السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

كيف يُدوّن المخرج إيماءات الممثل وحركاته؟

كيف يُدوّن المخرج إيماءات الممثل وحركاته؟
26 يوليو 2014 00:15
صدر قبل أيام قليلة وضمن سلسلة «المعرفة الأدبية» التي تصدرها دار توبقال، كتاب «تدوين الفرجة المسرحية» لمؤلفه الباحث المغربي فهد الكغاط. ويعتبر أول كتاب في المكتبة المسرحية العربية يتطرق إلى موضوع «تأشير العرض المسرحي». ويُدخلنا الدكتور فهد الكغاط في هذا الكتاب الذي جاء في 300 صفحة من الحجم المتوسط، مجالًا معرفياً جديداً لم ينتبه إليه نقاد المسرح بل لم يوله المخرجون العرب اهتماماً كبيراً بحيث إنهم حتى وإن كانوا فعلا يدونون إخراجهم إلا أنهم لم يُفكروا في طبع هذا التدوين أو حتى الاحتفاظ به كما يقول الدكتور يونس لوليدي في تقديمه لهذا الكتاب. لذلك فإن كان الباحث قد وجد بيُسر نماذج من التأشير المسرحي الغربي فإن الأمر كان مختلفا عند البحث عن نماذج مغربية أو عربية إلى درجة أنه كان مضطرا إلى دراسة جزء من كراسة للمخرج المغربي الراحل محمد تيمد. وقد جرت العادة أن نُقسم النصوص في المسرح إلى ثلاثة نصوص هي: نص المؤلف الدرامي: الذي يضم الحوار والإرشادات المسرحية. ونص المخرج والممثلين: أي عندما يصبح ما كان مكتوباً في نص المؤلف حركات وإيماءات ومشاعر ومواقف يقدمها الممثلون وينظمها المخرج. ونص الجمهور: أي الطريقة التي يفهم بها كل واحد من الجمهور العرض ويؤوله بها. وهذان النصان الأخيران نصان مجازيان أكثر منهما نصان حقيقيان، غير أن الباحث الدكتور فهد الكغاط يخصص هذا الكتاب القيم لدراسة نص رابع نص حقيقي وليس مجازياً هو نص «تأشير العرض المسرحي». إنها كراسة الإخراج المسرحي التي يدونها المخرج وفريق عمله وقد تصل مكتوبة بخط اليد وقد تطبع وترفق بالنص الذي تم إخراجه. ويرى الدكتور يونس أن هذا الموضوع غريب عن النقد المسرحي العربي، وغريب عن الدراسات والبحوث الأكاديمية الجامعية العربية. مؤكداً أن النص الدرامي موضوع ثابت لا يتغير في صيغته النهائية، فحتى لو حورهُ المخرج أثناء الإعداد للعرض، فإنه يظل في صيغته الأصلية خالداً أبداً. أما العرض المسرحي، فإنه حدث فرجوي حي ومباشر، وموضوع فريد يقدم للمتلقي في اللحظة الحاضرة، ويستحيل تكراره في أي لحظة أخرى. معتبراً أن الفعل المسرحي لا يدوم إلا الزمن الذي يستغرقه العرض، واللحظة المسرحية لا تستمر إلا أثناء تقديمها، والعرض المسرحي يتلاشى بمجرد تحققه ثم انتهائه. من هنا، يندرج المسرح في بعده الفُرْجوي فيما هو آني وفوري، وما هو وقتي وعابر. ومن هنا أيضاً، إذا كانت مقاربة النص الدرامي لا تطرح مبدئياً إلا إشكاليات منهجية، فإن مقاربة العرض المسرحي تطرح، أولاً وقبل ذلك، قضية شائكة ترتبط بهذه الوقتية التي تميزه، أو بعبارة أخرى تتمثل في «غياب (هذا) العرض (موضوع الدراسة)، أو حتى انعدامه فكيف نحلُّ إذن هذه المفارقة؟ وكيف نقارب موضوعاً آنياً وزائلاً مثل العرض المسرحي؟ ويرى المؤلف أن هذا البحث هو أطروحة محورية تفيد إمكانية مقاربة العرض المسرحي انطلاقاً من وسيط نصي ناقل لأحداثه. ويتمثل هذا الوسيط في كراسة الإخراج المسرحي التي يعدّها المخرج وطاقم عمله أثناء التهيئ للعرض. فبرأي الباحث، إذا كانت هذه الكراسة تسمح بتوثيق الفعل المسرحي وحفظه، فإنها تسمح أيضاً بإعادة تشكيل الإخراج المسرحي وتحديد شروط تلفظه، إنها، بعابرة أخرى، وسيط ناقل للعرض المسرحي، يحقق «النص الفُرجوي» ويجسّده، ويسمح باستعادة مختلف جوانب الحدث المسرحي والتقاط التصور الإجمالي للإخراج. وتُمثّل هذه الكراسة، بوصفها نصاً مدوناً بخط اليد أو مطبوعاً، التأشير الكتابي للإخراج المسرحي، وهو ما يعتبر من أهم تقنيات التأشير المسرحي التي يمكن أن توظف لتدوين العرض وتسجيله. وعليه، فقد شكل «التأشير الكتابي للإخراج المسرحي»، و«مقاربة العرض انطلاقاً من ذلك»، محوري هذه الدراسة. ويقول المؤلف: إذا كنا قد أثرنا مجموعة من الأسئلة الجوهرية التي ترتبط بذلك، فربما كان أهمها ما يلي: كيف يلتقط المخرج اللحظة المسرحية ويمسك بها؟ وكيف يثبت الإخراج المسرحي رغم أنه، بطبيعته، يتلاشى بانتهاء العرض؟ ما هي الأدوات التي يُوظفها المخرج لكتابة نص التأشير المسرحي؟ كيف يُدوّن المخرج إيماءات الممثل وحركاته؟ وكيف « يسجل» رنة صوته وإيماءاته، وإيقاع كلامه واتصاله؟ بل كيف يكتب الإخراج المسرحي ويدوّن كل مستوياته على الورق؟ هل من الممكن أن تأخذ كراسة الإخراج المسرحي شكل «توليفة مسرحية»، بحيث تماثل التوليفة الموسيقية في دقة علامات التدوين وكونيتها؟ ما أبرز القضايا التي تطرحها هذه الصيغة الكتابية لتأشير الإخراج المسرحي؟ ما هي خصوصيات التأشير المسرحي في أهم التجارب الإخراجية التي عرفها القرن الماضي؟ كيف نستعيد مجمل أنساق علامات العرض المسرحي؟ وكيف نقارب هذا العرض انطلاقاً مما دونه المخرج في كراسة الإخراج الناقلة لأحداثه؟ وما هي الإجراءات النقدية التي على أساسها يمكن أن تنبني هذه المقاربة؟ وهكذا، فإن بعض هذا الدراسات تناول التأثير المسرحي بصفة عامة، وبعضها الآخر لأمس فقط جانباً منه. على أن هذه الدراسات كلها دراسات غريبة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©