الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

حليم بركات يسرد القضايا الإنسانية والقومية في «رياح وظلال»

6 يوليو 2012
في مجموعة “رياح وظلال” يقدم الروائي وعالم الاجتماع السوري اللبناني النشأة حليم بركات أربع قصص تنتمي في الزمن الى ما بين 1960 و2009 وهي أعمال تظهر تمسك الكاتب الدائم بالتزام القضايا الإنسانية والقومية على حساب المتعة والسعادة الفرديتين، وجاءت المجموعة القصصية في ثلاثة وتسعين صفحة من القطع المتوسطة. في القصتين الأولى والأخيرة من المجموعة الصادرة عن دار “نلسن السويد – لبنان”، يركز على نوع من الحيرة كان يسيطر على شبان في فترة من الزمن ويجعلهم يتمرجحون بأهدافهم في الحياة بين المتعة المتمثلة بأمور منها حياة الرفاهية والعلاقات الجنسية المفرطة عند البعض وحب امرأة واحدة والإخلاص لها عند البعض الآخر وبين الانصراف الى النضال من أجل قضايا إنسانية وقومية قد تؤدي بهم الى الموت. وبطل القصتين -او القصة الواحدة- يختار الثانية اي النضال ولو كان الاستشهاد ثمنا له. والقصة الثانية نشرت عام 1960 وحملت عنوان “حجر يغوص في البحيرة” وقد أهداها الكاتب الى “روح سعيد تقي الدين النبع العطش الذي تدفق من أجل الجذور في ترابنا”. وتكاد تكون القصة واقعية تماما باستثناء بعض التفاصيل وطبعا باستثناء أسلوب كتابة بركات. وكان حليم بركات قد عرف سعيد تقي الدين من خلال رفقتهما في الحزب السوري القومي الاجتماعي في تلك الحقبة من الزمن. تروي القصة حكاية أديب عاد من المغترب بثروة مهمة في تلك الأيام وسرعان ما انخرط في العمل السياسي والحزبي. كان كريما معطاء الى درجة انه بدد تلك الثروة وأصبح في حاجة. لم يستطع ان يجد -وهو رجل الأعمال المتفوق- عملا كريما يليق به. كان في سن لم تعد تسمح له بالهجرة من جديد ولكنه لحاجته قرر العودة الى المغترب. وفي تلك الأثناء وردته رسالة بالبريد المضمون. أوصله صديق له بسيارته الى مركز البريد فاكتشفا ان شيكا بمبلغ مالي مهم وصله. كان المرسل قد استدان المبلغ من الأديب بسبب حاجته قبل بضع سنوات وها هو بعد ان فتح الله باب الرزق في وجهه يعيد المبلغ الى صديقه. لكن رافق ذلك خبر هو ان رفيقا لهما أصيب بمرض ويحتاج الى عملية جراحية ضرورية لإنقاذ حياته. حول الأديب على رغم حاجته الشديدة المبلغ الى ذلك الرفيق قبل ان يسافر ليموت في بلاد الغربة وحيدا. القصة مع ما يشبهها وهو ليس بالقليل هي قصة سعيد تقي الدين الذي عاد من الاغتراب بثروة لكن ماله نفد اثر عمله السياسي والحزبي وإثر عطائه الكثير لكل صاحب حاجة دون ان يحسب حسابا للأيام السوداء. سعيد تقي الدين القائل عن بلاده انها تستنزف من يعطي حتى الموت اما الذي لا يعطي فلا تطلب منه شيئا لم يجد من يرد له بعض فضله فاضطر في سنه الى السفر الى بلد امريكي لاتيني للعمل وقضى نحبه هناك. وحتى قصة التبرع بالمبلغ لرفيق محتاج تشبه ما جرى فعلا مع الأديب الراحل قبيل سفرته الأخيرة. في القصة يدور حوار بين الكاتب وبين صديقه كريم وهو هنا كأنه ناطق باسم وجدان الكاتب وهذا الأخير يلوم نفسه. يقول له “وماذا يمنعك؟ هذه النكبة التي اجتاحت البلاد تضع امام الإنسان المثقف ألف سؤال وألف مسؤولية. الأطفال الذين استشهد آباؤهم. النساء اللواتي فقدن أزواجهن. الانسان الذي فقد حريته. أليست كل هذه مواضيع إنسانية ايها القاص؟ “هل يمكن ان تنسى يوسف صديقك وصديقي مرميا في الوحل لمجرد انه قال ما اعتقده حقا. يجب ان تعرف كيف تقف الى جانب الحرية والحق، وان كنا ضعفاء. انت لست ضعيفا. انت تعرف كيف تستعمل سلاح الكلمة. هل يمكن ان تنساه مرميا في الوحل بلا لسان؟ انك تعيش الآن في عزلة عن مشاكل الإنسان. لم تعد نفسك”. يشار إلى أن حليم بركات ولد في الكفرون في سوريا ونشأ ودرس في بيروت وتخرج من الجامعة الامريكية فيها. وهو روائي وعالم اجتماع وأستاذ جامعي قام بالتدريس في الجامعة الامريكية في بيروت وفي جامعة جورج تاون في الولايات المتحدة. له ما لا يقل عن ثلاثة عشر كتابا بين رواية ودراسات اجتماعية وسياسية.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©