الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الأرض» مصدر الخير ومستودع الرزق

«الأرض» مصدر الخير ومستودع الرزق
10 يوليو 2013 22:51
أحمد محمد (القاهرة) - هيأ الله سبحانه وتعالى كوكب الأرض ليعيش الإنسان عليها، ووفر له سبل الراحة من التسخير والأمان، وكل الظروف التي تضمن استمرار الحياة فجعلها جبالاً وهضاباً وودياناً، وجعل فيها بحاراً وأنهاراً، هيأها سبحانه للحياة، وجعل بها من التوازن في كل شيء ما يحار فيه العقل، ومن التكامل ما ينطق بالقدرة الإلهية والنظام والإبداع وحسن تقدير في شكلها وتكوينها ومحتوياتها وحركاتها وموقعها وما بها وما عليها. قال تعالى: (ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون)، (الأعراف: الآية 10)، ويقول: (وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)، «الجاثية: الآية 13»، وقال سبحانه: (الذي جعل لكم الأَرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون)، «الزخرف: الآية 10»، وقال عز وجل: (هو الذي جعل لكم الأَرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)، «الملك: الآية 15». إن الله سبحانه وتعالى يذكّر عباده بنعمة الأرض التي جعلها لهم كالفراش ممهدة وموطأة ومستقرة، وهو الذي ذللها للناس للاستفادة من خيراتها ولولا تذليل الله لها ما استطعنا أن نشق فيها الطرق ولا البناء عليها ولا الحرث ولا سائر أنواع المنافع. والأرض هي مستودع الرزق، حيث فيها معايش بني آدم وأسباب رزقهم، فالله وحده هو الذي جعل فيها المعايش والأسباب المختلفة ليكسب العباد بها أقواتهم، وأكثرهم مع هذا قليل الشكر، يقول الطبري: لقد وطنّ الله الناس في الأرض وجعلها قراراً يستقرون فيها ومهاداً وفراشاً يفترشونها، وجعل لهم فيها معايش من مطاعم ومشارب نعمة منه وإحسانا، وهم قليل شكرهم على هذه النعم. والأرض خلقها الله بإتقان وإحكام، وصنعها للأنام، مهداً وبساطاً وفرشاً ومتاعاً، ومصدراً للخيرات، تنبت الزرع وتخزن الماء والثروات، مستقر وقرار، منها الخلق والإنشاء قدر فيها الأقوات، بحارها وأنهارها، كل شيء فيها موزون. وجاء ذكر «الأرض» في القرآن الكريم في أربع مئة وواحد وستين موضعاً، آيات تأمر الإنسان بالسير فيها والنظر في كيفية بدء الخلق، وتشير إلى شكلها وحركاتها وأصلها وكرويتها ودورانها، وتتحدث عن الظواهر المهمة، وهي أحد أفراد المجموعة الشمسية، كوكب فريد في كل صفاته مما يؤهله بجدارة أن يكون مهدا للحياة بكل مواصفاتها. ومن النعم الخفية فيها أن المسافة بين الأرض والشمس تقدر بحوالي 150 مليون كيلو متر، وهذا البعد يسمح بوصول القدر المناسب للحياة من الأشعة والتي تعمل على تسوية سطح الأرض وتكوين التربة وتحريك دورة المياه، قدره الله بدقة بالغة تسمح بتلقي قدر من الطاقة الشمسية يتناسب مع حاجات جميع الكائنات الحية على سطح الأرض، وهذه المسافة تضبط اتزانها وعدم تعرضها للابتلاع بواسطة الشمس، أو للانفلات فتضيع في الكون الفسيح. والأرض أغنى كواكب مجموعتنا الشمسية بالمياه، ولذلك يطلق عليه اسم «الكوكب المائي» أو الكوكب الأزرق، شاءت إرادة الله الخالق العظيم أن يسكنها هذا القدر الهائل من الماء الذي يكفي جميع متطلبات الحياة، يقول تبارك وتعالى: (وفي الأرض آيات للموقنين)، «الذاريات: الآية 20». لذا يؤكد علماء الفلك أن هذه الأرض وُضعت في المدار الصحيح، والقابل للحياة، ولولا ذلك لم تظهر الحياة على ظهرها أبداً ولو أن الأرض كانت بطيئة في دورانها، مما هي عليه، لامتد الليل طويلاً، ربما لأشهر أو لسنوات وامتد النهار طويلاً أيضاً، هيأها الله تبارك وتعالى لنا، لكي تناسب حياتنا بالشكل الذي يجعلنا أكثر استقراراً على ظهرها، وذكرنا بهذه النعمة، وقد مهدها وجعلها قراراً يقول عز وجل: (اللَّه الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم اللَّه ربكم فتبارك اللَّه رب العالمين)، «غافر: الآية 64». لقد زود الله الأرض بغلاف يحميها وهو عبارة عن مجال مغناطيسي قوي يمنع الكثير من الجزيئات الخطرة المنبعثة من الشمس من اختراق جو الأرض، فالشمس تبث أكثر من بليون كيلو جرام من المواد الخطرة في كل ثانية، لكن زود الله تعالى هذا الغلاف المغناطيسي بقدرة غريبة على صد الهجوم الشمسي الفتاك. وهناك أمر مهم جداً لولاه ما كان لنا أن نستقر على هذه الأرض وهو الجاذبية الأرضية، فكوكب الأرض يمتاز بجاذبية محددة مناسبة للحياة المستقرة، ولو كانت جاذبية الأرض أقل مما هي عليه، فإن الإنسان سيطير في الهواء عندما يبذل أي جهد، ولو كانت الجاذبية أكبر مما هي عليه لالتصق الإنسان بالأرض ولم يعد قادراً على الحركة. وغياب الجاذبية يؤدي إلى اضطراب الدورة الدموية، وتضمر العضلات، ويتباطأ تقلص الأمعاء مما يعيق هضم الطعام، ويرتفع ضغط الدم، وتسرع ضربات القلب، ويختلف إيقاع الجسم الطبيعي ويضعف نظام المناعة. ويقول العلماء إن القشرة الخارجية للأرض قد تكونت بصورة دائمة منذ أربعة آلاف مليون سنة، وإن أقدم اثر للحياة على ظهر الأرض منذ ثلاثة آلاف مليون سنة، وظهرت أول ما ظهرت الحياة النباتية، وتلتها الحياة الحيوانية، وكلاهما ظهر لأول مرة في الماء، فالأرض تحتوي على النعم بما لا يمكن حصره ويعجز الإنسان عن عده، ففيها نعم لكل المخلوقات وكل المخلوقات والنعم سخرها الله سبحانه وذللها للإنسان، غير أنه يقابل كل هذه النعم بالنكران أو التجاهل، وقليل من عباد الله الشكور.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©