الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إيرلندا الشمالية: السلام في مهب «الاقتسام»

3 فبراير 2010 21:30
بدت العواصف الثلجية الخفيفة التي هبت على قلعة "هيلزبورو" التاريخية في شمال إيرلندا وكأنها نذير بما ستنتهي إليه المحادثات التي شهدتها أروقة تلك القلعة في 29 يناير الماضي. فتلك المحادثات التي دارت حول اقتسام السلطة بين شريكي الحكم المختلفين، أخفقت في النهاية في تحقيق اختراق في موضوعي الشرطة المحلية وأجهزة القضاء، وهو ما يهدد بتجميد عملية السلام مرة أخرى. وذلك التاريخ كان هو الموعد المحدد لاتفاق حزب الاتحاديين الديمقراطيين الموالي لبريطانيا، وحزب "شين فين" الجمهوري الإيرلندي، على وضع الأمور المتعلقة بعمل الشرطة وأجهزة القضاء تحت سيطرة موحدة. فـ"شين فين" يريد أن يكون هو الجهة المنوط بها السيطرة على عمل الشرطة في حين لا يرغب حزب الاتحاديين الديمقراطيين في ذلك بسبب خشيته من ردود فعل الناخبين الديمقراطيين. ويقول الخبراء إنه إذا ما فشل حزبا "شين فين"، والاتحاديين الديمقراطيين في الاتفاق، فإن النتيجة المحتملة هي سقوط الجمعية الوطنية لإيرلندا الشمالية، وهو ما سيدفع لإجراء انتخابات فورية يشعر الكثيرون بأنها ستجعل الجمهوريين الإيرلنديين يصبحون أكبر مجموعة في الجسم السياسي في شمال إيرلندا لأول مرة منذ تم تأسيس تلك الدولة في عام 1921. وقد وصل رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون ونظيره الإيرلندي براين كوين إلى إيرلندا الشمالية مؤخراً للمساعدة في التوصل إلى اتفاقية، ولكنهما غادرا بعد ذلك بيومين دون أن يحققا شيئاً. يشار إلى أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى إيرلندا الشمالية قد حذر من "عواقب اقتصادية خطيرة" إذا ما فشل الحزبان المعنيان في التوصل إلى اتفاقية، علماً بأن الحكومتين البريطانية والإيرلندية تهددان بفرض صفقة إجبارية من فوق. وعلاوة على ذلك انخرطت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن طريق الهاتف في جهود دبلوماسية ذات صلة بالموضوع. يشار إلى أن عالم ما بعد الصراع في إيرلندا يحتوي على أشياء إيجابية وأخرى سلبية معاً. فمن ناحية نجد أن البنادق قد سكتت، وأن ذلك قد أتاح لمدينة بلفاست التمتع بفترة من الازدهار الاقتصادي لفترة امتدت لعقد كامل. والدليل على نجاح النموذج الإيرلندي في تحقيق السلام هو أن مبعوث أوباما الخاص جورج ميتشل موجود في الشرق الأوسط الآن في محاولة لاستنساخ هذا النموذج الذي لعب هو دوراً كبيراً في تذليل ما كان يعترضه من صعاب. ومن ناحية أخرى نجد أن المناورات السياسية والحوارات البيزنطية قد فشلت في إنتاج حكومة مستقرة. وهناك عدة دراسات أجريت في هذا المجال وأثبتت أن المواقف الطائفية قد أصبحت أكثر تصلباً منذ أن تم إقرار السلام في اتفاقية الجمعة الحزينة 1984. وحقيقة أنه يُنظر حالياً إلى الجمعية الوطنية الإيرلندية -كما نُظر إلى بعض البنوك الأميركية أثناء الأزمة المالية- على أنها أكبر من أن تسقط، يترك مرارة في حلوق الكثيرين. ومن هؤلاء "كيفين بين" الأستاذ بمعهد الدراسات الإيرلندية بجامعة ليفربول الذي يقول "إن الناس قد ملت من الأزمات المتكررة التي تتم بوتيرة شبه دائمة". وتقول داون بيرفيس، عضو الجمعية الوطنية عن الحزب الاتحادي التقدمي وهو حزب صغير منشق عن قوة أولستر للمتطوعين وهي واحدة من الجماعات شبه العسكرية التي كانت ناشطة في الصراع الإيرلندي: "إن الأحزاب الكبيرة تعمل على تأجيج الطائفية. وإن الواجب يستدعي إنهاء التجاذب الطائفي وبدون ذلك سيظل خطر الانهيار ماثلا". وتؤكد بيرفيس أن الأحزاب يجب أن تتوصل إلى اتفاقية بحيث يمكن للسياسات الطبيعية أن ترسخ جذورها في المجتمع الإيرلندي المنقسم على ذاته. أما كراغ دونيل، الذي يعمل في إدارة الفنون في بلفاست، فيرى أن "تلك الجولات التي لا تنتهي من المباحثات تهدد بصرف النظر عن المشكلات الاقتصادية الحقيقية". ويؤكد أن "هناك الكثير من الأموال والطاقة أنفق هدراً على العملية السياسية، وهو ما يمثل مصدر إحراج للجميع". وعلى كل حال فإن مما يدعو للأسى أن أعضاء الجمعية من الحزبين لا يستطيعون إحراء محادثاتهم بحرية، ودونما تدخل من جانب السياسيين الذين يعمدون إلى تعطيل الأمور في الوقت الذي يتجاهلون فيه تماماً المشكلات الاقتصادية. يشار إلى أن الأزمات ليست بالشيء الجديد على الجمعية الوطنية لشمال إيرلندا. فمنذ افتتاحها الرسمي في 2 ديسمبر 1999 عُطِلَتْ أعمالها أربع مرات أطولها تلك التي استمرت من أكتوبر 2002 إلى مايو 2007 . ولا يزال يتعين على الحكومتين البريطانية والإيرلندية أن تعلنا عن تفاصيل خطتهما الرامية لفرض التسوية على الحزبين المتنازعين. وفي هذا المقام يقول أحد المعلقين السياسيين ويدعى "ميك فيالتي" إن الخطة الأكثر احتمالاً هي فرض المسؤولية عن الشرطة والنظام القضائي على الجمعية الوطنية، مع تقديم تنازلات للطرفين. ويعلق فيالتي على ذلك: "إن الحكومتين تقولان إن احتمالات التوصل إلى اتفاق تصل إلى 80 في المئة، والشيء الوحيد الذي نعرفه عن خطتهما هو أنها تتضمن إطاراً زمنياً إجبارياً لنقل مسؤولية الشرطة والنظام القضائي". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
المصدر: دبلن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©