السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الإنسانية تدخل عصر الحواسيب الملبوسة

19 يوليو 2006 01:26
إعداد - عدنان عضيمة: كل يوم ينضم جيل جديد من الابتكارات والاختراعات إلى عالم الأجهزة والأدوات الرقمية· ومن الأحداث التي تتناقلها الأوساط العلمية الآن في هذا الشأن ظاهرة انتشار الحواسيب الملبوسة wearable computers التي سبق أن تنبأ بها العالم الأميركي ذو الأصل الياباني ميشيو كاكو في كتاب (رؤى) الذي ظهر عام ·1998 ويذكر في هذا الصدد أن الحواسيب تشبه الساعات من حيث أنها كانت في بداية الأمر أجهزة ضخمة ثم ظهرت منها نماذج ساعات الجيب الأسطوانية التي تعلق بسلسلة معدنية في عروة الجاكيت أو القميص، ثم ظهرت الساعات التي تربط بالمعصم في بدايات القرن العشرين فمثّلت في ذلك الوقت ثورة تكنولوجية مثيرة للدهشة والإعجاب· ويبدو الآن أن أحداثاً مشابهة بدأت تقلب مفهوم الكمبيوتر وتطبيقاته رأساً على عقب مع استهلال عصر الحواسيب الخفيّة والملبوسة والمتواجدة في كل مكان· فما عناصر هذا التحول الجديد، وما هي نتائجه؟· يمكننا تلمّس الإجابة عن هذا السؤال من خلال الإشارة إلى أن بحوثاً جادة انطلقت قبل بضع سنوات للتثبت مما إذا كان في وسع الإنسان استخدام مواد ناقلة للكهرباء في صناعة أنسجة الملابس· وبالطبع، ما كان الهدف المنشود يتعلق بإنتاج ملابس أكثر قدرة على مقاومة الاهتراء، بل إن ذلك سيعني في النهاية أن الملابس ذاتها يمكن أن تمثل جزءاً من الدارات التكاملية للكمبيوتر· وفي هذه البحوث الأولى، كان الهدف من ابتكار الأنسجة الناقلة للإشارات الكهربائية أن تشيع الشعور بالدفء عندما يتلقى صاحبها مكالمة هاتفية من شخص عزيز عليه عن طريق إمرار تيار كهربائي ضعيف في نسيج القميص· واتضح أن بالإمكان تعميم فوائد هذا النظام في تطبيقات كثيرة أخرى، كأن تتضمن السترة الواقية لرجل المطافىء مجساً يتحسس المواد السامة المنتشرة عن الحريق إن وجدت ، ثم يقوم بإرسال إشارات كهربائية إلى الكمبيوتر الملبوس الذي يحذر بدوره من هذا الخطر في غمضة عين· ولم تعد مثل هذه الابتكارات مجرّد أقوال على ورق، بل أوشكت على التحول إلى منتوجات قابلة للبيع في الأسواق· ويقول المستشرف العلمي الإنجليزي روبين مانينجز الذي يعمل في شركة الاتصالات البريطانية: (سوف نرى أنظمة الاستظهار الرقمي على الملابس والمتخصصة بالتحذير من الأخطار الطارئة، قيد الاستخدام الفعلي عند رجال الدفاع المدني في القريب العاجل)· ويعمل مانينج حالياً في مشروع بحثي بالغ الأهمية يرمي إلى ابتكار ما يسمى (الأنظمة المنتشرة في كل مكان)، وهو مصطلح يقصد به نشر الحواسيب المصغرة في كافة أطراف وزوايا بيئة العمل والحياة التي يمارس فيها البشر نشاطاتهم؛ وهو يعتقد أن (الحوسبة الملبوسة) سيكون لها تأثيراتها الهائلة على المجتمع البشري برمته· وتعد الخرائط التي تبتدعها شركة جوجل لتشغيل نظام تحديد الموقع في الموبايل، وأجهزة الكمبيوتر اليدوي الخاصة بتشغيل نظام البريد الإلكتروني، والكاميرات الرقمية، كلها من التطبيقات الحاسوبية التي هاجرت من صلب نظام الكمبيوتر الشخصي لتحطّ رحالها في قلب الموبايل· ثم إن الشكل المادي للموبايل ذاته يتطور بالطريقة التي تجعل منه جهازاً قابلاً للارتداء شأنه في ذلك كشأن ساعة المعصم وقلم الحبر· وأفضل دليل على هذا التوجّه هو ابتكار أنظمة وملحقات (بلوتوث) التي احتلت مكانها في آذان البشر أو عرى قمصانهم· ويمكننا أن ننتظر إذن ظهور أجيال جديدة من الأجهزة والأدوات الذكية لم يكن مجرّد التفكير فيها أو تصوّرها وارداً من قبل· ويمكنك مثلاً أن ترتدي قميصاً ذكياً يمكنه أن يتحسّس العديد من المقاييس الطبّية المهمة، كضغط الدم ونبض القلب؛ أو قبعة مجهزة بمجسّات قادرة على قياس وتسجيل ومعالجة البيانات المتعلقة بحالة الدماغ من حيث مستوى النشاط الذهني ودرجة تغذية الأجزاء المختلفة بالدم واستنتاج الحالة النهائية التي تحكم على مدى سلامته وما إذا كان المرء يحتاج إلى النوم أم لا، وغير ذلك من القياسات والاستنتاجات الطبية· ويفضّل كين بليكسلي مدير مجموعة (ويبموبايليتي فينشيرز) ومستشارها التقني أن يعمم فكرة (الحوسبة الملبوسة) على مجموعة كبيرة من التطبيقات فيشير إلى أن (التوصيل الكهربائي) أصبح يمثل اللعبة الجديدة في عالم تطوير الأجهزة الإلكترونية الشخصية· ويؤثر بليكسلي بعد هذا التوضيح المفيد أن يشدّد على الأهمية المنتظرة لعلاقة جديدة بدأت بوادرها تظهر منذ الآن بين البشر والآلات الملبوسة بكافة أشكالها وأنواعها؛ ويقول أن الموبايل بحد ذاته أصبح يتمتع بدرجة من قوّة التأثير وغزارة المصادر تكافىء تلك التي يتميز بها كمبيوتر سطح المكتب· وأما ظاهرة (اختفاء الحواسيب) فتعني شيئاً واحداً يتعلق بتصغير حجومها وتكييف أشكالها على النحو الذي يجعلها قادرة على الاختباء تحت ياقة القميص أو ربطة العنق أو كعب الحذاء· ويفضّل بليكسلي أن يضع مبرراً نفسياً لتبنّي هذه الظاهرة يفيد بأن الناس لا يحبون أن يراهم أحد وهم مدجّجين بالأجهزة والأدوات التكنولوجية· وربما تكمن أهم التطبيقات العملية للآلات الخفية في الطب وحيث يفضل مرضى القلوب أو ضعيفي السمع استخدام أدوات غير مرئية لمساعدتهم على تجاوز هذا القصور الصحي بدلاً من الآلات ذات الشكل المثير للشفقة التي تستخدم اليوم لهذه الغايات· ولا شك أن هذه الأمثلة القليلة ليست إلا بعض الشواهد المعبرة عن توجّه جديد تماماً وذي تأثيرات اجتماعية واقتصادية هائلة على المجتمعات الحديثة، ويتمثل بحلول عصر الآلات والأدوات الخفيّة المندسّة في بيئتنا كلها·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©