الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جعفر بن أبي طالب.. الطيار أبو المساكين

8 يوليو 2015 23:24
محمد أحمد (القاهرة) جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب، صحابي جليل، ابن عم الرسول، من السابقين الأولين إلى الإسلام، أحد وزراء النبي الأربعة عشر، كان في كفالة عمه العباس، أشبه الناس بالرسول حتى قال عنه «الناس من شجر شتى، وأنا وجعفر من شجرة واحدة». أسلم على يد أبي بكر الصديق مبكراً في مكة، وهاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية، وبقي هناك ورزق بأبنائه الثلاثة محمد وعبد الله وعوف حتى هاجر الرسول إلى المدينة فقدم إليه جعفر وهو بخيبر سنة 7 هـ. موقف عظيم يتصف جعفر بأنه ذو قوة وصلابة وشجاعة وبر وحلم وتواضع مع خشية للحق، وكان محباً للمساكين يعطف عليهم فسماه النبي «أبا المساكين» لشدة حبه لهم وكثرة جلوسه معهم. ولجعفر موقف عظيم، فقد أرسلت قريش للنجاشي ملك الحبشة تطلب منه تسليمها المهاجرين فحمل عمرو بن العاص، وكان معه عبدالله بن أبي ربيعة، الهدايا الثمينة للملك وحاشيته واستطاع عمرو بدهائه أن يجذب البطارقة إليه وحددوا له موعداً مع النجاشي، فتحدث عمرو وقال: أيها الملك جاء إلى بلادك غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينك، بل اتبعوا ديناً جديداً، وقد أرسلنا قومهم وشرفاؤهم وآباؤهم لتردهم إليهم ليؤدبوهم، وقال البطارقة: صدق الرجل فأسلمهم إليه، فغضب النجاشي وقال: قوم نزلوا بلادي واختاروني على غيري، من العدل أن أسألهم أولاً، فإن كانوا كما قال الرجل أسلمتهم وإلا أحسنت جوارهم. صدق الحديث تشاور المسلمون في أمرهم، وقال جعفر: أنا خطيبكم اليوم وذهبوا إلى النجاشي، فقال لهم البطارقة: اسجدوا للملك فقال جعفر: لا نسجد إلا لله، فسأله النجاشي عن الدين الذي فارقوا من أجله قومهم، فقال جعفر، أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار، يأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله عز وجل إلينا رسولاً منا نعرفه، ونعرف نسبه، وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله عز وجل لتوحيده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار وكف المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وأمرنا أن نعبد الله وحده لا شريك له، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام فصدقناه وآمنا به وعبدنا الله عز وجل فلم نشرك به شيئاً، وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل، فعدا علينا قومنا فعذبونا، وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان، فلما قهرنا وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبين قومنا خرجنا إلى بلدك، فاخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك. مشكاة واحدة فقال النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله عز وجل من شيء؟ فقرأ جعفر: (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً)، «سورة مريم: الآية 1 - 6». فقال النجاشي: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة ثم توجه إلى عمرو بن العاص ورفيقه فقال لهما: لا والله لا أسلمهم إليكما أبداً. ثم عاد عمرو في اليوم التالي فقال: إن هؤلاء يقولون في عيسى ابن مريم قولًا عظيماً، فأرسل الملك إلى جعفر وسأله «ماذا تقولون في عيسى ابن مريم؟»، فقال جعفر، هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء، فقال النجاشي، هذا والله عيسى ابن مريم، اذهبوا فأنتم آمنون في أرضي. في غزوة مؤتة كان جعفر على موعد مع الشهادة في سبيل الله، وبدأت المواجهة بين مئتي ألف من الروم وبين ثلاثة آلاف من المسلمين واحتدم القتال واستشهد زيد بن حارثة فحمل الراية جعفر رضي الله عنه بيمينه فقطعت، فحملها بشماله فقطعت، فاحتضن الراية بعضديه، وقتل وفي جسده سبعون طعنة كلها في صدره. عاد المسلمون من المعركة وبكت المدينة لموت جعفر حتى خرج رسول الله يقول: «لا تبكوا على أخي اليوم، لقد رأيته في الجنة له جناحان يطير بهما حيث يشاء»، فكان لقبه «ذي الجناحين» وسمي جعفر الشهيد الطيار. أحد وزراء النبي الأربعة عشر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©