الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التصرف على الرعية منوط بالمصلحة العامة والخاصة

20 يناير 2012
(القاهرة) - من اللطائف في الفقه الاسلامي قاعدة «التصرف على الرعية منوط بالمصلحة». حيث يقول الدكتور محمد الدسـوقي، أستاذ الفقه بجامعة القاهرة، إن هذه القاعدة توضــح أساسا مهما من أسس إدارة الأمة ورعاية مصالحها العامة والخاصة فتفيد أن أعمـال الولاة وتصــرفاتهم يجب ان تبنى على مصلحة الأمة وتحقيق الخير لها. والمراد بالولاة هنا كل من ولي أمرا من أمور الناس، لأنهم جميعا وكلاء عن الأمة في القيام بمصالحها، وإقامة العدل، ودفع الظلم، وصيانة الحقوق، وضبط الأمن، ونشر العلم وتسهيل المرافق وتطهير المجتمع من كل ما يضر بمصالح الناس. فكل عمل أو تصرف من هؤلاء الولاة على خلاف هذه المصالح، مما يقصد به الاستبداد أو الاضرار بالأمة أو ببعض أفرادها يكون مردودا وغير مقبول. والأصل في هذه القاعدة قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «ما من عبد يسترعيه الله -عز وجل- رعية يموت وهو غاش رعيته إلا حرم الله تعالى عليه الجنة» حديث صحيح رواه البخاري. وقوله صلى الله عليه وسلم: «ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لم يجهد لهم وينصح لهم كنصحه وجهده لنفسه إلا لم يدخل معهم الجنة» رواه الطبراني. وقوله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته». وقوله عز وجل: «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا» النساء الآية 58. ومن لطائف هذه القاعدة ان القاضي لو زوج الصغيرة من غير كفء، أو قضى بخلاف شرط الواقف، أو أبرأ من حق من حقوق العامة، أو أجل الدين عن الغريم بدون رضا الدائن لم يجز. أيضا لو عفا الحاكم عن قاتل من لا ولي له لا يصح عفوه ولا يسقط القصاص، لأن الحق للعامة، والإمام نائب عنهم فيما هو خير لهم، وليس من الخير إسقاط حقهم مجانا، وإنما له القصاص أو الصلح. بمعنى أنه اذا لم يوجد ولي للقتيل فالسلطان وليه، ولكن ليس له العفو عن القصاص مجانا، لأنه خلاف المصلحة بل إن رأى المصلحة في القصاص أقتص، أو في الدية أخذها. كذلك ليس للحاكم أو من يقوم مقامه ان يمنع محاسبة من تحت أيديهم أموال العامة أو القاصرين، والأوصياء، ولا أن يولي غير أمين أو غير كفء عملا من الأعمال العامة، تطبيقا لهذه القاعدة. وبناء على هذه القاعدة فإنك ترى في هذه الأزمنة بعض من يتولى أموالا عامة يتصرف فيها بخلاف المصلحة وهم غير مؤتمنين على ما تحت أيديهم من أموال، وتجد من بعضهم تجاوزا في التصرف في الأموال العامة بغير ما تقتضيه الحاجة، ويقع هذا إما غفلة أو جهلا أو تساهلا. ومثال على ذلك أنك ترى من يجمع أموالا من الناس لبناء مسجد أو ترميمه ثم ترى ألوانا من التصرف في هذا المال في غير محلها، كوضع الثريات الغالية، والإكثار من سماعات الصوت زيادة على حاجة المسجد. وتجد من يجمع أموالاً لدور تحفيظ القرآن، ثم تجده يصرف هذه الأموال على رحلات للطلاب كحـوافز وجوائز، وكذا تجد من يجمع أموالاً لإفطار الصائمين ثم لا يجتهد في التعامل مع هذا المال بالأفضل والأرخص.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©