السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

فتح باب تصدير الأسمنت المصري ينذر بارتفاع الأسعار وعودة الأزمة

9 أكتوبر 2010 21:43
أثار قرار المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة المصري بالسماح بتصدير الأسمنت خلافات جديدة في السوق العقارية بين منتجي الأسمنت وأصحاب المصانع من ناحية وشركات البناء والتشييد من ناحية ثانية. ورغم عدم تراجع أسعار الأسمنت وعدم تأثير الركود عليها أو دعاوى ارتفاع حجم المخزون الراكد من الأسمنت بالمصانع ولدى التجار، فإن العرض الكبير لم يخفض السعر ولكن قرار السماح بإعادة تصدير الأسمنت المصري الى الأسواق الخارجية لم يستند من وجهة نظر الكثيرين الى أسباب موضوعية، ويرى هؤلاء أن القرار استجابة للضغوط التي مارسها المنتجون على الحكومة المصرية خلال فترة حظر التصدير التي استمرت أكثر من عام حيث كانوا يطالبون بالسماح بتصدير الأسمنت بدعوى تراكم المخزون وهي الدعوى التي لم تثبت حركة الأسواق صحتها، حيث ظلت الأسعار مرتفعة وتدور حول 600 جنيه (100 دولار) للطن وتجاوزت 700 جنيه مطلع العام الماضي. وترى شركات البناء والتشييد المصرية أن القرار الجديد، وان كان يصب في مصلحة شركات الأسمنت، فإنه سوف يتسبب في ضرر كبير لشركات البناء حيث أن التصدير سوف يؤثر على المعروض من الأسمنت في الأسواق المحلية بالسلب، لأن معظم الشركات سوف تفضل التصدير رغم المضاربة بين أسعار التصدير وأسعار البيع في السوق المحلية، لأن أسواق التصدير سوف تحصل على كميات كبيرة وبعقود طويلة الأجل مما يعني خفض المعروض في السوق المحلية ومنح التجار الفرصة للتلاعب بالأسعار ومواعيد التسليم والعودة للأزمة التي عصفت بأوضاع العديد من الشركات، وتتسبب في ارتفاع أسعار العقارات المستمر حتى الآن. وتؤكد شركات التشييد المصرية أن تصدير الأسمنت سوف يؤثر على التزاماتها بتنفيذ المشروعات وفي حالة ارتفاع الأسعار سوف تختل دراسات جدوى تنفيذ هذه المشروعات، مما يعرض الشركات للخسائر والغرامات المالية ويزيد من فاتورة هذه الأزمة على شركات التشييد الحكومية، دخول شركات المقاولات التابعة للقطاع الخاص المنافسة على تنفيذ مشروعات البنية الأساسية التي كانت تعتمد عليها الشركات الحكومية، وذلك بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص “بي بي بي”. وتستعد شركات التشييد المصرية للتقدم بمذكرة لوزير التجارة والصناعة لعقد لقاء مشترك مع منتجي الأسمنت بهدف تحديد سعر استرشادي يتم به تداول الأسمنت في السوق المحلية، مستندا لضمان التكلفة والانتاج وهامش الأرباح بدلا من ترك السوق نهبا للمضاربين. كما تدعو المذكرة الى حل يتمثل في التزام الشركات المنتجة للأسمنت بتخصيص حصص للمشروعات الكبرى التي تنفذها شركات التشييد الحكومية واعطاء أولوية لهذه الحصص. وتتوقع مصادر اقتصادية أن تشهد سوق الأسمنت المصرية تصدير كميات ضخمة تتراوح بين مليون ومليوني طن شهريا، بكمية اجمالية تقترب من اثني عشر مليون طن خلال نصف عام مثلما حدث في توقيت سابق مما يعني حرمان السوق المحلية من نسبة تتراوح بين 20 و25 بالمئة من الطاقة الانتاجية من الأسمنت البالغة حاليا 45 مليون طن سنويا، وتستند وزارة التجارة في قرارها بالسماح بعودة تصدير الأسمنت الى دخول ثلاثة مصانع جديدة بطاقة انتاجية تبلغ 1,5 مليون طن سنويا لكل منها حيز الانتاج خلال الربع الأول من العام المقبل، وهي مصانع حصلت على تراخيص بإنشاء أو توسيع خطوط انتاج قبل ثلاث سنوات واكتملت حاليا عمليات تركيب الماكينات وتستعد للانتاج. أما المبرر الثاني الذي تسوقه وزارة التجارة لتفسير قرارها فهو أن حالة من الركود تسيطر على السوق العقارية المصرية وأن عمليات التشييد تشهد تراجعا، نظرا لحالة الشك التي تهيمن على هذه السوق وفشل الموسم الصيفي في كسر حدتها وبالتالي تراجع الاستهلاك من الأسمنت الأمر الذي ترتب عليه تراكم المخزون لدى الشركات والتجار، مما دفع شركات الأسمنت الى الشكوى مطالبة بالسماح لها بتصدير كميات من انتاجها لتصريف المخزون. وتشير وزراة الصناعة والتجارة المصرية الى أن قرار السماح بتصدير الأسمنت قد يكون مؤقتا ويرتبط بظروف انتاجية في مرحلة معينة فإذا تغيرت هذه الظروف يمكن اعادة النظر في القرار، حيث تؤكد الوزارة أنها تضع مصالح جميع الأطراف نصب عينيها وتسعى الى تحقيق التوازن بين هذه المصالح بما لا يضر بالمستهلك الأخير للسلعة، والتخفيف من حدة التضخم على المستهلك النهائي ومن ثم فإنها سوف تراقب السوق جيدا ومؤشرات الأسعار وحركة المعروض من الأسمنت وغيرها من الآليات التي تضمن الانضباط والالتزام. ويؤكد هشام جبر -العضو المنتدب لشركة “أسيك” للأسمنت- أن قرار السماح بتصدير الأسمنت طال انتظاره كثيرا، حيث أن حظر التصدير لعب دورا في التأثير السلبي على المراكز المالية لشركات الأسمنت التي تراجعت أرباحها رغم ثبات أسعار الأسمنت في السوق المحلية، حيث أن المبيعات النهائية الاجمالية لمعظم المصانع تأثرت بالقرار مشيرا الى أن التعاقدات التصديرية طويلة الأجل وبكميات كبيرة تجعل الشركات تضع خططا انتاجية زمنية وقد تعمل هذه المصانع بكامل طاقتها الانتاجية للوفاء بالتزاماتها التصديرية، وضمان بيع كافة الكميات المنتجة وتحقيق مبيعات كبيرة وأرباح جيدة. ويؤكد أن السوق المحلية لن تتأثر سلبا بقرار تصدير الأسمنت لأنه مرن ويضع في اعتباره أي تطورات قد تظهر في السوق خلال المرحلة المقبلة. كما أن الكميات التي تم تخزينها في الفترة الماضية كافية لان تمتص أي آثار سلبية للقرار في المرحلة الأولى على الأقل كما أن وزارة التجارة لن تتخلى عن دورها الرقابي للسوق والتدخل بمختلف الآليات عند اللزوم، لضبط ايقاع السوق والتصدي لأي ممارسات احتكارية تستهدف تعطيش السوق. ويؤكد المهندس محمد فؤاد الجندي، رئيس شركة النصر للاسكان والتعمير احدى شركات القابضة للبناء والتشييد، أن القرار سوف يؤثر بلا شك على حركة الأسعار والمعروض من الأسمنت في السوق المحلية وأن أكبر المتضررين هي شركات البناء الحكومية التي تقوم حاليا بتنفيذ مشروعات كبيرة، سواء اسكانية أو بنية أساسية لأن هذه الشركات حددت أسعار التنفيذ بناء على أسعار محددة للحديد والأسمنت وبقية المواد الخام الداخلة في صناعة التشييد، فإذا اختل عنصر التسعير لأي من هذه الخامات فسوف تتأثر ربحية هذه الشركات وتتعرض لخسائر، وهو ماحدث للعديد من الشركات إبان الطفرة العقارية الماضية بين عامي 2007 و2008. ويطالب بضرورة تحديد سعر استرشادي للأسمنت يسهم في كبح جماح التجار وبعض الشركات المنتجة والتي تتلاعب بالأسعار عبر أساليب شتى، لأن مثل هذا السعر بات ضروريا اذا كنا سندع الشركات تصدر الكميات التي تريدها بالأسعار التي تراها مناسبة بصرف النظر عن أوضاع السوق المحلية واحتياجاتها من هذه السلعة الاستراتيجية.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©