السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاستقرار الأسري والتوافق النفسي ركائز التفوق الدراسي

الاستقرار الأسري والتوافق النفسي ركائز التفوق الدراسي
2 يناير 2011 21:17
كثير من الآباء والأمهات يشكون من عدم تقبل ابنهم المراهق للمدرسة في بعض الأحيان، أو أنهم يلاحظون فتوراً وعدم قابليته الكبيرة للمدرسة، أو أنه يكره المدرسة كرها شديداً ويريد الانتقال منها فجأة. ومن ثم يصبح التساؤل الذي يطرح نفسه: "كيف أجعل ابني يتقبل ويحب المدرسة ويستمر فيها؟" .. قبل أن نتعرض للإجابة على هذا التساؤل المهم، علينا أن ندرك أن تربية الأبناء في هذا العصر أصبحت عملية صعبة ومعقدة، حيث يرى كثير من رجال الفكر التربوي وغيرهم أنها علم وفن، فهي بلا شك تتطلب الكثير من الجهد والعلم والمعرفة والإدراك والإحاطة والحكمة والصبر. فتربية الأبناء قبل عشر سنوات ربما كانت أسهل بكثير من تربيتهم اليوم، وذلك نتيجة لصعوبة الحياة وتعقيداتها وتأثير متغيرات كثيرة فرضتها معطيات العصر وتحدياته. فأحياناً يستفز الطالب المدرسين، ويتذمر من المدرسة والمدرسين، وتتسم سلوكياته باللامبالاة بالدراسة أوبالآخرين ...الخ ، ومع ذلك، فإن ثمة سلوكا وتصرفات، غالبا ما تكون متوقعة لدى كثير من الشباب الذين هم في مثل سنه- سن المراهقة- حيث يشعر المراهق بأنه أصبح رجلاً، فيكون لديه الميل نحو الاستقلال والتمرد وعدم الانصياع للأوامر، وخاصة السلطوية منها، سواء في البيئة الأسرية الصادرة من الأب، أو في المجتمع المدرسي والموجهة من المعلمين على سبيل المثال. ولهذا فمن الصعوبة بمكان استمرار الابن المراهق بنفس الوتيرة والطباع التي كان عليها صغيراً دون التأثر والاستجابة للمتغيرات التي طرأت على حياته، سواءً الفسيولوجية منها أو العقلية، أو الاجتماعية ..الخ، الناتجة عن مرحلة المراهقة التي يمر بها والتي تعد من أهم وأخطر محطات حياة الفرد، كونها المرحلة التي تتشكل فيها ملامح شخصيته، وتتبلور فيها جوانب عقليته. فإذا ما وجد المراهق بيئة أسرية على مستوى من الوعي والإدراك في كيفية التعاطي معه وتوجيه توجيها سليما، ووجد أيضًا مجتمعا مدرسيا يفهمه ويقدره ويحتويه، فإن هذه المرحلة تمر بصورة تكاد تكون خالية من التوترات داخل البيئة الأسرية والمجتمع المدرسي، وإن لم يجد مثل هذا الجو، ولم تتوافر مثل هذه الظروف، فلربما تتصادم شخصية المراهق مع الآخرين، وقد يصبح حاد الطبع والمزاج، الأمر الذي يستدعي طلب المساعدة لمعالجة الموقف. ومن هذا المنطلق، وللتعامل مع سلوك وتصرفات الابن، ننصح الآباء والأمهات بالتعاون والتواصل الدائم مع إدارة المدرسة وإبلاغها بما يحدث للابن من قبل بعض المدرسين من تجاوزات أو إهانات إن وجدت، والتعاون والتواصل مع المرشد الطلابي أو الاختصاصي الاجتماعي بشأن وضع الطالب وحالته وظروفه، بهدف المساعدة في حل مشكلته إما مع المعلمين، أو الطلاب، أو المدرسة أو مع الطالب نفسه أو معهم جميعاً. كما يجب أن تتوافر مساحة حوارية بين الآباء والأمهات من جهة، وبينهما وبين الابن من جهة ثانية، والحديث معه بأسلوب هادئ ولغة خالية من الضغط والتخويف وبعيدًا عن النقد أو اللوم أو الزجر والتوبيخ، مع إشعاره بمدى أهميته بالنسبة للأسرة والناس والمدرسة والمجتمع، ومدى حب الجميع له، وكم تكون الفرحة غامرة به حينما يكون سعيدا وناجحا. ومن جانب آخر محاولة التعرّف على آرائه ومتطلباته، واحتياجاته، والمبادرة بتأمينها، لأن مجرد تأمين المأكل والمشرب والمسكن الملائم أمر مهم، ومع ذلك، لا بد من توفير الأمن النفسي، والاستقرار الذهني، فربما يشقّ على الفرد أن يكون متفوقا ومتميزا في ظل عدم إشباع تلك الحاجات الأساسية أو بعضها أو عدم إحساسه بالأمن وشعوره بالخوف أو التهديد والعقوبة إما من الأب أو غيره. فالفرد قلما ينجز أو يبدع في ظل ثقافة الخوف. وأن تحاول الأسرة أن تسند إلى الابن بعض المهام والمسؤوليات المتعلقة بالمنزل والتي يمكنه القيام بها وتشعره بأهميته، مع تشجيعه ومدحه أمام الأهل والأصدقاء بحضوره كلما أنجز مهمة ما، مع التدرج في تكليفه بمهام مختلفة ومتنوعة وذلك سعياً لاستعادة ثقته بنفسه وتعزيزاً لذاته. والتأكد من أن أصحابه على مستوى من الخلق القويم، وتشجيعه على تكوين صداقات مع من تتوافر فيهم الجدية والاستقامة ، سواء من داخل البيئة المدرسية، أو من خارجها، من أبناء الأهل والأصدقاء والأقارب ممن هم في سنه. ومن الأهمية إشراكه في بعض الأنشطة التي يحبها لما لها من فائدة كبيرة على المستوى الشخصي والاجتماعي. واستخدام أسلوب التلميح والتنويه معه بدلا من المواجهة المباشرة وخاصة إذا لمست منه بعض السلوكيات والتصرفات غير المناسبة، وتوجيه النصح بصورة ذكية بعيدًا عن أسلوب التهديد والوعيد، وفي الوقت المناسب. ونعيد ونذكر أن هذا كله لابد أن يتم بتعاون وتنسيق وتفاعل كامل مع المدرسة وليس بمعزل عنها طوال سنوات دراسة الطالب فيها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©