الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شبح المجاعة في ضواحي دمشق

4 نوفمبر 2017 23:14
في الأيام الأخيرة من حياة «سحر ديفيده»، كان والداها يخشيان من أن يؤدي عناقهما لها إلى كسرها. فقد كانت تتحرك بالكاد. وكانت ضعيفة إلى درجة أنها لا تقوى على البكاء. وفي بعض الأحيان كان طبيبها يعتقد أنها تبدو أشبه بهيكل عظمي أكثر من طفل يبلغ من العمر شهراً. وعندما توفيت الأسبوع الماضي، وعمرها 34 يوماً، أصبحت «سحر» ضحية صارخة للأزمة الإنسانية المتزايدة في جيب من ضواحي العاصمة السورية دمشق. وتحذر جماعات الإغاثة الآن من وقوع المزيد من الوفيات هناك. قصة موت طفل من الجوع ليست بسيطة. ففي ضاحية الغوطة الشرقية المحاصرة، لم تتوقف الإمدادات الغذائية بين عشية وضحاها. وحتى بعد سنوات من العنف، ظلت بعض الأسر قادرة على التعامل مع الموقف، وإنفاق مدخراتها على الطعام الذي يباع بأسعار متضخمة، وإيجاد حلول مبتكرة عندما ينفد الوقود. ولكن ببطء، وبعد سنوات من الحصار الحكومي، وتربح أباطرة الحرب والشلَل الدولي فيما يتعلق بالاستجابة الإنسانية المناسبة، شعر سكان هذه الضاحية، الذين كانوا يعرفون يوماً ما بأنهم سلة الخبز في دمشق، بأنهم قد وصلوا إلى نقطة الانهيار. ويقول حمزة حسن، ممثل الجمعية الطبية السورية الأميركية في الغوطة الشرقية: «إن ما رأيناه مع الطفلة سحر كان مجرد بداية المأساة. وإذا استمرت الأمور كما هي، فسيكون هناك الكثير والكثير من الوفيات». وتعد الغوطة الشرقية، التي تقع شرق دمشق، واحدة من أكثر المناطق المهمة من الناحية الاستراتيجية. ولا يزال هناك نحو 385 ألف شخص يعيشون في المنطقة، التي كانت في الماضي أرضاً خصبة تزود العاصمة بالغذاء. وعندما بدأ حصار الغوطة الشرقية في منتصف عام 2013، بادر رجال الأعمال من جانبي الخلاف السياسي بتهريب الغذاء والوقود والملابس من خلال شبكة من الأنفاق. وفي أواخر العام الماضي، استعاد النظام السوري المناطق المجاورة وأغلق هذه الطرق نهائياً. وفي 3 أكتوبر، بادر بإغلاق المدخل الوحيد الذي يمكن للقوافل التجارية والإنسانية الوصول إلى الغوطة الشرقية منه. وتشير أرقام منظمة «اليونيسيف» إلى أن نحو 1100 طفل في الغوطة الشرقية يعانون من شكل ما من أشكال سوء التغذية. وقد أدى النقص المزمن في الأدوية أيضاً إلى تفاقم المشكلة. وذكر الأطباء المعالجون لـ«سحر» يوم الخميس أنها توفيت بسبب مضاعفات معوية لم يتمكنوا من علاجها. وتوفي أيضاً طفلان آخران على الأقل هذا الشهر بسبب تداعيات مرتبطة بالجوع. والتقت صحيفة «واشنطن بوست» بتسعة من سكان الغوطة الشرقية عبر الهاتف، ووصف كل منهم آثار الضرر الناجم عن الحصار على حياته. وعلى سبيل المثال، تقول «أم صية»، 28 عاماً، إن قبضة الحصار الخانقة جعلت ابنتها «هالة» البالغة من العمر عامين مجرد هيكل من العظام. وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة تركيا وروسيا وإيران، كان من المفترض أن تحصل الغوطة الشرقية على مساعدات من الأمم المتحدة. وفي يوم الاثنين الماضي، وصلت أول قافلة مساعدات إنسانية منذ أكثر من شهر إلى الضاحية، وسلمت إمدادات لعشرات الآلاف من السكان. بيد أن قوات النظام استأنفت القصف، مستهدفة المجموعات المسلحة، ولكن أيضاً الأسواق التي تباع فيها البضائع، ما أدى إلى مقتل العشرات من المدنيين. وفي يوم الخميس، وصف «ستافان دي ميستورا»، المبعوث الخاص للأمم المتحدة في سوريا، هذا الاتجاه بأنه «إعادة للتصعيد بدلاً من الحد من التصعيد». وقال ميستورا إن العنف قد يتصاعد خلال الأشهر المقبلة فيما تحول قوات النظام السوري اهتمامها من الجيوب المتبقية التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» إلى المعاقل الأخيرة لمقاتلي المعارضة. والآن مع اقتراب فصل الشتاء، من المتوقع أن يؤدي النقص المزمن في الوقود في الغوطة الشرقية إلى تفاقم الوضع بشكل كبير وخطير. * صحفية أميركية ينشر بترتيب خاص مع «خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©