الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المصارف الأميركية تواصل مسيرة الفشل

المصارف الأميركية تواصل مسيرة الفشل
9 أكتوبر 2010 21:42
أدت أكبر موجة فشل تشهدها المصارف الأميركية منذ 20 عاماً إلى فقدان الوظائف وتوقف عمليات الإقراض، كما زادت هذه الموجة من قوة الناجين منها ليمارسوا ضغوطاً أكثر على عملائهم. ويذكر أن 279 مصرفاً انهارت منذ 25 سبتمبر 2008 عندما سجل بنك “واشنطن ميوتيوال” أكبر عملية فشل في القطاع المصرفي والتي فاقت انهيار بنك كونتينينتال إلينويز في 1984. كما تجاوزت عمليات الفشل في غضون السنتين الماضيتين ما شهده القطاع من انهيار بعض المصارف خلال السنوات الست التي سبقتها والتي لم تتعد سوى 36 مصرفاً. كما لحق بقائمة الانهيارات مصرفان في أول شهر أكتوبر الحالي مما ينذر باستمرار هذه الموجة لبعض الوقت، وذلك حسب التقرير الذي صدر مؤخراً عن “ستاندرد آند بورز”. كما أوضحت شركة التأمين على الودائع الفيدرالية أن عدد المشكلات المصرفية ارتفع في الربع الثاني بنسبة 6% إلى 829 مشكلة. ووفقاً لمؤسسة كيفي برويتي آند وودز للاستثمارات المصرفية، ربما ينخفض عدد المصارف التي تعاني الانهيار من 7,932 في الوقت الحالي، إلى 5,000 خلال العقد المقبل. ومن إيجابيات هذه الانهيارات أنها تعمل بمثابة النظافة للقطاع الذي نما بسرعة كبيرة، حيث تجاوزت أصوله الضعف إلى 13,8 تريليون دولار في العقد الذي انتهى في عام 2008. ويذكر أن معظم المصارف التي انهارت هي من ذلك الصنف الانتهازي الذي انضم إلى القطاع مؤخراً. ونجد أنه ومن جملة المصارف التي فشلت في الاستمرار منذ فبراير 2007، أن 75 منها تكونت بعد عام 1999. ويشير الاقتصاديون إلى أن هذا التراجع يمثل تهديداً مستمراً لرأس المال ولنشاط الإقراض والاقتصاد. وتعتبر هذه الموجة أقل حدة مقارنة مع أزمة المصارف اليابانية التي استمرت لعقد من الزمان بغض النظر عن المساعدات الحكومية البالغة 440 مليار دولار التي أنفقتها في سبيل مساعدة القطاع. وهناك احتمال بتدخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي التدريجي في حالة قراره القيام بذلك مرة أخرى لمساعدة الاقتصاد. لكن وفي غضون السنتين الماضيتين ارتد القطاع المصرفي الأميركي بكامله. ونجد مثلاً أن مصارف كبيرة مثل واشوفيا وكونتري سايد فاينانشيال تم الاستحواذ عليها لتفادي الوقوع في الفشل، بينما ساندت الحكومة مصارف قوية مثل سيتي جروب وبنك أوف أميركا. وبين معاناة الفشل والمساعدات الحكومية أصبح التأثير على النظام المصرفي أكثر حدة من أزمة القروض والادخارات. ولم تكن تدابير الإنقاذ الحكومية أكثر شمولاً وعالمية هذه المرة فحسب، بل إن ضعف القطاع العقاري استمر في الحد من النمو الاقتصادي أيضاً. ويذكر أن أصول القطاع ومنذ عام 2008 تراجعت بنسبة 4,5%. ويقول ريتشارد بوف المحلل لدى روشديل للأوراق المالية في مدينة لوتز بولاية فلوريدا: “يعني خفض حجم الأصول في مصرف ما، خفض ذلك المصرف لمعدلات الإقراض مما يؤثر سلباً على الاقتصاد”. ومن المدن الصغيرة مثل روكفورد في ولاية إلينوي إلى الكبيرة مثل ميامي، لا يعني اختفاء المصارف خفض معدلات الإقراض فحسب، بل تقلص الخيارات المطروحة للمصارف وانخفاض معدلات الفائدة و في حسابات الادخار بالإضافة إلى فقدان الوظائف. وأدى ركود وانهيار القطاع العقاري إلى فقدان 188,000 وظيفة في القطاع المصرفي بنسبة 8,5% منذ سنة 2007. ونتج فقدان نحو 11,210 وظيفة في المصارف التي عانت الفشل بنسبة 32%. ولم تقتصر المعاناة الناجمة عن فشل المصارف على فقدان الوظائف فقط، حيث لم تستطع مدينة كلينتون بولاية يوتا مثلاً استرجاع مبلغ 83,000 دولار المودع من غير تأمين في بنك سينتينيال الذي عانى الفشل دون أن ينجح في إيجاد مشتر له. وفي مدينة أوجدين القريبة منها، فقدت جامعة ويبر الحكومية مبلغ 100,000 دولار كمنح دراسية التزم بها بنك بارنز الذي انهار في يناير الماضي بالرغم من أنه مؤسسة محلية يعود تاريخ تأسيسها إلى 119 عاماً. وجدير بالذكر أن أصول المصارف الفاشلة أصبحت من الظواهر المنتشرة في القطاع. ويذكر أن شركة التأمين على الودائع الاتحادية مثقلة بنحو 38 مليار دولار من مخلفات الأصول التي تحاول بيعها. وتتراوح هذه الأصول من سندات الرهن العقاري المدعومة عديمة الفائدة تقريباً، إلى ديكورات المكاتب. وعند حلول الأيام الصعبة طاردت المصارف التي تعرضت لخسارات قليلة في القروض، عملاء الأسواق العقارية القوية. وفي وقت انفجار فقاعة الرهونات العقارية عالية المخاطر تركزت معدلات الفشل في الجهات التي تقوم بالإقراض العقاري مثل بنك إندي ماك الذي خلف مليار دولار من الإيداعات غير المؤمنة عند انهياره في 2008. وتعزي المصارف السبب الرئيس في انهيارها إلى قطاع العقارات. ووجد البحث الذي أجرته مؤسسة أس أن أل المالية أن 94% من فشل المصارف في 2008، يعود لأسباب إما أن تكون لعقارات سكنية أو تجارية التي لها النصيب الأكبر من القروض المتعثرة. وذكر بنك كي بي دبليو الاستثماري أن قروض الإنشاءات عالية المخاطر تمثل 23% من إجمالي محفظة البنك مقارنة بنسبة 7,2% لعموم القطاع. وفاقت معدلات تأخير السداد في القطاع العقاري التجاري بنسبة 13,5% التي كانت عليها في الماضي على النطاق القومي، النسبة الحالية عند 1,7%. وبعد أن شارف بنك ميد ويست في ولاية إلينوي على الانهيار بأصوله البالغة 3,17 مليار دولار إثر فشله في جمع المبلغ المطلوب ليصبح مصرفاً مستقلاً، تم الاستحواذ عليه من قبل بنك فيرست ميريت من ولاية أوهايو. أما إمبيريال كابيتال من كاليفورنيا المتخصص في قطاع العقارات، فتوسع خارج الحدود ليقوم بتقديم قروض خارجية. وزادت أصول البنك لأكثر من الضعف إلى 4,1 مليار دولار في غضون السنوات الخمس المنتهية في 2008. ومن ثم قام البنك بشراء سندات رهن عقاري مدعومة بنحو 826 مليون دولار. وتشكل العقارات 95% من قروض البنك مقارنة بنحو 35% أو أقل للمصارف الأخرى المشابهة له. لكن لم يقو البنك على الاستمرار، حيث انهار في 2009. ويقول بعض الاقتصاديين إنه رغم كل ذلك الدمار الذي خلفه تأثير عمليات الفشل على الاقتصاد، إلا أنه لم يكن بذلك الوضوح؛ لأن المصارف الكبيرة التي فشلت أو شارفت على الفشل، تم إنقاذها بسرعة عبر المؤسسات الأخرى أو الحكومة. ويقول الاقتصادي إدوارد يارديني: “لا أعتقد أن عدد المصارف التي فشلت أو أن سرعة فشلها، لها التأثير الكافي على الاقتصاد الكلي”. ونجحت المصارف التي قاومت الفشل في جمع 500 مليون دولار كرؤوس أموال جديدة مما يقلل خطر بروز عمليات فشل أخرى. ومن الغريب أن عمليات الفشل هذه تعمل أحياناً على تحريك النشاط الإقراضي. ومن أجل الحفاظ على رؤوس الأموال، يحظر المنظمون على المصارف التي تعاني الفشل تقديم قروض جديدة. وعندما يقوم مصرف بشراء أصول مصرف آخر معان، يمكن لذلك المشتري أن يعاود عمليات الإقراض. وتعني عمليات الاندماجات الأخيرة أن المصارف القوية ازدادت قوة، حيث تملك مصارف مثل “بنك أوف أميركا” و”جي بي مورجان شيس” وشركاه “وويلز فارجو” نحو 33% من إجمالي الإيداعات الأميركية التي كانت عند 21% في 2006. وأعطى ذلك، هذه المصارف قوة أكبر في الأسواق لتقضي على المنافسين الصغار. نقلاً عن «وول استريت جورنال» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©