سقطت قطرة الماء المعتادة من السقف العتيق وكان الموعد حينها مع فنجان القهوة الدافئ البارد··
طرق العصفور المبلل الريش زجاج النافذة الباسم المطل على الرصيف الممتزج بلون الطفولة المسروق منذ سنتين·· بين كل هذا·· نهض من فراشه ممتلئا بالنور مصافحا أول موعد بنظراته الحادة المتلهفة لأي شيء ينبض بالحياة من حوله·· هكذا كان الموعد دائماً·· لا جديد ولا استيقاظ·
الصوت المكلل بالورود غاب عن ردهة المنزل النائمة مع الوحدة في نفس الفراش المخملي البسيط·· قصة أمه التي اعتاد تنفسها كل يوم·· تخلت عنه وهربت الى البعيد المصاب كخاطره تماماً·· نعم هو رحيل الأم قبل الأوان·· قبل فتات الخبز·· قبل كوب الحليب·· قبل رحيل الحب·
انه يبكي كل مساء قبل ان يضم سريره الملطخ بالفراق·· نسي عصفور النافذة وقطرة الماء وذاك الفنجان المأسور الميت·· نسي الشيء الوحيد لديه·· الشيء الذي ما زال على العهد الأزرق الممتد·· ما زال ينتظره في كل مكان وفي كل زهرة·· انه القمر الابيض المحب!! انه لون أمه المعانق المجلجل في كل حين·!
بقي في الانتظار ممددا يحدق الى الباب البائس تارة والى النافذة المبحوحة تارة أخرى ينتظر صوتا من حيث لا يعرف يتنقل في هذه الارجاء التي تأتي على جسده وتأكل من وجهه القلق الصامت··
ما زال على الوعد النائم المعشش بين عينيه·· ما زال الحارس الصلب الذي يحرس كل هذا·· ما زال يرى فنجان القهوة··
طليع صالح القاسم
عدد اليوم
