الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا والصين... محور مضاد للولايات المتحدة

9 يوليو 2013 22:29
ليزلي جيلب - الرئيس الفخري لـ«مجلس العلاقات الخارجية» الأميركي دميتري سيميس - رئيس مركز «ناشيونال إنتريست» السياسات الصينية- الروسية تجاه سوريا أدت إلى شل مجلس الأمن الدولي لعامين، الأمر الذي حال دون تحرك دولي مشترك. كما أن القرصنة الإلكترونية الصينية للشركات الأميركية والهجمات الإلكترونية الروسية ضد جيرانها تتسبب بقلق في واشنطن. وإذا كانت موسكو وبكين تدعمان عموماً الجهود الدولية لإنهاء برنامج إيران الخاص بالأسلحة النووية، فمن الواضح أنهما غير مستعدتين للذهاب بعيداً في هذا الباب على غرار واشنطن، وأن أي تحول منسق بينهما في مقاربتهما يمكن أن يقوِّض سياسة الولايات المتحدة بخصوص الموضوع ويعرِّض مصالحها الأمنية والطاقية للخطر. وللتأكيد على الإمكانيات الجديدة للتعاون، تجري الصين حالياً أكبر تدريبات بحرية مشتركة على الإطلاق - مع روسيا. روسيا والصين قررتا على ما يبدو أنه من أجل الدفع بمصالحهما بشكل أفضل، عليهما الوقوف في وجه واشنطن وتلقينها بعض الدروس. ولكن الأرجح أن أياً منهما لا ترغب في إثارة حرب باردة جديدة، ناهيك عن نزاعات ساخنة، وأعمالها في قضية سنودن تُظهر ذلك. ذلك أن الصين سمحت لهذا الأخير بدخول هونج كونج، ولكنها سرعان ما دفعته للخروج برفق، في حين يبدو أن روسيا، وبعد بعض الخطابات المستفزة، قد اختارت تخفيف نبرتها الآن. ومع ذلك، فإن كلا البلدين يبحثان عن نفوذ دبلوماسي أكبر يعتقدان أنهما لن يستطيعا الحصول عليه إلا من خلال كبح الولايات المتحدة وتقييدها. ولكن عندما يتعلق الأمر بشؤون العالم، فإنه ليست ثمة طريقة أفضل ليستعرض المرء عضلاته من العمل على تقليص القوة الأكبر. هذه المقاربة الجديدة يبدو أنها تقوم جزئياً على شعور بقوتهما المتنامية وتشديدهما المتزايد على الخلافات بشأن مواضيع مثل سوريا. ذلك أن كلا من موسكو وبكين تعارضان مبدأ التحرك الدولي للتدخل في الشؤون السيادية للبلدان، ناهيك عن إسقاط حكومة، مثلما حدث في ليبيا في عام 2011 ، لأن ذلك المبدأ قد يضر بهما، في النهاية. كما أنهما لا يعجبهما رؤية الغرب يقوم بأشياء ضد زعماء ودودين تجاههم، مثل الرئيس السوري بشار الأسد. غير أنه بينما يترسخ هذا الشعور بالمصالح المشتركة ويتجذر، يمكن للتعاون الروسي- الصيني المتزايد أن يطرح أخطاراً كبيرة بالنسبة لأميركا والعالم. والواقع أن سلوكهما يشير إلى أنهما يريان كلفة أقل في تحدي الولايات المتحدة، وفوائد أقل في التصرف كشريك. وهذه الحسابات تعزى إلى تصورين خطيرين اثنين. الأول هو أنهم يرون تراجعاً أميركياً. ففي نظرهم، الولايات المتحدة باتت اليوم على الجانب الخطأ من التاريخ، إذ تتمسك بعلاقات مع أوروبا وأجزاء من آسيا، في وقت تفقد فيه نفوذها الاقتصادي وسلطتها الأخلاقية في بقية العالم. والواقع أن الانسحاب الأميركي من العراق وأفغانستان من دون نصر يساهم في انطباع بأن التفوق العسكري الأميركي الثابت ليست له قيمة كبيرة بخصوص تحقيق أهداف السياسة الأميركية على الميدان. والثاني هو أن العديد من النخب الروسية والصينية تعتبر أهداف السياسة الخارجية الأميركية معاديةً لمصالحها الحيوية بالأساس، كما أن كلا المجموعتين لا تنظران إلى الترويج للديمقراطية الأميركية باعتباره يعكس التزاماً حقيقياً بالحرية، وإنما تنظران إليه كجهد يروم إضعاف الحكومات المعادية للولايات المتحدة، أو تلك التي تعتبر أقوى من أن تجعلها تشعر بالارتياح. وعلاوة على ذلك، يوضح الزعماء الروس والصينيون أن دعم واشنطن لجيرانهم في كل نزاع يتعلق ببكين أو موسكو تقريباً ليس مسألة احترام للقانون الدولي بقدر ما هو شكل من أشكال الاحتواء الثنائي الذي يرمي إلى الحد من التأثير الإقليمي والعالمي لهاتين القوتين الكبيرتين. وعلى سبيل المثال، فإن الدعم الأميركي للمعارضة السورية والجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى يزعج روسيا. وبالمثل، تنظر الصين إلى الدعم الأميركي لفيتنام والفلبين في نزاعاتها البحرية مع بكين باعتباره تهديداً. وعليه، يتعين على صناع السياسات في واشنطن أن يدرسوا جيداً علاقة الود المتزايدة بين الصين وروسيا وما تعنيه بالنسبة لأميركا، لأن تجاهلها سيكون عملاً غبياً. والواقع أن على أوباما ألا ينظر إلى الصين وروسيا كعدوين، ولا كصديقين، وإنما كقوتين مهمتين لهما مصالحهما الخاصة. وعليه، فإن واشنطن في حاجة لتدرك أن معظم التهديدات الأمنية عبر العالم -من سوريا إلى إيران إلى كوريا الشمالية - لا يمكن أن تدار بشكل آمن وناجح من دون تعاون روسيا والصين. وبخصوص سوريا، تعني هذه المقاربة فهماً لارتباط موسكو التاريخي بقادة البلاد العلويين إضافة إلى قلق روسيا بشأن مصير مسيحيي سوريا، وخاصة المسيحيين الأرثوذوكس. أما بخصوص التعاطي مع بكين، فيعني ذلك حماية المصالح التجارية الأميركية بقوة، مع العمل في الوقت نفسه على فهم أن الزعماء الصينيين يواجهون عراقيل وصعاباً حقيقية في معالجة مشاكلهم الاقتصادية الداخلية. وحتى يحظى باحترام روسيا والصين، يجب على البيت الأبيض أن يُظهر أولا أن الزعامة الأميركية أساسية لحل المشاكل العالمية الكبرى، ومن ذلك تلك التي تُعتبر مهمة بالنسبة للصين وروسيا. فأميركا لا يمكن أن ينظر إليها كقوة سلبية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©