الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إعادة تصنيع

17 يوليو 2006 01:45
من الجميل جداً أن نقابل في حياتنا أشخاصاً جدداً، ومن السهل جداً التحدث اليهم في كل يوم الا ان الصعب جداً يكمن في مدى تقبل الطرف الآخر بواقع شخصيتك·· وعلمك·· ورأيك·· واسلوبك·· لتصل الى مرحلة الشك في مدى تقبله ''لشكلك'' ومضمونك··! أمّا المبكي في هذا الموضوع فهو اتضاح رغبته أخيراً في ''إعادة تصنيعك'' لتعديل نمط حياتك الذي عشته واعتدت عليه منذ صغرك الى يومك هذا فقط لمحاولة تقبلك ''كما يريدك هو'' لا كما انت عليه الآن! فيقوم بداية باستدراجك في الحديث لاكتشاف أهم نقاط ضعفك وما ان يزل لسانك بالكشف عنها حتى يبدأ بأولى تقنيات إعادة التصنيع·· وهي ''التقطيع''، اي تقطيع كل نبتة طموحة غرست فيك وشعت بالأمل والثقة والفخر والسعادة وكأنها تقنية وجدت لمحو الذات! محو باطنك وجوهر مشاعرك - فقط - ليحسسك بقلة أهميتك وصغر شأنك دون أن يترك لك مجالاً للتنفس والتقاط الصعداء ثم ينتقل بعدها الى التقنية الثانية وهي: ''السحق'' فتجده بكل كبر وخيلاء يحاول سحقك بمدحه لنفسه، وتعظيم شأنه لدرجة توصلك الى الضحك بشكل مستمر - وهستيري - كلما سمعت حديثه··! فكما يقول حكيمنا الاحنف بن قيس: ''ما تكبر أحد الا من زلة يجدها في نفسه''، وأشهد انني من أشد المؤيدين لمقولته هذه أما المرحلة الثالثة والأخيرة - بالطبع الأخيرة وهي من أسرع وأبسط وأخف عمليات إعادة التصنيع مرحلة ''التجفيف'' ويقصد بالتجفيف هنا إحدى الأمرين·· إما ان يجفف ويجرد قلبك من المشاعر والأحاسيس ليكون قد ظفر بك كقالب لشخصية جديدة من صنع هواه وأقواله أو ان يترك لك مرحلته الأخيرة لتجفف عنه بقايا دموعك ولتكتشف ما حفرته ونحتته رؤوس كلماته الجارحة في خديك ليتركها ذكرى لك تعيش بها ما تبقى من عمرك محطماً مهتزاً وقد يصل الوصف الى مختلاً !! عزيزي القارئ·· كثيراً ما نواجه مثل تلك الشخصيات والتي قد تبذل كل ما لديها من قوة ومال لعملية إعادة تصنيعنا، تصنيع اسلوبنا·· وشخصياتنا ومبادئنا·· وقلوبنا ومشاعرنا لتفرض علينا أحكامها وهواها لذلك·· لك مني هذه النصيحة الصغيرة والأخيرة والتي تحمل في جوفها هدفاً واحداً وهو: قم بإعادة تصنيع ذاتك الى كل ما هو أفضل وأجمل وأرقى قبل ان يقوم غيرك ''بإعادة تصنيعك''· إيناس الحبشي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©