السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كيف يمكن إنقاذ غزة؟

كيف يمكن إنقاذ غزة؟
26 يوليو 2014 01:10
بعد أسبوعين من الاحتجاجات والإدانات، حان الوقت للاعتراف بأن الغضب لن ينهي الحرب في غزة. وأفضل طريقة لإنهاء هذه الدورة من العنف، من وجهة نظري الشخصية، هي عملية نزع سلاح بإشراف دولي. وفي ظل هذه المأساة الكبيرة من الموت والدمار يبدو الأمر ميئوساً منه بالمرة. ولكن في الحقيقة هناك كثير من الأدوات المطلوبة موجود بالفعل. وفي هذا المقال أعرض تحليلاً للمشكلة وكيفية حلها، بحسب ما أرى. أولاً: ليست لدى سكان قطاع غزة حكومة تحميهم. فكل يوم يسقط المزيد من الضحايا المدنيين في القطاع. وقد وافقت إسرائيل على مقترحات وقف إطلاق النار. ولكن «حماس» التي تسيطر على غزة ترفض هذه المقترحات. وبوسع نتنياهو أن يجادل بأن الصواريخ تبرر الهجمات الإسرائيلية من وجهة نظره، أو لنقلْ توفر ذريعة له هو فحسب. وهي بهذا المعنى تؤدي على أي حال إلى سقوط المزيد من الضحايا من سكان غزة. والشيء الوحيد الذي يفسر سلوك «حماس» هو الاعتراف بأن هدفها ليس وقف القتل ولكن استغلاله. وهذا يفسر ما تردد عن حث «حماس» لسكان غزة على الوقوف فوق المباني المستهدفة، وأن يبقوا في المناطق التي أصدرت إسرائيل تحذيرات بإخلائها قبل غزوها. ويفسر أيضاً سبب إصرار الحركة على أن تقدم إسرائيل تنازلات في مقابل وقف إطلاق النار. وكأن «حماس» تعتقد أن وقف إطلاق النار جميل تسديه لإسرائيل! وبالنظر إلى عدم التناسب الكبير في الضحايا، فهذا يوضح للغاية أن «حماس» تعتقد أن القتلى في غزة يجب أن يثيروا ضيق أطراف أخرى أكثر من ضيق «حماس». وقد حولت الحركة مئات الآلاف من أطنان مواد البناء من المشروعات المدنية إلى بناء الأنفاق. فـ«حماس» تهتم بالإضرار بإسرائيل أكثر مما تهتم بمساعدة سكان غزة. ثانياً: تعلم إسرائيل من خبراتها أن غزو واحتلال غزة ليس خياراً مفيداً لها. وفي هذا الصراع الحالي، أعربت عن رغبتها في التوقف أولاً بموافقتها من جانب واحد على مقترح مصر لوقف إطلاق النار، ثم بتأجيل الغزو البري. ولكن «حماس» ضغطت وتحدت إسرائيل أن تتقدم في الغزو. وردت إسرائيل برعونة على التحدي. وتوسعت هجماتها مما تزعم أنه قصف لمنصات إطلاق الصواريخ إلى تدمير الأنفاق. والأسوأ من هذا أن تل أبيب اتخذت مما تقول إنه استخدام من «حماس» للدروع البشرية مبرراً لقتل المدنيين. ولا يستبعد أن تكون «حماس» قد استخدمت المدنيين بهذه الطريقة ووضعت صواريخها في المدارس والمساجد والمستشفيات، ولكن إسرائيل عممت أيضاً هذه الانتهاكات المفردة وزعمت أن كل القتلى المدنيين قضوا بسبب «حماس». والآن يدعو بعض وزراء الحكومة الإسرائيلية إلى إجراءات واسعة النطاق ضد غزة مثل قطع الكهرباء عنها. فالخط الفاصل بين قتال «حماس» وقتال غزة كلها غائم في تصرفات حكومة نتنياهو. ثالثاً: الإسرائيليون فقدوا الثقة في الحل العسكري. وكانت إسرائيل قد سحبت قواتها من القطاع في عام 2005 ولكنها أبقت سيطرتها على حدود وسواحل غزة ونطاقها الجوي. ومنذ تلك الفترة شنت ضدها ثلاث حروب. وفي الوقت الحالي لا أحد في إسرائيل، غير اليمين المتطرف، يعتقد أن القوة ستقضي على «حماس» أو تلقنها درساً إلى الأبد. فالصواريخ يعاد تخزينها والأنفاق يعاد حفرها وكلما سقط مقاتل من «حماس» حل محله واحد آخر على الأقل. والعبارة القاسية التي تطلقها إسرائيل على عملياتها الدورية في غزة وهي «جز الحشائش» تمثل اعترافاً ضمنياً بأن القوة لن تجدي نفعاً. وهي تتوقع بعد هذه الحرب أن تعود إليها بعد عامين. وفي كل مرة يتضح الإخفاق أكثر. فغزة كثيفة السكان بحيث لا يمكن قصفها دون سقوط ضحايا مدنيين، ولا يمكن إرسال قوات برية دون أن تتورط في حرب شوارع يقتل فيها عدد كبير من القوات الغازية. وقد قتل حالياً ما يزيد على 20 جندياً إسرائيلياً في هذه العملية وهناك أيضاً جندي مفقود. وإذا أمسكت «حماس» بجلعاد شاليط جديداً فسيكون من السهل انتزاع تنازلات تجعل من الغزو خسارة صافية لإسرائيل. رابعاً: هناك طرف واضح لتولي أمر غزة. فقبل سبع سنوات وبعد أن فازت «حماس» في انتخابات برلمانية فرضت سيطرتها على غزة وانتزعتها من السلطة الوطنية الفلسطينية والرئيس عباس. ولكن الزمن تغير. فنظام «حماس» في غزة مفلس، وعباس داعية اللاعنف هو القادر على الوصول إلى الوكالات الدولية والمانحين الدوليين. وهذا هو السبب الذي جعل «حماس» توافق على تشكيل حكومة وحدة وطنية يسيطر عليها الرئيس عباس. وهنا يأتي خطأ نتنياهو. فقد أوقف محادثات السلام مع عباس ورفض المصالحة مع «حماس» وفعل كل ما في وسعه لتعطيلها. وكان هذا غباء، فالرئيس عباس هو من يستطيع تقريب واحتواء «حماس» بأسلوب أكثر عقلانية. ويمكنه أن يقيم حكومة في غزة تحمي الناس. خامساً: الحل موجود. فقد تقارب رأي نتنياهو وسياسيين إسرائيليين آخرين حول مقترح لشاؤول موفاز، وزير الدفاع السابق، لنزع الأسلحة من غزة مقابل 50 مليار دولار سنوياً من المساعدات. وهذا يعادل 30 ضعفاً من الناتج المحلي الإجمالي لغزة وهو مبلغ كبير جداً. وقد يجد المانحون الدوليون سبلاً لإنفاق أموالهم أفضل من دفعها في إعادة إعمار غزة بعد حرب أخرى. ويتعين أن يكون هناك تحالف دولي موثوق به يشرف على عملية نزع السلاح. وهذه مهمة مفيدة لكثير من الدول التي عبرت عن غضبها بشأن المجزرة في غزة، فلتضع هذه الدول أموالها في سياق يخدم الاستقرار. ويتعين أيضاً ممارسة ضغوط على إيران، المورد الرئيسي للأسلحة لـ«حماس»، لتتراجع عن موقفها. ومن حسن الحظ أن إيران تحاول إعادة إظهار النوايا الحسنة، ويمكن إضافة هذه القضية إلى المحادثات التي تجري حالياً بين إيران والولايات المتحدة. وقد تقاوم إسرائيل في التخلي عن السيطرة على غزة ولكن الظروف الحالية جعلتها أكثر مرونة على الأرجح. وقد جعل نظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ الإسرائيليين أكثر ثقة في إمكانية حمايتهم من القذائف. وفي الأسبوع الماضي، أصدرت «حماس» قائمة طويلة بالمطالب في مقابل هدنة لمدة عشر سنوات. وكثير من المطالب مثل إقامة مطار، وحرية تدفق التجارة عبر الحدود البرية والبحرية، يمكن التفاوض بشأنها. وعشر سنوات فترة طويلة من الزمن. وإذا استطاعت غزة أن تمضي عشر سنوات دون حرب، وأن تبني اقتصاداً قريباً من اقتصاد الضفة الغربية، ففي هذا مكسب إيجابي يخدم التطلع للحفاظ على السلام. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©