الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

جيوفانا ميلاندري

15 يوليو 2006 01:20
السعد عمر المنهالي: على غير العادة تأتي الـكاتاناتشو'' الإيطالية في غير صالحهم، فطريقة القبضة الحديدية أو الكماشة التي اعتاد الإيطاليون أن يلعبوا بها بهدف الفوز فقط، والتي دأبوا فيها على الضغط على خصومهم في الملعب دفاعا عن شبكتهم، تأتي اليوم لتضغط بطرفي الكماشة على كرة القدم مفخرة الشعب الإيطالي -قبل البيتزا والباستا- لتضعهم في زاوية لا يحسدون عليها رغم حصولهم على كأس العالم! والحال بالحال يذكر لوزيرتهم الحسناء ''جيوفانا ميلاندري'' التي قد تكون أول امرأة إيطالية ترفع كأس العالم في تاريخه، سيما بعد ما ذكر من احتمال سحب اللقب عن بلادها رغم كل ما تبديه من صرامة بشأن تنظيف المجتمع الكروي الايطالي، إذ يتساءل الكثيرون بشأن استمرارها بذات الوتر في استجابتها لطلب النائب الإيطالي ''ريكاردو فيلاري'' بأن تعمل على معرفة ما قاله اللاعب الإيطالي ''ماركو ماتيراتزي'' للاعب الفرنسي ''زين الدين زيدان'' قبل أن يقوم الأخير بضربه، معتبرا أن الأمر يتعدى نظافة اللعب داخل الملعب وإنما بإمكانية خلق توترات كبيرة في إيطاليا - سيما لو كانت عنصرية- كما كانت صارمة فقد أعلنت أنها ستقاوم بشكل قاطع أية فكرة للعفو عن الأندية الإيطالية المشاركة في أكبر فضائح الكرة الأوروبية، بعد أن تورط أهم الأندية الإيطالية في انتهاكات قانونية وفساد بهدف التلاعب بنتائج المباريات، وقالت في الثاني عشر من يوليو الجاري 2006 إن حكومتها تنتظر نتيجة المحاكمة بهدوء رغم النجاح الذي حققه منتخب ايطاليا في كأس العالم· ولدت الإيطالية ''جيوفانا ميلاندري'' في الثامن والعشرين من يناير عام ،1962 درست الاقتصاد وتخصصت فيه بجامعة روما التي تخرجت منها عام ،1981 وخلال الفترة التالية ولمدة ست سنوات عملت في مكتب بحثي مختص بتنسيق السياسات التقنية والصناعية، وفي عام 1988 عملت مسؤولة عن المكتب الدولي للاتحاد البيئي وذلك حتى عام ،1994 وخلال هذه الفترة كانت لها مساهمة خاصة في صياغة خطة للإصلاح المالي للمجموعة البيئية· اليسارية الجميلة استطاعت ''جيوفانا'' شق طريقها بصعوبة داخل الوسط السياسي الإيطالي المحافظ، وقد بدأ وجهها يصبح أكثر حضورا عندما مثلت بلادها في وفد إيطاليا في مؤتمر ''بيرجين'' عام ،1990 وفي مؤتمر ''ريو دي جانيرو'' عام ،1992 غير أن عضويتها في اللجنة التنفيذية لحزب ''الديموقراطيون اليساريون'' الذي انتمت له عام 1991 سطعت بنجمها في سماء السياسة الإيطالية عندما استطاعت أن تصل إلى مجلس النواب الإيطالي في انتخابات ابريل عام ،1994 مما سمح لها المشاركة في عدد غير قليل من لجان المجلس· استمرت عضويتها في المجلس منذ ذلك الحين، وشاركت في لجانه ذات التخصصات المتنوعة، كعضويتها في لجنة الشؤون الخارجية واللجنة المختصة بالطفولة، كما ترأست لجنة حقوق الإنسان، كما شاركت في لجنة الثقافة، التي أهلتها لتصبح في أكتوبر عام 1998 وزيرة للثقافة في حكومة لم تر النور لأكثر من 432 يوما فقط، غير أن خروجها كان مدويا قبل أسبوعا واحدا فقط من استقالة حكومتها عندما أن نشرت لها صحيفة ''ليبرو'' -أحد الصحف الإيطالية المعروفة بإثارة الفضائح- صورة لها وهي عارية الصدر في صفحتها الأولى أثناء استرخائها على رمال الشاطئ، وهو ما اعتبر ضربة لحكومتها من خصومهم السياسيين اللذين لم يروا في فترة وزارتها أي نجاح في إثارة أي قضية ثقافية سوى احتمالات إقامة دعوى قضائية ضد الصحيفة المذكورة!! كانت السنوات العشر التي قضنت ''جيوفانا'' في أروقة مجلس النواب الإيطالية كافية لكي تجعلها من المحضوات القلائل اللاتي استطعن تجاوز العقبة الاجتماعية الكأداء في وجه نساء ايطاليا دون باقي نساء أوروبا· إذ تعد إيطاليا في أدنى درجات السلم الأوروبي لتواجد النساء داخل المواقع السياسية، إذ تبلغ نسبة تواجدهن داخل البرلمان 5,11 بالمائة، وهي في التصنيف العالمي لتواجد المرأة في سوق العمل تحتل إيطاليا المرتبة الخامسة والأربعين حسب تصنيف منظمة التعاون الاقتصادي العالمي في حين تحصل على دخل أقل من الرجل بنسبة 30 بالمائة!! رياضة نظيفة! عندما استطاع ائتلاف يسار الوسط المعارض الفوز بأغلبية في انتخابات التاسع والعاشر من ابريل الماضي ،2006 شكل ''رومانو برودي'' حكومته الجديدة في السابع عشر من مايو، ودفع فيها بست سيدات للوزارة من 25 عضوا للمرة الأولى في تاريخ ايطاليا، -أقصى عدد كان وزيرتان من أصل 29 وزيرا في حكومات سابقة- ونصب ''جيوفانا ميلاندري'' على رأس وزارة الرياضة والسياسات الشبابية· ومنذ توليها مهام منصبها حتى قدمت خطتها لمساعدة الشباب عن طريق توفير فرص العمل لهم لمساعدتهم على الاستقلالية والإنتاج، بالإضافة الى غير ذلك من مشاريع ظهر فيها حماسها ورغبتها في عمل بصمة في هذا القطاع، غير مجريات الأمور جاءت بأحداث أخرى· فلا أحد يدري حتى الآن، ما إذا كان هذا التوقيت في تولي ''جيوفانا'' وزارة الرياضية من حسن طالعها أم العكس؟! فالواقع الرياضي الإيطالي وبعد أقل عن شهر فقط من توليها مهام هذا المنصب شهد زلزالا مروعا قد يؤثر طويلا على تاريخ ايطاليا الكروي الحافل، سيما وأن دوريها المحلي يعد أقوى دوري في العالم، بعد فضائح فساد ورشاوى، بالإضافة إلى مراهنات غير قانونية بهدف التلاعب بنتائج المباريات يتورط فيها شخصيات رئيسية في أقوى النوادي الإيطالية· ويبدو أن الوزيرة وجدت في هذه القضية فرصة حقيقية لتسجل موقفا خانتها بخصوصه الوزارة السابقة، فقد أعلنت في الرابع عشر من يونيو الماضي رفضها تماما اقتراحات أثارها البعض بإمكانية إصدار عفو عام أو تخفيف العقوبات في حالة استطاع المنتخب الوطني الإيطالي إحراز بطولة كأس العالم· كان الادعاء العام الإيطالي ''ستيفاني بالاتسي'' قد طالب بإنزال أشد العقوبات على أندية كل من ''جوفنتوس'' و''آسي ميلان'' و''لاتسيو'' و''فيورنتينا''، وذلك بإنزال ''جوفنتوس'' -الحائز على اللقب للمرة 29 في تاريخه- إلى دوري الدرجة الثالثة، وحذف ست نقاط من رصيده، بالإضافة إلى تجريده من بطولتي الدوري الحاصل عليهما 2005 و ،2006 أما باقي النوادي بإسقاطهم إلى دوري الدرجة الثانية بالإضافة إلى حذف نقاط مختلفة من أرصدتهم، وإبعاد شخصيات كبيرة متورطة كذلك لخمس سنوات من الوسط الرياضي، وتغريمهم· غير أن الأمر الذي زاد من سخونة الحداثة هو مشاركة ثلاثة عشر لاعبا في الأندية المعنية بالفضيحة في المنتخب الإيطالي الذي شارك في كأس العالم بألمانيا وفاز بـ''مونديال ،''2006 وهو ما جعل البعض يرى أنه من الظلم مكافأة من أحرزوا الكأس لإيطاليا بإنزالهم إلى دوري الدرجة الثالثة، وهو ما رفضته الوزيرة تماما، بقولها سابقا، ردا على من طالب بتخفيف ضغط التحقيقات الجارية والمحاكمة وقت مشاركة المنتخب في المونديال: ''من الغباء أن نتكلم عن أي عفو، كرة القدم الإيطالية تحتاج إلى تغيير جوهري، مباريات المنتخب الإيطالي بكأس العالم شيء والمحاكمة الرياضية شيء أخر·· دعونا نفصل بين الأمرين''· بالتأكيد لم يكن وقوف وزيرة الرياضة ''جوفانا'' بجانب أبطال منتخبها الوطني وقت وصولهم روما مساء يوم الحادي عشر من يوليو الجاري، يرضي الكثير من أعضاء الفريق، سيما وأنها من أكثر أقطاب الحكومة التي تبدي تشددا حول الطريقة التي يجب أن تعامل بها أنديتهم، غير أن هذا النقد لن يكون الوحيد الذي على ''جيوفانا'' أن تتلقاه، فطرف الـ''كاتاناتشو'' الآخر بدأ في الانقضاض على الوزيرة، وهو ما بدأت بوادره مع ما ذكرته المجلة الألمانية ''دير شبيجل'' بأنه في حالة ثبوت تصرف اللاعب الإيطالي ''ماركو ماتاراتزي'' بطريقة عنصرية مع الفرنسي ''زين الدين زيدان''، -ذلك حسب تعديلات لوائح الفيفا لمكافحة العنصرية الذي أقر بسحب ثلاث نقاط من الفريق الفائز- فإن ايطاليا معرضة لسحب اللقب منها الذي عاد إليها بعد ثلاث وعشرين عاما، فهل ستتحمل الوزيرة الجميلة ضغط الـكاتاناتشو'' - التي يتفنن بها المنتخب الإيطالي لتحقيق الفوز على خصومه، أم أن الوزيرة ستجد طرقا جديدة في اللعبة تنجو بها؟!·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©