السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الصين تتجه إلى الاعتماد على «الإنسان الآلي» في الصناعة

الصين تتجه إلى الاعتماد على «الإنسان الآلي» في الصناعة
8 يوليو 2012
ربما تكون أيادي الإنسان الآلي التي تعمل على لحام أطر السيارات بسرعة واضحة في أحد المصانع التابعة لشركة “جريت وول” في مدينة بودينج، إجابة شافية للارتفاع السريع في أجور العاملين في الصين. وتعني أجهزة الإنسان الآلي السويسرية وآليات أخرى تملأ ساحة الشركة الصينية الخاصة العاملة في صناعة السيارات، أكثر من مجرد خفض للتكلفة، حيث تأمل في أن تساعدها على إنتاج سيارات بالجودة الكافية التي تؤهلها لمنافسة شركات صناعة السيارات العالمية الأخرى. ويقول لي شاهوي، المشرف على هندسة التحكم التلقائية للشركة، :”ليس من الضروري أن يكون الفرد خبيراً حتى يتمكن من إدراك الفرق بين السيارات الصينية وتلك التي تنتجها شركات أخرى مثل (أودي) أو (فولكس فاجن). وللتغلب على هؤلاء المنافسين، ليس أمامنا خيار سوى اللجوء إلى استخدام تقنيات ومعدات ذات تقنيات عالية”. ويعتمد قطاع الصناعة الصيني بشدة على الآليات لتسيير صناعات مثل السيارات والرقاقات. ووفقاً لمجموعة “نوميورا” اليابانية للخدمات المالية، تستخدم نحو 28% من مصانع الآليات في الصين أجهزة التحكم الرقمية، النسبة التي تقل كثيراً عن اليابان عند 83%، إلا أن الصين تنمو بسرعة أكثر مقارنة بالصين في المرحلة نفسها من التطور. و”فوكس كون للتقنية” التي تقوم بصناعة منتجات لشركة “أبل”، ربما تكون واحدة من بين أكبر هذه الشركات. انتهاء مرحلة «الجيوش الرخيصة» إن جيوش العمال الرخيصة التي جعلت من الصين قوة صناعية، لم تعد لا بتلك الكثافة العددية ولا بانخفاض التكلفة الذي كانت عليه في السابق. ولمقابلة ذلك، زاد معدل إنفاق الشركات الصناعية بشدة على الماكينات التي تزيد من حجم الإنتاج ومن جودة السلع. ويشكل هذا التحول تحدياً متزايداً للشركات الصناعية في أميركا واليابان وأوروبا التي لم تتعود على منافسة نظيراتها الصينية في ما يختص بشريحة السلع الراقية في أسواقها. وبعبارة أخرى، ربما تنتفي قريباً جداً سمعة الصين كمقر لصناعة بعض أنواع السلع الرخيصة مثل لعب عيد الميلاد، لتتحول إلى مركز لإنتاج سلع راقية ومتطورة من معدات طبية ومحركات طائرات وسيارات فاخرة. ويقول ريموند تسانج، الشريك في مؤسسة “بين” الاستشارية في الصين، :”من المنتظر أن تواجه الشركات الأجنبية المزيد من الضغوطات من قبل الشركات المحلية التي تعمل على تطوير منتجاتها وجودتها وزيادة سعتها”. وأحرزت “جريت وول، نجاحاً مبكراً نتيجة الجهود التي بذلتها للتفوق على العلامات التجارية العالمية، حيث تمكنت موديلات مثل “هافال” الرياضية و”وينجل” نصف النقل، من كسب أرضية مناسبة في السوق الأسترالية حيث يتم بيع هذه الموديلات بنصف قيمة نظيراتها اليابانية. كما أصبحت أربعة من موديلاتها، أول سيارات صينية تجتاز متطلبات السلامة والانبعاثات الكربونية في أوروبا، على الرغم من أنها لم تطرح للبيع بعد هناك. تكلفة باهظة لكن تكلفة التحول نحو التشغيل الآلي لم تكن قليلة أبداً، حيث يبلغ سعر النوع نفسه من الإنسان الآلي المستخدم في شركة “جريت وول” نحو 4 ملايين ين (50,760 ألف دولار)، وربما يتطلب تسيير خط إنتاج واحد 100 جهاز من هذا النوع. كما ينبغي إضافة تكلفة الوقت الضائع عندما تحتاج الماكينات إلى صيانة أو تعديل لتتمكن من صناعة منتجات جديدة. ونتيجة لضعف الأجور ولفترة طويلة من الوقت، لم تستحق عمليات التشغيل الآلي إنفاق الكثير من الأموال عليها، حيث إن الشركة ليست في حاجة لشراء جهاز تغليف مثلاً، بينما تقل تكلفة استئجار غرفة ملأى بالعمال لأداء المهمة نفسها. لكن الزيادة المستمرة في أجور العمالة رجحت كفة الاستعانة بالماكينات. وارتفعت أجور العاملين في القطاع الخاص في المدن الصينية بنحو 12,3% في السنة الماضية، مما جعلها تواجه نقصاً حاداً في عدد العاملين. ويقول أندي روثمان، الاقتصادي لدى “سي أل أس أيه” واحدة من أكبر المؤسسات العاملة في وساطة الأسهم والخدمات المالية في المنطقة، :”الجميع يقومون بذلك نتيجة للمنافسة الحادة في الصين وللزيادة في تكلفة المواد الخام وأجور العمال. لذا، فإن الطريقة الوحيدة لبقاء معظم الشركات، أن تزيد من معدل إنتاجها وأن السبيل الأمثل لتحقيق ذلك هو من خلال استخدام المعدات الحديثة”. كما يصب الطلب على السلع ذات الجودة العالية أيضاً في مصلحة عمليات التشغيل الآلي، حيث يصعب على السلع المصنعة يدوياً منافسة المنتجة آلياً من منطلق السعر والجودة. وتُعد الجودة والتناسق من أكبر العوامل التي تحدد نجاح المنتجات ذات التقنية العالية. ولتضمن الشركات الصينية المنافسة خارجياً، يترتب عليها تحقيق مستويات محددة، وأن يصادق عليها عملاؤها، مما يؤكد أهمية التشغيل الآلي للوصول إلى الجودة. ولم تكن الحكومة بمعزل عن ذلك عندما وضعت التطوير الصناعي على رأس أولوياتها في خطتها الخمسية الأخيرة جنباً إلى جنب مع إعادة توازن الاقتصاد نحو المزيد من الاستهلاك المحلي. وقاد ذلك بكين نحو ضخ المليارات من الدولارات في الصناعات الإستراتيجية، مثل الطاقة النظيفة والسكك الحديدية فائقة السرعة، بغية تشجيع استيراد الآليات المتطورة. خطة طويلة الأجل لكن لا يزال أمام الصين عدد من السنوات لتصبح خطوط الإنتاج التي تعتمد بالكامل على تشغيل الآليات، شائعة الاستخدام كما هي الحال في اليابان. وتبقى تكلفة العمالة الصينية ضخمة ورخيصة حتى في ظل التضخم، مقارنة باليابان وألمانيا. وعلى الرغم من المرحلة المتقدمة التي بلغها استخدام الآليات في الصين، إلا أنها لا تزال بعيدة بالمقارنة مع اليابان، نظراً للكثافة السكانية العالية التي تتميز بها البلاد. ومن بين الشركات التي توجهت نحو استخدام الآليات في الصين، “فوكسون” التي تخطط لاستخدام نحو مليون رجل آلي في مصانعها الصينية على مدى الثلاث سنوات المقبلة. ولا تجيء هذه الخطوة نتيجة لارتفاع تكلفة العمالة فحسب، بل لعدد من حالات انتحار العاملين والدعاوى التي رفعت ضدها بحجة سوء ظروف العمل. وتعتبر الزيادة في طلب الآليات من الفوائد التي تنعم بها الشركات التي تقوم بتصنيع معدات مثل أجهزة الاستشعار ومحولات التردد وسيور نقل الحركة وأنظمة التحكم في الهواء المضغوط المستخدم في الطائرات وغيرها. وتتوقع شركات مثل “ميتسوبيشي” و”فانوك” اليابانيتين و”أيه بي بي” السويسرية، وغيرها التي تعمل على توريد هذه المنتجات للصين، ارتفاع مبيعاتها إلى 100 مليار ين بحلول 2015، من واقع 60 مليار في 2011. ويؤثر هذا التوجه أيضاً على الاقتصاد عموماً. وبغض النظر عن قوة الصين الصناعية إلا أن معدل إنتاجها لا يزال ضعيفاً، حيث يبلغ معدل إنتاج العامل الأميركي 84,580 ألف دولار، بينما لا يتجاوز إنتاج نظيره الصيني سوى 5,228 ألف دولار فقط. وتفسر هذه الفجوة التي تقدر بنحو 16 إلى 1، نسبياً بارتفاع قيمة السلع التي تنتجها المصانع الأميركية، ولكن أيضاً للاستخدام المكثف لرأس المال والتقنيات الحديثة. ويقول لويس كويجيس، الاقتصادي لدى “معهد فنج الدولي” في هونج كونج :”يعتبر تشغيل الآليات والماكينات من العوامل الأساسية في زيادة الإنتاج، وأمام الصين فرصة كبيرة لرفع معدل إنتاجها من خلال استخدام قوتها العاملة لاستغلال هذه التقنيات”. وتُعد مستويات الاستثمارات الصينية عالية قياساً بالمستوى العالمي، حيث بلغت الاستثمارات الصناعية 10,3 تريليون يوان (1,6 تريليون دولار) خلال العام الماضي، أي بزيادة قدرها 31,8% عن 2010، ليذهب نصيب كبير منها في إقامة مصانع ذات تقنيات جديدة. ويقول أندي روثمان، :”تشهد الصين مستوى كبير من الاستثمارات في القطاع الصناعي، لكن لم يخصص معظمها لزيادة السعة الإنتاجية، بل لرفع الكفاءة العمالية. لكن لا تزال المصانع التي تعمل في المناطق الريفية، تعتمد على الأيدي العاملة مما يجعل الطريق أمام الصين طويلة لتبني الآليات بصورة أكثر شمولية. نقلاً عن: «إنترناشونال هيرالد تريبيون» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©