الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مساع لترشيد استهلاك الديزل في الدول الصناعية الكبرى

مساع لترشيد استهلاك الديزل في الدول الصناعية الكبرى
7 يوليو 2012
خلال السنوات الست الماضية كان إنتاج العالم السنوي من النفط شبه ثابت حيث بلغ من عام 2005 إلى عام 2010 نحو 81,5 مليون برميل يومياً مع بلوغ أقصى إنتاج 82,1 برميل يومياً في عام 2010. ولم يسبق لإنتاج النفط العالمي أن تجاوز إنتاج تلك الفترة. يسمى أقصى معدل إنتاج نفط من حقل ما أو منطقة ما أو على مستوى العالم “ذروة إنتاج النفط”. منذ عشر سنوات مضت في شهر مايو 2002 اشترك كجيل اليكليت رئيس جمعية دراسة ذروة النفط والغاز الدولية مع كولين كامبل في تنظيم المؤتمر العالمي الأول عن ذروة النفط في مدينة أبسالا في السويد، وكان تشكيل جمعية دراسة ذروة النفط قد تم آنذاك. وتم عرض شكلاً بيانياً يوضح إنتاج النفط التقديري مستقبلاً. وأظهر الشكل البياني فترة إنتاج أقصى ثابت لأعوام 2009 و2010 و2011 يبلغ في المتوسط 85 مليون برميل يومياً. ونشر هذا التحليل في مجلة علمية في عام 2003 واعتبر عموماً آنذاك مفرط التشاؤم، بل اعتبره البعض نوعاً من الفانتازيا، غير أنه اتضح اليوم أن تلك التوقعات كانت بالغة التفاؤل. يعتبر إنتاج نفط العراق حاليا أدنى من التوقعات، وهناك نتيجة تم التوصل إليها تتمثل في أن زيادة إنتاج النفط في العراق ربما يكون قد أدى إلى انخفاض سعر النفط حاليا، وتم التوصل إلى نتيجة مفادها الآن أن الحرب لم تخدم المصالح الاقتصادية. تستخدم جميع دول العالم النفط، ويمكن تقسيم الدول إلى دول مصدرة للنفط ودول مستوردة له، وفي كتاب لـ كجيل اليكليت بعنوان “ترقب ذروة النفط الذي نشر في فيينا نهاية مايو الماضي قام المؤلف بدراسة تغيرات أحجام النفط المصدرة منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي لغاية عام 2010. من عام 1999 إلى عام 2005 زاد إجمالي حجم النفط المصدر العالمي بمقدار 6 ملايين برميل نفط يومياً إلى 48 مليون برميل يومياً ثم انخفض إلى 44 مليون برميل يومياً بحلول عام 2010. وخلال السنوات التي ثبت فيها إنتاج النفط العالمي ارتفع مستوى معيشة واستهلاك نفط الدول المصدرة للنفط في الوقت الذي انكمش فيه الحجم المتاح للتصدير. واردات النفط وفي الوقت ذاته، يمكن أن نرى أن واردات النفط في كل من الهند والصين ودول جنوب شرق آسيا الواقعة بين هاتين العملاقتين زادت من 7 ملايين برميل يومياً إلى 10 ملايين برميل يومياً. وقد ترتب على ذلك أن تقلص استيراد دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للنفط بنسبة 15%. يعتبر انخفاض صادرات النفط العالمية من الكبر لدرجة أنه يعني أن ذروة النفط لأحجام التصدير وقعت في عام 2005. إن دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تضم دولاً من قارات أميركا وأوروبا وآسيا تعاني حالياً من صعوبات اقتصادية. وقد أثبت التاريخ أن زيادة استخدام النفط يرفع مستويات المعيشة. وقد تكون الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها حالياً راجعة إلى افتقارها إلى نفط كاف. في موضوع علمي نشر في صحيفة سياسات الطاقة (اينرجي بوليسي) في عام 2010 أوضح كجيل اليكليت أن إنتاج النفط العالمي بما يشمل النفط غير التقليدي مثل الوارد من رمال كندا النفطية سينخفض من الآن لغاية عام 2030. ورغم ذلك دعنا نفترض أن النفط سيشهد فترة إنتاج ثابت حتى عام 2020. خلال السنوات العشر المقبلة في وسعنا أن نتوقع أن تصبح الدول المصدرة للنفط أكثر ثراءا ولذلك ستظل تزيد من استهلاكها للنفط. وفي الوقت ذاته، ستزيد الصين والهند وعدة دول في جنوب شرق آسيا وارداتها من النفط. فإذا استمر التوجه الذي شهدناه في السنوات الخمس الماضية فإن حجم النفط الذي سيتاح لاستهلاك دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في عام 2020 يتقلص بمقدار 13 مليون برميل يومياً أخرى. ومن المستحيل أن يزيد. وبالمقارنة مع عام 2005 هذا يعني انخفاض الواردات بنسبة 50% تقريباً. وسوف يساعد ذلك الاتحاد الأوروبي على تحقيق أهدافه الرامية إلى خفض استخدام النفط بهامش جيد. يستخدم حوالي 9% مما يسمى نفطاً كمادة أولية في الصناعة وبشكل مباشر كوقود للمركبات، ويفصل الباقي في مصافي النفط إلى بنزين ووقود طائرات وديزل ومنتجات أثقل مثل وقود السفن. ويتم فصل النفط عالمياً في مصاف إلى حوالي 24% بنزين و6% إلى 7% وقود طائرات و33% ديزل. غير أن خام النفط الذي يمكن شراؤه حالياً في الأسواق العالمية أثقل من ذي قبل ويحتوي أيضاً على نسب كبريت أعلى. في السنوات القليلة الماضية أجرت مصفاة بريمراف في ليسيكيل السويد عدداً من الاستثمارات الضخمة من أجل إعداد ذاتها لمعالجة ذلك النفط الثقيل الكبريتي. ومع ذلك يستحيل تغيير نسب المشتقات المستخرجة من خام النفط المتاح تغييراً كبيراً. إجراءات أوروبية وارتكازاً على هذه المعلومات من المفيد دراسة نتائج الإجراءات السياسية التي اتخذت وخططت في الاتحاد الأوروبي. إن إضافة نسبة 10% ايثانول إلى البنزين يقلص الضغوط من على المعروض من البنزين. غير أنه بالنظر إلى أن إنتاج الايثانول يتطلب ماكينات تعمل بالديزل فإن ذلك يزيد الطلب على الديزل. فضلاً على أن المتطلبات البيئية التي تستدعي تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تعني تشغيل المركبات الجديدة المراعية للبيئة بوقود الديزل. بالإضافة إلى أنه أضحى لزاماً على النقل البحري التحول من وقود السفن التقليدي إلى الديزل من أجل الحد من التلوث. تعني هذه القرارات السياسية الإقلال من إنتاج البنزين وزيادة الطلب على الديزل. غير أن المصافي عاجزة عن تغيير تنويعة مخرجات إنتاجها بالسرعة الكافية لمسايرة هذه الطموحات السياسية. الواقع الآن أن سعة تخزين البنزين الأوروبية كاملة بينما هناك عجز في وقود الديزل. ومن شأن استمرار التوجه السياسي في هذا المسار الاضطرار إلى إغلاق بعض المصافي في أوروبا التي لا تستطيع اكتساب دخل كاف من إنتاج البنزين بالنظر إلى أن اكتمال تخزين البنزين لا يسمح بمزيد من تخزينه. ولذلك من المحتمل جداً أن تؤدي القرارات السياسية الراهنة إلى ترشيد إنتاج واستهلاك وقود الديزل. من الصعب التكهن بالوقت الذي سيحدث فيه ذلك ولكن من المرجح أن يحدث في غضون السنوات العشر المقبلة. وقد يعمل ركود اقتصادي آخر على تقليل الاستهلاك وتأخير بداية المشكلة. ولكن حين يحدث نقص في الديزل لابد لنا بالتأكيد أن نضع الأولوية لنقل الأغذية والمواصلات العامة ونقل البضائع عموماً. وقد بدأت بالفعل هيئة الطاقة السويدية الاستعداد لهذا الوضع المتأزم. هناك أهداف سياسية لخفض استهلاك أصناف الوقود في الاتحاد الأوروبي عن طريق زيادة أسعارها. ومع ذلك فإن الاستهلاك سينخفض حتى بدون هذه الإجراءات. وتوضح دراسات أجريت في أستراليا وغيرها أن أسعار البنزين المرتفعة تضر بالأسر ذات الدخل المتدني بشكل حاد، وإن انطبقت هذه الأحوال على السويد فإن ضرائب البنزين المرتفعة ستشكل عبئاً آخر على السويديين. ولذلك يتعين على تحالف الأحزاب السياسية السويدية الحاكمة النظر في عكس القرار الذي اتخذه حين تولى السلطة بزيادة الضريبة على البنزين. وبالتأكيد يتعين عليه في ذات الوقت طرح مبادرات لمسايرة الواقع المقبل الذي ينتظرنا. والوضع الذي نواجهه الآن يقتضي استثمارات كبرى في الوقود الحيوي. وأهم متطلب على الإطلاق للمجتمع هو الغذاء ونقله، ولذلك ينبغي علينا تشجيع الزراعة بحيث تتلاءم أنشطتها لتصبح مكتفية ذاتياً بالوقود الحيوي. وما أريد أن أشهده ليس سياسات تعمل من خلال العقوبات بل سياسات تشجع التغيير من خلال الحوافز. نقلاً عن: «اينرجي بولتين» ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©