إعداد - عدنان عضيمة:
كثيراً ما ترددت العبارة القديمة والمتجددة التي تقول إن الكمبيوتر اخترق حياتنا وأصبح شريكنا القوي في العمل والإنجاز؛ إلا أن واقع الأمور يشير إلى أنه لم يخترق بيوتنا على النحو الصحيح أو المطلوب· وما زالت هناك المئات من التصاميم والتجهيزات المنزلية التي لم تزل تعمل وفق معطيات تقليدية لا دور للميكنة الرقمية فيها على الإطلاق· ولهذا السبب، فإن المتحدثين عما يسمي (البيت الرقمي) غالباً ما يطلقون عليه مصطلح (بيت المستقبل) بالرغم من أن بعض نماذجه العملية تحققت بالفعل في البيت الذي يعيش فيه رائد ثورة المعلومات بيل جيتس· وآثر آلن كين المحرر الصحفي الإنجليزي المتخصص بثورة المعلومات أن يستعرض في تقرير نشره مؤخراً في الفاينانشيال تايمز ما يُنتظر حدوثه من تطورات وشيكة في تكنولوجيا البيت الرقمي فيشير إلى أن الكثير من الخبراء ينشغلون الآن في ابتكار الحلول الرقمية لمعظم الأعمال المنزلية·
وربما كان من المهم الإشارة إلى أن الأنظمة الإلكترونية لتنظيم وتشغيل الأجهزة والأدوات المنزلية يمكنها أن تنجز أعمالاً يصعب على الإنسان تنفيذها بالوسائل العادية؛ ومنها مثلاً النظام الذي ابتدعه مؤخراً خبراء شركة (كيوسيرا ميتا كوربوريشن) الأميركية، والذي يضاف إلى أجهزة المطبخ الجديدة ذات الأهمية الكبرى في تحقيق الأمن الصحي المنزلي حيث يعمل تحت شعار (لا تسمم غذائي بعد اليوم)· والجهاز متخصص في قراءة المعلومات المكتوبة على ملصقات العبوات الغذائية ومجهز بكافة المعلومات التي تصدرها الدوائر الصحية المتخصصة بالمراقبة الغذائية حيث يقوم بمطابقة بيانات كل عبوة غذائية مع التحذيرات التي يتلقاها بانتظام من المصالح الصحية، فإذا كانت العبوة تشكل خطراً على المستهلك، أو فاتت مدة صلاحيتها للاستهلاك فإنه يصدر تحذيراً بعدم تناولها·
ومن بين المظاهر والتجهيزات الأخرى للبيت الرقمي، الخزائن الرقمية التي يمكن رفعها حتى تختبىء في أعلى الغرفة أو يبتلعها السقف في فراغ مخصص لذلك عند عدم استخدامها، كما يمكن إعادتها إلى الأرض بتوجيه الأوامر من جهاز للتحكم عن بعد· ويحقق هذا النظام فعالية أكبر في استخدام مساحات الغرف ويجعل عملية تنظيف البيت أكثر سهولة· ويذكر أن الخزائن الرقمية المتحركة هي ابتكار ياباني سجّلت براءة اختراعها باسم هاوٍ يدعى كانيزاوا كوجيو·
وربما تكون الأنظمة الرقمية الجديدة للأمن والسلامة المنزلية هي الأهم على الإطلاق في بيوت المستقبل الذكية؛ ويجري الآن ابتكار العديد منها باعتبارها من أهم متطلبات الحياة الحديثة· ومنها مثلاً، نظام غريب أضيف إلى الغسالات الكبيرة يتألف من مجموعة مجسّات تتولى مراقبة حوضها قبل بدء التشغيل، فلو تسلل إليه طفل صغير فسوف تتحسس مجسّات خاصة وجوده وتمتنع عن العمل· ويذكر في هذا الصدد أن العديد من حالات تعرّض الأطفال للأذى أو الموت داخل الغسالات سبق أن سجلت في أماكن مختلفة من العالم· وبالرغم من أن هذا النظام الأمني الذي اخترعه الألمان مؤخراً يبدو وكأنه مجرد تحصيل حاصل إلا أنه يدلّ على أن البيت الرقمي لا يجوز أن تفوته شاردة أو واردة فيما يتعلق بتحقيق أمن وسلامة سكانه· ويمكن التحكم بدرجة حرارة مياه الحمامات في البيت الرقمي من خلال توجيه الأوامر إلى السخانات عن طرق (الموبايل)، وتم ابتكار نظام رقمي متكامل لتحقيق هذا الغرض سجلت براءة اختراعه في اليابان· وحظيت غرفة الجلوس بنصيب وافر من الأنظمة الرقمية التي تضمن تحقيق أعلى مستويات الراحة والرفاهية؛ منها مثلاً نظام التكييف الرقمي المعقد الذي يتألف من مجسّات بالغة الحساسية للأشعة تحت الحمراء تتصوّب آلياً نحو وجه كل واحد من الجالسين في الغرفة وتقيس درجة حرارة الجلد، فيما تعمل مقاييس أخرى على تحديد نسبة الرطوبة وتركيز غاز ثاني أوكسيد الكربون وبقية الغازات والأبخرة الناتجة عن التنفس في هوائها؛ وتتدفق كل هذه المعلومات إلى الكمبيوتر المركزي الذي يقرر درجة الحاجة لتشغيل جهاز التكييف المبرِّد أو المسخِّن، وما إذا كانت هناك حاجة فعلية لطرد هواء الغرفة الملوّث بواسطة شفّاطات الهواء· وتعمل شركة (كارير) التابعة لشركة توشيبا اليابانية الآن على تطوير هذا النظام المعقد على أمل أن تقوم قريباً بتسجيل براءة اختراعه واحتكار صنعه وتوزيعه· وعندما يحتاج ساكن البيت الذكي إلى تبديل ملابسه، لا يطلب منه في هذه الحالة إلا النقر بفأرة الكمبيوتر على أيقونة خزانة الملابس الموجودة على الشاشة لتظهر أمامه صورة واضحة لمحتوياته، ثم ينقر بالفأرة مرة أخرى على الألبسة التي يختارها ليتبعها بعد ذلك بالنقر على كلمة (نفّذ) حتى تأتي عربة روبوتية لتلتقط الملابس المختارة بذراعها المبرمجة وتحضرها إليه· وتحدثت عن هذا النظام شركة (تومسون للابتكارات العلمية) التي يوجد مقرها في بريطانيا من دون أن تذكر المرحلة التي قطعها في طريق التطوير·
عدد اليوم
