الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاغتراب (1)

9 أكتوبر 2010 20:45
قد يستطيع المحتل سلب الأوطان والأرض، من أهليها، وقد يرغم الإنسان على هجرة الوطن لسبب أو لآخر، ولكن لا توجد قوة في العالم تستطيع سلب وطنه، من قلبه، وذاكرته، وأظن أنه ليس من المبالغة القول إن المغترب أكثر معرفة والتصاقاً بالوطن، وحتى الذين، قد يبدو أنهم يكرهون في لحظة أوطانهم، فإنهم حقيقة لا يكرهون أوطانهم إنما يكرهون ممارسات من أبناء وطنهم الذين يشوهون صورة الوطن ولم يعرفوا يوماً قيمة ومعنى حب الوطن. تتولد علاقة تراكمية بين النفس الإنسانية والمكان حيث ولد وعاش المرء، وتصير تفاصيل المكان جزءاً لا يتجزأ من تفاصيل الروح، لذا حالما يرى المغترب أو المهاجر شيئاً ولو بسيطاً تهيج أشجان نفسه. تعرف قيمة الأوطان عند فراقها، فلا أغلى من الوطن، وقد عاش الأجداد العرب حياة تنقل طلباً للكلأ والماء، وذاقوا مرارة البعد عن الوطن، بلا هواتف نقالة وبلا رسائل إلكترونية، ولا هم يحزنون، يبثون أشواقهم لأوطانهم، للصحراء تارة، ولظعائنهم تارة أخرى، يحادثون النجوم ويساهرون القمر، وترى الأوطان تسكنهم، فلا تغادرهم يتذكرونها مع نسيم الصبا، يسافرون بأخيلتهم مع مرور كل غيمة. وقد أفرزت معاناة المغتربين عن أوطانهم منذ العصر الجاهلي إبداعات أدبية، جعلت الوقوف على الأطلال، شرطاً للقصيدة الجاهلية، مهما كان غرض القصيدة من مدح أو فخر أو هجاء أو غزل، وما هذا، إلا دلالة واضحة على ارتباط العرب بأوطانهم، وفي العصر الحديث برز أدب خاص اسمه أدب المهجر، رفد الأدب العربي بكنوز ودرر شعراء اكتووا بنار الغربة ما دفعهم إلى التعبير عن مشاعر الشوق والحنين، واستحضار الذكريات في أرض الوطن. فمن رحم معاناة المغتربين في المهجر ولد أدب المهجر، وضم شعراء أثروا الشعر العربي بنفائس القصائد، وكانوا قامات عملاقة في مجال الشعر، وما إبداعهم إلا نتيجة للمعاناة، من أمثال جبران خليل جبران - ميخائيل نعيمة - إيليا أبو ماضي - نسيب عريضة - رشيد أيوب - عبد المسيح حداد - ندرة حداد - ميشيل نعمان معلوف - فوزي المعلوف- رشيد سليم الخوري - شفيق المعلوف - إلياس فرحات.. وغيرهم والغَرْبُ الذهابُ والتَّنَحِّي عن الناسِ. وقد غَرَبَ عنا يَغْرُبُ غَرْباً، وغَرَّبَ، وأَغْرَبَ، وغَرَّبه، وأَغْرَبه: نَحَّاه. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَمَر بتَغْريبِ الزاني سنةً إِذا لم يُحْصَنْ؛ وهو نَفْيُه عن بَلَده.. والغَرْبة والغَرْبُ: النَّوَى والبُعْد، وقد تَغَرَّب؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة يصف سحاباً: ثم انْتَهى بَصَري وأَصـْبَحَ جالِســاً مِنْــــه لنَجْــدٍ، طَائــفٌ مُتَغَــرِّبُ وقيل: مُتَغَرِّبٌ هنا أَي من قِـبَل الـمَغْرب. ويقال غَرَّبَ في الأَرض وأَغْرَبَ إِذا أَمْعَنَ فيها؛ قال ذو الرمة: أَدْنَى تَقاذُفِه التَّغْريبُ والخَبَبُ. ويُروى التَّقْريبُ. ونَوًى غَرْبةٌ: بعيدة. وغَرْبةُ النَّوى: بُعْدُها؛ قال الشاعر: وشَطَّ وليُ النَّوَى،إِنَّ النَّوَى قُذُفٌ تَيَّاحـةٌ غَرْبــــةٌ بالــدَّارِ أَحْيانـــــا النَّوَى: المكانُ الذي تَنْوي أَنْ تَـأْتِـيَه في سَفَرك. ودارُهم غَرْبةٌ: نائِـيَةٌ. وأَغْرَبَ القومُ: انْتَوَوْا. خليل مطران: إِنِّي أَقَمْتُ عَلَى التَّعِلَّةِ بالمُنَى في غُرْبَةٍ قَالُوا: تَكُونُ دَوَائي إِنْ يَشْفِ هَذَا الجسْمَ طِيبُ هَوَائِهَا أَيُلَطِّفُ النِّيرَانَ طِيبُ هَوَاءِ؟ إسماعيل ديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©