الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ترجمة مجرة لغوية

26 يوليو 2014 02:17
للترجمة الأدبية من اللغات الهندية الإقليمية أهميتها الخاصة، كما أن لها نكهتها الخاصة كذلك. ولعل ما تقدمه الترجمة هنا هو هذه الفسيفساء اللغوية الممتدة على مساحة شاسعة من الأرض تكون شبه قارة، وتلك الثقافة الفريدة من نوعها. والواقع أنك عندما تتحدث عن الهند فإنك تتحدث عن مجرة لغوية تحتاج إلى اكتشاف ما لم يكتشف منها. ولو تصورنا أن هذا الاكتشاف يحتاج إلى أدوات فهي لن تزيد على دراسة جدوى وعدد من المترجمين من وإلى هذه اللغات، التي يتحدث بها الناس ويبدعون في بلد واحد، يربو عدد لغاته على اثنتين وعشرين لغة بالإضافة إلى قرابة الألف وخمسمائة لغة إقليمية. لغات من الهندية إلى السنسكريتية إلى المليالم إلى البنجابية إلى الغجراتية إلى البنغالية والتاميلية وغيرها وكلها لغات حية، وكلها تمثل ثقافة واحدة مترابطة متشابكة متنافرة ومنسجمة، وفي مجملها تحتضن ما يشتمل عليه الأدب الهندي. والأدب الهندي كان منذ القدم في مرمى البصر بالنسبة للشعوب الأخرى، التي ظل إلى اليوم يشكل بالنسبة لها ثقافة عريقة وفاعلة تحتاج إلى التواصل وهذا ما فعله الغرب. فإلى جانب الأدب الهندي المكتوب باللغة الإنجليزية، تعتبر ترجمة الأدب من أي من اللغات الإقليمية إلى اللغة الإنجليزية الأوسع نطاقاً على مستوى العالم. وحسب أحد اللغويين الهنود فإن الإنجليزية هي الخزان الضخم للثقافة الهندية، وبالتالي كما يقول لا يمكن اعتبارها لغة استعمارية بقدر ما هي قناة اتصال بين الثقافة الهندية وغيرها من الثقافات. وبالتأكيد يمكن لنا أن نتصور حجم ما يغطي السوق الهندية من الأدب الإنجليزي والأمريكي وما تنتجه دول أخرى حول العالم من آداب تكتب باللغة الإنجليزية. وإذا كان الغرب قد استفاد من هذا التعدد اللغوي الثقافي، فإن أهم ما استفاد منه الأدب الهندي المكتوب باللغات الإقليمية من ترجمته إلى اللغة الإنجليزية، هو التعريف بكتّاب وأدباء كبار استطاعوا أن يوصلوا أصواتهم إلى العالم، أصوات أولئك المهمشين الذين يبدعون بلغاتهم المحلية التي لا يجيدون غيرها في الكثير من الأحيان، وتأتي في مقدمتها الأصوات النسائية التي غيبت طويلا. ولعل أهم ما يمكن الإمساك به من هذه التجارب هو تجربة ترجمة الشاعر الكبير «طاغور» الحائز على جائزة نوبل سنة 1913. فمما لاشك فيه أن ترجمة أعمال طاغور الشعرية والقصصية والروائية والمسرحية من البنغالية، قد أسهمت في تسليط الضوء على حياة الإنسان البنغالي العادي، وفي إطلاع الآخرين على ثقافته. وكذلك الحال بالنسبة لترجمة أعمال العديد من الكاتبات الهنديات من اللغات المحلية إلى الإنجليزية. وعلى نطاق واسع تُذكر أعمال كاتبات تسنى لهن التعريف بآداب هندية محلية مهمشة كالأدب التاميلي، منهن الروائية «س. سي. لكشمي» 1944 والشاعرة والروائية «راجاتي سلمى» 1968. الأولى ترجمت الكثير من رواياتها المكتوبة بالمحلية التاميلية إلى اللغة الإنجليزية ومنها روايات «البحر الأرجواني» و»غزال في غابة» سنة 2006 وكلها تناقش قضايا المرأة والمجتمع والجندر. والثانية ترجم لها من التاميلية عدد من الأعمال من بينها رواية «حكايات منتصف الليل» التي تلقي الضوء على الجانب الخفي من حياة المرأة في ولاية «تاميل نادو» في مجتمع يكرس التمييز ضدها. الهند، هذه المجرة اللغوية الثقافية غير بعيدة عنا متى نكتشف ذلك؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©