الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسراف يعود على صاحبه والمجتمع بالكثير من الضرر

الإسراف يعود على صاحبه والمجتمع بالكثير من الضرر
20 يناير 2012
الإسراف صفة من الصفات الإنسانية المذمومة التي نهى عنها الشرع، وقال عنها بعض السلف الصالح إنها تجاوز الحد في كل فعل يفعله الإنسان وفي الإنفاق أشهر، وقال سفيان بن عيينة: ما أنفقت في غير طاعة الله سرف وإن كان ذلك قليلا. ولأن الإسراف من مساوئ الأخلاق التي تعود على صاحبها وعلى المجتمع والأمة بالكثير من الأضرار، فإن الله عز وجل قد نهى عباده عنه. (القاهرة) – يقول الدكتور محمد الدسوقي - أستاذ الفقه المقارن بجامعة القاهرة - إن الإسراف في نواحي الحياة كلها من الصفات السيئة التي تتصف بها بعض النفوس ومنها الإسراف في الذنوب، قال الله تعالى: “قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعا، إنه هو الغفور الرحيم” سورة الزمر الآية 53، يطلب الله تعالى بسعة كرمه من عباده المسرفين في الذنوب أن يتوبوا قبل فوات الأوان وقبل ألا يتمكنوا من هذه التوبة وألا ييأسوا من رحمة الله فيلقوا بأنفسهم إلى التهلكة ويقولوا قد كثرت ذنوبنا وتراكمت عيوبنا، فليس لها طريق يزيلها ولا سبيل يصرفها، وبذلك يبقون مصرين على العصيان، مع أن الله تعالى بكرمه وجوده يغفر الذنوب جميعا. بين الإسراف والتقتير ويضيف الدسوقي: الإسراف في النفس الإنسانية يتناول المال وغيره، وقال تعالى محذرا عباده من الإسراف :”يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين” سورة الأعراف الآية 31، ويدعو الله عباده المؤمنين إلى أن يستروا عوراتهم عند الصلاة لأن سترها زينة للبدن ويأكلوا مما رزقهم الله من الطيبات بلا إسراف، والإسراف هنا إما أن يكون بالزيادة على القدر الكافي من المأكولات التي تضر الجسم، وإما أن يكون بزيادة الترف في المأكل والمشرب والملبس وإما بتجاوز الحلال إلى الحرام والله تعالى لا يحب المسرفين لأن الإسراف يضر ببدن الإنسان ومعيشته. ووصف الله تعالى عباد الرحمن بالمقتصدين في سورة الفرقان :” والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما “ الآية 67 . الذين أنفقوا النفقات الواجبة والمستحبة ولم يسرفوا بأن يزيدوا على الحد فيدخلوا في قسم التبذير وإهمال الحقوق الواجبة ولم يقتروا فيدخلوا في باب البخل والشح وكان إنفاقهم بين الإسراف والتقتير قواما يبذلون في الواجبات من الزكوات والكفارات والنفقات الواجبة وفيما ينبغي على الوجه الذي ينبغي من غير ضرر ولا ضرار وهذا من عدلهم واقتصادهم. قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا، أي ليسوا بمبذرين في إنفاقهم فيصرفون فوق الحاجة ولا بخلاء على أهليهم فيقصرون في حقهم فلا يكفونهم وخير الأمور أوسطها لا هذا ولا ذاك. النهي عن الإسراف وقال تعالى:”وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين” سورة الأنعام الآية 141، وقوله ولا تسرفوا في هذه الآية يعم النهي عن الإسراف في الأكل، وهو مجاوزة الحد والعادة وأن يأكل صاحب الزرع أكلا يضر بالزكاة والإسراف في إخراج حق الزرع، بحيث يخرج فوق الواجب عليه ويضر نفسه أو عائلته وكل هذا من الإسراف الذي نهى الله تعالى عنه ولا يحبه وفي هذه الآية دليل على وجوب الزكاة في الثمار، وأن الله يأمر بإخراج الزكاة وقت حصاد الثمار. وفي السنة النبوية نهي شديد عن الإسراف وتوجيهات من الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى الناس بأن تكون نفوسهم غير مسرفة ومبذرة قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :”كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة”. وعن ابن عباس – رضي الله عنه – أنه قال: “كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان سرف أو مخيلة”. وقال النبي – صلى الله عليه وسلم -:”ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه”. أنواع النفس المسرفة وفرق بعض العلماء بين الإسراف والتبذير الذي جاء النهي عنه في قوله تعالى: “إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا” سورة الإسراء الآية 27 فقالوا: التبذير هو صرف الأموال في غير حقها إما في المعاصي وإما في غير فائدة لعبا وتساهلا بالأموال أما الإسراف زيادة في الطعام والشراب واللباس في غير حاجة. والنفس الإنسانية مطالبة بالتوسط في كل الأمور لا بخل ولا إمساك ولا تبذير ولا إسراف قال الله تعالى: “ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا” سورة الإسراء الآية 29. جاء في تفسير ابن كثير أن الله تعالى يأمر عباده بالاقتصاد في العيش وينهي عن الإسراف ولا يجعلوا أيديهم مغلولة إلى عنقهم بحيث لا يكونوا بخلاء ولا يبسطوها كل البسط أي لا يسرفوا في الإنفاق ويعطوا فوق طاقتهم ويخرجوا أكثر من دخلهم فيقعد الإنسان ملوما محسورا. وقال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه - : ما أنفقت على نفسك وأهل بيتك في غير سرف ولا تبذير وما تصدقت به فهو لك وما أنفقت رياء وسمعة فذلك حظ الشيطان. ومن أنواع النفس المسرفة الاستخدام الخاطئ في استعمال الماء، فعن أنس – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد. ونهى النبي – صلى الله عليه وسلم – المؤمن أن يزيد على وضوئه ثلاث مرات كما جاء في قصة الإعرابي الذي جاء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – يسأله عن الوضوء فأراه الوضوء ثلاثا ثلاثا ثم قال:” هكذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم. الجهل بتعاليم الدين ومن أوجه الإسراف في النفس الإنسانية التي نهى عنها الإسلام الإسراف في استخدام نعمة المال كما جاء عن خولة الأنصارية، حيث قالت: سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: “إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة”. ومن أسباب الإسراف، الجهل بتعاليم الدين الذي ينهي عن الإسراف بشتى صوره فعاقبة المسرف في الدنيا الحسرة والندامة وفي الآخرة العقاب الأليم والعذاب الشديد. أو السعة بعد الضيق أو اليسر بعد العسر ذلك أن كثيرا من الناس قد يعيشون في ضيق أو حرمان أو شدة أو عسر وهم صابرون محتسبون وقد يحدث أن تتبدل الأحوال فتكون السعة بعد الضيق أو اليسر بعد العسر وحينئذ يصعب عليهم التوسط أو الاعتدال فينقلب على النقيض تماما فيكون الإسراف والتبذير وقد يكون سبب الإسراف محاكاة الغير وتقليدهم حتى لا يوصف بالبخل، فينفق أمواله كيفما شاء من غير تبصر أو نظر في العاقبة التي سينتهي إليها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©