السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البرق والرعد.. وبركات السماء

البرق والرعد.. وبركات السماء
20 يناير 2012
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ* وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ) «سورة الرعد، الآيتان 12 - 13». من المعلوم أن الآيات السابقة من سورة الرعد، وقد ورد في سبب التسمية: (سميت «سورة الرعد» لتلك الظاهرة الكونية العجيبة، التي تتجلى فيها قدرة الله وسلطانه، فالماء جعله الله سبباً للحياة، وأنزله بقدرته من السحاب، والسحابُ جمع الله فيه بين الرحمة والعذاب، فهو يحمل المطر ويحمل الصواعق، وفي الماء الإحياء، وفي الصواعق الإفناء، وجمع النقيضين من العجائب كما قال القائل: جمعُ النقيضين من أسرار قدرته هــذا الســحاب به مــاء به نـار فما أجلّ وأعظم قدرة الله!!، «صفوة التفاسير للصابوني 2/72». وورد في سبب نزولها: عن أنس- رضي الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعث رجلاً إلى جبّار من فراعنة العرب، فقال: اذهب فادعه لي، فقال يا رسول الله: إنه جبارٌ عاتٍ، قال: اذهب فادعه لي، فذهب إليه فقال: يدعوك رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فقال: أخبرني عن إله محمد أًمِنْ ذهبٍ هو؟ أو من فضه؟ أو من نحاس؟، فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما قال الرجل، وقال له: ألم أخبرك أنه أعتى من ذلك؟، فقال: ارجع إليه الثانية فادعه لي، فرجع إليه، فأعاد عليه ذلك الكلام، فبينا هو يجادله، إذ بعث الله عليه سحابة حيال رأسه، فرعدت فوقعت منها صاعقة فذهبت بقحف رأسه، فأنزل الله «وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ»، (صفوة التفاسير للصابوني 2/73). لقد أنعم الله سبحانه وتعالى علينا بنعم كثيرة لا تعدّ ولا تحصى، ومنها نعمة نزول الغيث، فقد أنزل سبحانه وتعالى الماء الذي جعله سبب حياتنا، ومما يدل على عظم نعمة الماء، وصفُ الله سبحانه وتعالى له بالبركة، وأحيانا بالطهر، وأحيانا بأنه سبب للحياة، يقول سبحانه: (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) «سورة ق، الآية 9»، ويقول: (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا)، «سورة الفرقان، الآية 48»، ويقول: (وَاللّهُ أَنزَلَ مِنَ الْسَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ)، «سورة النحل الآية 65». وعندما نتدبر آيات القرآن الكريم فإننا نجد أن هذه الآيات قد تحدثت عن نعمة الماء بأساليب متنوعة، فتارة تبين للناس أنه بسبب الماء تتحول الأرض السوداء الجدباء إلى أرض نامية خضراء، كما في قوله تعالى: (وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ)، «سورة الحج الآية 5»، وتارة يرشدنا القرآن الكريم إلى أنه بسبب الماء توجد الأشجار الباسقة، والفواكه اليانعة، والنباتات النافعة، كما في قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثمَرِهِ إِذَا أَثمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)، «سورة الأنعام الآية 99»، وتارة أخرى يخبرنا القرآن الكريم بأن الله سبحانه وتعالى قد أوجد من الماء كل شيء حي، كما في قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ)، «سورة الأنبياء الآية 30». ومن المعلوم أن المسلمين يسعدون كثيراً حين يكرمهم الله سبحانه وتعالى بنزول الغيث، فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعَلّمنا ما يُقال إذا أمطرت، كما جاء في الحديث الذي روته عائشة - رضي الله عنها-: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى المطر قال: «اللهم صيباً نافعاً»، (أخرجه البخاري)، مرتين أو ثلاثاً، أما إذا كثر المطر أو خاف ضرره، فقد جاء في الحديث الصحيح عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام (الروابي)، والظراب (الجبال الصغيرة)، والأودية ومنابت الشجر»، (أخرجه البخاري). ومن المعلوم أن الاستغفار هو السبب العظيم في استنزال المطر من السماء، لما روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه أنه صعد المنبر ليستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى رجع، فأمطروا، فقالوا: ما رأيناك استسقيت؟ فقال: «لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر»، (أخرجه البيهقي)، كما وورد أن رجلا شكا إلى الإمام الحسن الجدوبة فقال له: استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر فقال له: استغفر الله، وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولدا، فقال له: استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له: استغفر الله، فقلنا له في ذلك؟ فقال: ما قلت من عندي شيئا، إن الله تعالى يقول في سورة «نوح»: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)، «الجامع لأحكام القرطبي 18/302». كما أن إخراج الزكاة وإعطاء الفقراء والمحتاجين حقوقهم، سبب لنزول رحمات الله سبحانه وتعالى، فقد بين رسولنا - صلى الله عليه وسلم - فضل شكر الله على نعمه، وأثر الإنفاق في البركة وفي تنزل الرحمات، حيث يقول - صلى الله عليه وسلم -: «بَيْنَمَا رَجُلٌ بِفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ، فَانْتَهَى إِلَى الْحَرَّةِ، فَإِذَا هُوَ فِي أَذْنَابِ شِرَاجٍ، وَإِذَا شَرَاجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَبِعَ الْمَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلانٌ. بِالاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لِمَ سَأَلْتَنِي عَنِ اسْمِي؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ، يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ بِاسْمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ قَالَ: أَمَا إِذَا قُلْتَ هَذَا؛ فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا خَرَجَ مِنْهَا، فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثَهُ، وَأَرُدُّ ثُلُثَهُ»، (أخرجه مسلم). ومن المعلوم أن كتب الحديث قد تحدثت عن هديه- صلى الله عليه وسلم- إذا سمع الرعد والصواعق، فقد ورد أنه- صلى الله عليه وسلم- كان يقول «اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك»، (أخرجه الترمذي والحاكم). كما وتوجد بعض الأحاديث التي تبين الأحكام المهمة التي تتعلق بالرياح منها: * إذا عصفت الريح سُنّ للمسلم أن يقول ما حدثت به عَائِشَةُ- رضي الله عنها-: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَصَفَتْ الرِّيحُ قَالَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ. وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ)، «أخرجه مسلم». * كما لا يجوز سب الريح؛ لحديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: «لا تَسُبُّوا الرِّيحَ، فإذا رأيتم ما تكرهونَ، فَقولوا: اللهُمَّ إنا نَسألكَ من خير هذه الرَّيح وخير ما فيها وخير ما أُمرت به، ونعوذُ بك من شرِّ هذه الريح وشرَّ ما فيها وشرَّ ما أُمرت به»، (أخرجه الترمذي). * كما رُوي عن عائشة- رضي الله عنها- زوج النبي- صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: «ما رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستجمعاً ضاحكاً، حتى أرَى منه لَهَوَاته، إنَّما كان يََتَبَسَّم، قالت: وكان إذا رأى غَيْماً أو ريحاً، عُرف ذلك في وجهه، فقالت: يا رسول الله! أََرَى الناس، إذا رَأَوْا الغيم، فرحوا، رجاء أن يكون فيه المطر، وأَرَاك إذا رَأَيْتَهُ، عَرَفتُ في وجهك الكراهية؟ قالت فقال: «يا عائشة! ما يُؤَمِّنُني أن يكون فيه عذابٌ، قد عُذِّب قومٌ بالرِّيح. وقد رأى قومٌ العذابَ فقالوا: هذا عارضٌ مُمْطِرُنَا»، (أخرجه مسلم). اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، واحفظنا والمسلمين من كل سوء يارب العالمين. الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yo sefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©