجن بشكل عام، ويوجد بداخل كتلة المدخل الشرقي الرئيس ضريح دفن به السلطان أحمد شاه. يحتل المسجد مساحة مستطيلة طول ضلعها 80م، بينما يصل العرض إلى 66م، ويستوعب نحو 25 ألف شخص يؤدون الصلاة به في وقت واحد، ويصل المسجد إلى طاقته الاستيعابية الكاملة في صلوات الجمعة التي يحرص المسلمون في أحياء العاصمة على أدائها في ذلك المسجد التاريخي. وبداخل جامع دلهي خزانة تضم العديد من التحف والكتب النادرة، ومنها نسخة قديمة من المصحف الشريف كتبت على جلد الغزال. يحيط بصحن المسجد رواق معقود على طابقين في الجهات الثلاث التي بها مداخل الجامع، وبعض الأجزاء في هذه الأروقة مخصصة للاعتكاف والتعبد. التوازن في توزيع العقود يتجلى طابع العمارة الهندية بصورة واضحة في واجهة هذا الجزء من المسجد، وهو الجانب الغربي من الصحن، أي جانب القبلة من ناحية العناية بالمدخل الأوسط حتى ليبدو وكأنه مدخل المسجد على الرغم من أنه يطل على الصحن، ويزيد من جمال هذا الجزء تلك العناية الكاملة بالتوازن في توزيع العقود، فهناك 7 عقود على جانبي عقد المدخل، وقد غشيت الواجهة بكاملها بالرخام. ?والحقيقة أن العمارة الإسلامية في الهند ورثت تلك العناية بواجهة إيوانات القبلة المطلة على الصحن من العمارة التيمورية في سمرقند وبخارى، ويبدو ذلك التأثير كنوع من وفاء أباطرة المغول للميراث المعماري لجدهم الأعلى تيمور لنك، حتى أن واجهة إيوانات القبلة ضمت في طرفيها منارتين رشيقتين تماما مثلما نرى في المدارس التيمورية بآسيا الوسطى، ويبلغ ارتفاع كل مئذنة 41 متراً، يتم الصعود إلى جوسقها المغطى بقبة بصلية صغيرة محمولة على 12 عقداً عبر 130 درجة، لم تعبر طوابقها الثلاثة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©