الخيال بوليوودي والبصمة هوليوودية

مريم أحمد: عرضت دور السينما المحلية فيلماً هندياً من نوع جديد يختلف عن الصورة التقليدية المعتادة، التي تُعرَف بها أفلام بوليوود· الفيلم يحمل عنوان ، Krrish وهو ليس سوى نتاج التنافس الثقافي بين عملاقي السينما العالمية الشهيرين: هوليوود وبوليوود، حيث يحاول صُنّاع الأفلام الهندية من خلاله اللحاق بركب التطورات في عالم السينما، بمحاكاة أفلام الخيال العلمي ذات المؤثرات السمعية والمرئية الحديثة والمُعَدّة بتقنية الحاسوب العجيبة، وهي التقنية التي لطالما اشتهرت بها هوليوود، وتميزت بها عن بقية صناعات السينما في العالم· ويعتقد الكثير من النقاد بأن هذا الفيلم بالتحديد قد يصبح العلامة الفارقة في تاريخ السينما الهندية، لأنه أول فيلم من بوليوود يظهر فيه البطل خارقا ومُقنّعا كما في أفلام هوليوود، ومهمته إنقاذ العالم من براثن شرٍّ مُحْدِق· وكان النقاد قد توقعوا لهذا الفيلم نجاحا ساحقا في شباك التذاكر الهندية والعالمية، وهذا ما حدث بالفعل، ليس لأنه يعرض صورة جديدة ومبتكرة لأبطال بوليوود، بل لأن بطله ''بوليوودي'' مهمته إنقاذ العالم أجمع· وهو بطل يتفوق على أبطال هوليوود الخارقين، من أمثال كيينو ريفز في فيلم ، The Matrix خصوصا وأنه يمتلك قدرات ومهارات إضافية متمثلة في الرقص والغناء أيضا· جرأة وشجاعة صانع هذا الفيلم ومخرجه هو النجم والممثل السابق راكيش روشان، والد بطل الفيلم النجم الشاب ريتيك روشان· ويحسب لهذا المخرج أنه أقدم وبشجاعة على تقديم فيلم مختلف بمعايير غير مألوفة لدى الجمهور الهندي، يُجاري به التطورات السريعة المتغيرة في عالم صناعة السينما· وقد تمكن Krrish من كسب تعاطف الجمهور الهندي بسبب العلاقة القوية التي جمعت بين البطل وجدّته التي ربّته، وهي مسألة لها اعتبارها في الثقافة الاجتماعية الهندية· يضاف الى ذلك تناول الفيلم لِعِلم التنجيم، وذلك باللجوء إلى فكرة الكمبيوتر الخارق كوسيلة هامة في هذا المجال، وكلا المجالين التنجيم والحاسوب تبدع فيهما الحضارة الهندية وتبتكر· وبذلك نجح المخرج في إظهار بطله الخارق بصورة يمكن للهنود استيعابها بسهولة، بغض النظر عن الفكرة والمضمون المبتكر، والدخيل على السينما الهندية· الفيلم عبارة عن مزيج متناسق من أكشن الخيال العلمي، والمغامرات، والرومانسية، بالإضافة إلى المواقف الكوميدية، وبذلك يمكن وصفه بأنه فيلم متكامل، خصوصا وأن تلك الخاصيات منسجمة ومتسقة مع أحداث القصة· رومانسية وأكشن لا يمكن الجزم بأن هذا الفيلم هو أول فيلم هندي ينتمي إلى فئة أفلام الخيال العلمي، فقد سبقه فيلم آخر لنفس المخرج بعنوان Koi Mil Gaya هو في الواقع الجزء الأول من فيلم Krrish ،· وكان الجزء الأول قد عُرض قبل حوالي ثلاثة أعوام، وتناول قصة شاب هندي يدعى روهيت، ينقذ مخلوقا فضائيا شبيها بشخصية مخلوق الفضاء الهوليوودية الشهيرة T.E، والذي يقوم بدوره بمكافأة الشاب ونقل قواه الفضائية الخارقة إليه· أما الجزء الثاني، أي Krrish ، فيستكمل القصة حيث تدور الأحداث حول ابن روهيت، كريشنا، الذي يولد وهو يمتلك قوى خارقة ورثها عن والده، الذي يلقى حتفه - في بداية الفيلم- أثناء فشل تجربة علمية يُجريها في احد المختبرات، وتتوفى والدته بعد تلك الحادثة بفترة قصيرة وكريشنا لا يزال طفلا صغيرا· ومن ثم ينتقل الطفل للعيش في كنف ورعاية جدته التي تحرص على ألا يكتشف الصبي شيئا عن قدراته الخارقة· يكبر الشاب في النصف الأول من الفيلم ويلتقي بفتاة أحلامه· وفي هذا النصف سيستمتع الجمهور بمزيج من الأحداث الرومانسية والكوميدية، وبقصة الحب الهندية التقليدية· ومن ثم تبدأ أحداث الإثارة والتشويق والأكشن حين يكتشف البطل قواه الخفية، وأن عليه إنقاذ العالم من براثن العالِم العبقري دِسيدانت آريا الذي يحلم بالسيطرة على العالم بواسطة كمبيوتر عملاق يملك القدرة على التنبؤ بالمستقبل· وتتمثل قوى البطل الخارق المقنع ذو المعطف الجلدي، وهو يذكرنا هنا بشخصية ويزلي سنايبس في فيلم ، Glade والنجم كيينو ريفز في فيلم The Matrix ، بالقدرة على القفز لمسافة لا تقل عن ثلاثين قدما في الجو· ملاحظات في السياق تعتري الفيلم بعض نقاط الضعف، ويمكن تلخيصها في ملاحظتين: الأولى أن المتفرج يشعر في بعض المَشاهِد بزخم الأحداث غير المترابطة نوعا ما مع خط سير الأحداث· لكن لاشك في أن فيلما لا تقل مدته عن الثلاث ساعات معرض لمثل هذا الوهن· أما الثانية وغير المنطقية، فهي السلاح المستخدم للسيطرة على العالم من قِبَل الشخصية الشريرة، فهي ليست سوى ''كمبيوتر خارق'' يملك القدرة على التنبؤ بالمستقبل· فقد بَدَت الفكرة العامة بعيدة عن المنطق حيث يصور الفيلم الكمبيوتر الخارق على أنه يملك برنامجا مُلِمًّا بعلم التنجيم، وهذه الفكرة تبدو أبعد من الخيال اذا كان محور العمل هو الخيال العلمي· لكن هاتين الملاحظتين لا تعنيان أن الفيلم غير جدير بالمشاهدة، بل بالعكس فهو فيلم يستحق مشاهدته لأنه مزيج متكامل من الجمال والخيال والموسيقى والأزياء الجديدة، وكل ذلك في إطار رومانسي ودرامي شيّق· كما أنه يمثل بصمة مميزة في تاريخ السينما الهندية· ناهيك عن الأداء الرائع والمميز لطاقم التمثيل، وعلى وجه أخص النجم ريتيك روشان، الذي أجمع النقاد على تمتعه بقدرات تمثيلية مميزة، وحركات رقص متقنة، بالإضافة إلى اللياقة البدنية· وبمعنى آخر يمكن القول أن طاقم العمل بأكمله قد قدّم أفضل ما لديه من خبرة وتفان لإظهار الفيلم بهذا المستوى الشبيه تماما بمستوى أفلام الخيال العلمي القادمة من هوليوود، وهذا إنجاز كبير بحد ذاته· الفيلم من بطولة النجم ريتيك روشان في دور البطل ''كريش''، وبريانكا تشوبرا، والنجمة القديرة ريكها في دور الجدّة، والنجم الهندي العالمي المحبوب نصير الدين شاه الذي تقمص شخصية العالِم العبقري الشرير· وتم تصوير معظم المشاهد في سنغافورة·